توقيت القاهرة المحلي 07:23:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تاريخ المرتزقة (5-6)

  مصر اليوم -

تاريخ المرتزقة 56

عمار علي حسن


ولم يعد تجنيد المرتزقة مقصوراً على الدول أو القادة العسكريين الرسميين، بل بدأ الأمر يسند إلى شركات خاصة منذ منتصف سبعينات القرن المنصرم. ففى عام 1975 أسس ضابط بريطانى مطرود من الخدمة العسكرية يدعى جون بانكس شركة لتصدير المرتزقة تحت لافتة «المنظمة الدولية لخدمات الأمن» لكن الظروف لم تسمح باستمرار هذه الشركة على قيد الحياة، لكنها سمحت باستمرار شركة مماثلة تم تأسيسها فى الوقت ذاته على يد المرتزق العالمى بوب دينار تحت اسم «شركة ما وراء البحار للأمن والحماية». وسار كثيرون على الدرب الذى سلكه «دينار» حتى وصل عدد هذه الشركات فى العالم أجمع حالياً لمائة شركة، منتشرة فى أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا، منها خمس وثلاثون شركة فى الولايات المتحدة بمفردها، على رأسها شركة «بلاك ووتر» التى تمكنت من تجنيد ما بين خمسة عشر وعشرين ألف مرتزق للقتال إلى جانب القوات الأمريكية فى العراق.

وقد أسس إريك برينس، الذى ينتمى إلى التيار المسيحى اليمينى المتطرف فى الولايات المتحدة، هذه الشركة، التى ولدت فكرتها فى رأسه بين عامى 1995 و1996 حين كان يتدرب فى أحد معسكرات البحرية الأمريكية، بينما كانت القوات المسلحة الأمريكية تفتح الباب على مصراعيه أمام القطاع الخاص للمساهمة فى أعمال مساندة للجيش.

لكن شركة بلاك ووتر التى تعنى «المياه السوداء» نسبة إلى المستنقعات المظلمة التى أنشئت فى قلبها، لم تطفُ على السطح سوى عام 2002 تحت اسم «شركة بلاك ووتر للاستشارات الأمنية» مستفيدة من الأجواء التى أعقبت حادث الحادى عشر من سبتمبر، وإلى درجة حدت بأحد مسئوليها المتنفذين لأن يقول: «لقد ساعد بن لادن على تحويل شركتنا إلى الهيئة التى هى عليها حالياً».

وتفتخر بعض قيادات بلاك ووتر بعضويتهم فى أخوية «فرسان مطالة العسكرية»، وهم مرتزقة مسيحيون متطرفون كونوا جماعتهم فى القرن الحادى عشر الميلادى إبان الحروب الصليبية، للدفاع عن الأراضى التى استولى عليها الفرنجة آنذاك من العرب والمسلمين.

وراحت بلاك ووتر تستقطب المرتزقة من كل حدب وصوب، وفى صدارتهم مجموعة من رجال الكوماندوز السابقين فى الجيش التشيلى، ثم أخذ نشاطها دفعة قوية بحصولها عام 2003 على عقد لحماية بول بريمر الحاكم الأمريكى للعراق آنذاك، أتاح لها أن تدفع ستمائة دولار يومياً لأى جندى يتعاقد معها، بينما كانت تحصل هى من مموليها على نحو ألف وخمسمائة دولار عن كل جندى. ولم تكتف هذه الشركة بحماية المسئولين الأمريكيين فى العراق، بل شاركت فى بعض المعارك، وأهمها معركة الفلوجة التى وقعت فى نوفمبر من عام 2004 وارتكبت مجازر بشعة ضد المدنيين الأبرياء، حيث استخدم المرتزقة أسلحة وذخائر محرمة دولياً.

وقد تزامل المرتزقة مع العسكريين الأمريكيين النظاميين فى العمل على متن السفن الحربية الأمريكية فى الخليج العربى أثناء حرب احتلال العراق. وكان هؤلاء ينتمون إلى أربع شركات عسكرية خاصة لديها خبرة فى تشغيل بعض أنظمة التسليح الأكثر تعقيداً فى العالم. وساهمت هذه الشركات فى تشغيل وصيانة الطائرات بدون طيار من طرازى «بريداتور» و«جلوبال هوك»، علاوة على القاذفات من طراز «بى-2»، التى بوسعها الاختفاء عن شاشات الرادار. ويحل المرتزقة محل الجنود الأمريكيين المقاتلين فى كل شىء من الدعم اللوجيستى إلى التدريب الميدانى والاستشارة العسكرية فى الداخل والخارج.‏

أما أول من أسس شركة مرتزقة أجنبية فى العراق، فهو الفرنسى فيليب لافون، الذى أدى خدمته العسكرية جندياً بالبحرية الفرنسية، ثم عمل مرتزقاً فى كوت ديفوار وزائير وجزر القمر وكوسوفا. وأقدم لافون على هذه الخطوة استجابة لطلبات كثيرة وملحة لتوفير مرتزقة للخدمة على أرض الرافدين. وقد استأجر بناية فخمة فى بغداد واتخذها مقراً لشركته، ثم راح يجلب مقاتلين مأجورين من هنا وهناك.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تاريخ المرتزقة 56 تاريخ المرتزقة 56



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon