توقيت القاهرة المحلي 19:11:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جدوى «السير الذاتية» (2-2)

  مصر اليوم -

جدوى «السير الذاتية» 22

عمار علي حسن


يقرأ الناس السير الذاتية للعظماء لا ليتعرفوا على علاقاتهم الإنسانية ونزواتهم أو ذويهم، بل للاستفادة من تجاربهم والتعلم من خبرتهم فى مواجهة المشكلات المشابهة التى تعترض طريقهم. فالروائى الشاب مثلاً يريد من سيرة ذاتية لروائى بارز أن يتعرف على العناصر التى ساهمت فى تكوينه الإبداعى، والعقبات التى صادفته فى بداية طريقه، وكيف تغلب عليها، وطريقته ومذهبه فى الكتابة، والكتب التى قرأها، وتقييمه لما أنتجته قريحته، والسياق السياسى الاجتماعى الذى أحاط بتجربته الإبداعية ومدى تأثيره عليها، أكثر من رغبته فى معرفة أى نوع من الطعام يأكل، وأى لون من الملابس يفضل. والباحث يقرأ سيرة باحث كبير سبقه على الدرب ليتعلم منه أسس التفكير، وكيفية التكوين، وسبل الكتابة العلمية الناضجة.

فى المقابل هناك ندرة شديدة فى السير الذاتية للمؤسسات، بالمعنى الكامل والشامل والدقيق. فكثير من الوزارات والهيئات والشركات والمنظمات تكتب تعريفاً مختصراً عنها، يأخذ شكل الدعاية أو التوثيق، لكنه لا يرقى بأى حال من الأحوال إلى السيرة التى تؤرخ ليس فقط للشكل الخارجى والعابر والرسمى للمؤسسة، إنما لطبيعة الدور أو الوظيفة التى تقوم بها، والخبرات التى تراكمت فيها، والتفاعلات التى تقوم بين أعضائها، والأهداف التى وضعتها، والسبل التى سلكتها بغية تحقيق هذه الأهداف.

وهذا العيب ليس قاصراً على وضع المؤسسات فى العالم العربى، إنما هو أبعد من هذا بكثير. فها هو دونالد أبلسون ينبئنا فى «هل هناك أهمية للمؤسسات البحثية؟ تقويم تأثير معاهد السياسة العامة»، الذى ترجمه ونشره مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بأن جوزيف بسشيك Joseph Peschek قد أعد دراسة عام 1987 لاحظ فيها أن بحوثاً قليلة قد أجريت حول دور المؤسسات البحثية فى عملية صنع السياسات، وأن بحوثاً معدودة ومقالات أكاديمية، وكتابات تم تأليفها عن تاريخ بعض المؤسسات البحثية الأمريكية البارزة، لكن هذا لم يرسخ كتقليد علمى، أو مسار عفى وقوى فى الحياة الفكرية والأكاديمية هناك.

وبالقطع فإن سيرة مركز دراسات وأبحاث تختلف عن سيرة وزارة أو شركة، لأن فى حالة الوزارة يكون التركيز بالأساس على الأشخاص الذين يحتلون المناصب العليا فى هيكل الوزارة، وطبيعة هذا الهيكل أو التنظيم، والقرارات التى اتخذها، واللوائح التى تحكم سير العمل، والإجراءات التى يتم اتباعها.

أما فى حال مركز الدراسات، كمثال للمؤسسات، فإن السيرة يجب أن تنصبّ بالأساس على طبيعة المهمة البحثية، والأهداف الموضوعة، وما إذا كان العمل المنتج يحقق هذه الأهداف من عدمه. وهذا معناه أن نعرف: كيف نشأت الفكرة، وكيف أخذت طريقها إلى التطبيق العملى، ومن وراء هذا الفكرة، ومن يقف خلف عملية التطبيق تلك، والمستويات والاتجاهات التى تأخذها، ومدى تعبير «المنتج العلمى» عن وظيفة المركز وطبيعة العلاقات بين الباحثين فى سياق ما يسمى «روح الفريق» أو «المجموعة البحثية»، والطريقة التى يدار بها العمل اليومى، والأحلام التى تراود كل العاملين بالمركز، سواء كانوا باحثين أم موظفين إداريين وخدميين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدوى «السير الذاتية» 22 جدوى «السير الذاتية» 22



GMT 10:03 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مش معقول.. ستة دنانير فطور صحن الحمص!

GMT 09:32 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

«آخر الكلام»

GMT 09:31 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

إنَّما المَرءُ حديثٌ بعدَه

GMT 09:30 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!

GMT 09:29 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

سفينة العراق والبحث عن جبل الجودي

GMT 09:27 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا: المفاجأة الكبرى أمام ترمب

GMT 09:26 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثلث نساء العالم ضحايا عنف

GMT 09:24 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

أوكرانيا...اليوم التالي بعد الألف

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon