توقيت القاهرة المحلي 05:43:46 آخر تحديث
الأربعاء 16 نيسان / أبريل 2025
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

رأس المال الاجتماعى (2-2)

  مصر اليوم -

رأس المال الاجتماعى 22

عمار علي حسن

.. وقد نظر الدكتور سامح فوزى فى كتابه المهم «القوة الخفية» من خلال دراسة ميدانية، سبقها طرح نظرى غاية فى التماسك والعمق والجدة والجدية، إلى رأس المال الاجتماعى بوصفه «منتجاً يتشكل من تفاعل مصادر عديدة، حكومية وغير حكومية، وتلعب الروابط الاجتماعية دوراً فى تكوينه، سواء كانت فى صورة مؤسسية أو غير مؤسسية»، ليرمى إلى تحديد مفهوم رأس المال الاجتماعى، لا سيما فى سياق علم الإدارة العامة، وتقديم مداخل جديدة بغية تفعيل دور الدولة عبر الشراكة مع المجتمع فى إنتاج وتعميق قيم الثقة والرضا والتضامن، ثم تتبع وتحديد مدى إسهام المجتمع الأهلى فى إنتاج رأس المال الاجتماعى، وذلك من خلال دراسة جمعيات متماثلة (العلمية) ومتمايزة (التنمية الاجتماعية) بواسطة «استقصاء» شمل مائة وخمسين فرداً.
وقد سعى الباحث فى دراسته تلك للإجابة عن أسئلة عينها ابتداء وتلمس معناها ومبناها فى كل ما ورد بأطروحته، متناً وهامشاً. من بين هذه الأسئلة: كيف يمكن بلورة اتجاه لدراسة رأس المال الاجتماعى فى علم الإدارة العامة؟ وهل هو متصل أم منفصل عن الاتجاهات فى علوم السياسة والاجتماع والاقتصاد؟ أم أنه نتيجة مباشرة للنظرة المتكاملة لدراسة المفهوم بمختلف مشتملاته وحمولاته؟ وإلى أى حد يمكن اعتبار رأس المال الاجتماعى منتجاً لتفاعل مصادر حكومية وغير حكومية؟ وكيف نقيسه؟ وما مقدار إسهام المجتمع الأهلى والارتباطات العائلية والأسرية فى تكوينه؟ وكيف نثرى هذا الإسهام ونعززه؟
وانطلق نحو الإجابة عن هذه الأسئلة من تعريف محدد لمفهوم رأس المال الاجتماعى باعتبار أنه «مجموعة من القيم التى تتولد لدى الأفراد نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لعضويتهم فى روابط اجتماعية، وتكوينات مؤسسية حكومية وغير حكومية، تقليدية وحديثة، على نحو يساعدهم على تحقيق الأهداف المشتركة، ومواجهة التحديات المشتركة على نحو سلمى، وفى سياق من التفاعل البناء».
وقد خلص الباحث إلى نتائج مهمة تتمثل فى أن المؤسسات الاجتماعية التقليدية مثل الأسرة والأقارب والتجمعات الدينية على التوالى تشكل مصدراً رئيساً فى إنتاج قيم رأس المال الاجتماعى، بينما احتلت مؤسسات المجتمع الأهلى تقديراً متوسطاً. وعلى النقيض من هذا شكلت المؤسسات الحكومية مصدراً سلبياً فى تكوين قيم رأس المال الاجتماعى لدى أعضاء الجمعيات الأهلية التى خضعت للدراسة.
ولم يقف الباحث عند تشخيص الداء، بل سعى إلى وصف الدواء، فوضع عدة توصيات بغية تعزيز إسهام الجمعيات الأهلية فى إنتاج وإثراء رأس المال الاجتماعى سواء على مستوى الرؤية والرسالة أو الهيكل التنظيمى والثقافة الإدارية. وفى الأولى يطلب أن تنبع المؤسسات الأهلية من قلب المجتمع كى ترعى شئون الناس وتحسن مجرى حياتهم، شرط أن تحوز المصداقية، وتتمتع بالديمومة، فالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، على أن يتم تعبئة الموارد على نحو يجعل من أعضاء المؤسسات الأهلية أصحاب مصلحة.
وفى الثانية يدعو الباحث إلى بساطة الهياكل الإدارية وارتباطها المباشر باحتياجات الواقع، وتفعيل آليات المشاركة بما يقود إلى رفع مستوى النزاهة العامة، وتعزيز الأسلوب التشاركى فى الإدارة. أما الثالثة فينصح فيها بنشر الثقافة المدنية، وتطبيق مبادئ الحكم الرشيد فى إدارة العمل بالجمعية الأهلية، وفى مطلعها المساءلة والشفافية وإعلاء الأخلاق.
إن هذا الكتاب يسد فراغاً فى المكتبة العربية، لأنه يعالج بطريقة منضبطة علمياً قضية غاية فى الأهمية، وباتت فريضة اجتماعية فى المرحلة الراهنة، لأن بناء النظم الديمقراطية الحقيقية عقب الثورات يتطلب بناء المؤسسات الاجتماعية الوسيطة، التى تحمل الناس وتنظم طاقاتهم، وتحشد جهودهم، وتشكل حائط صد أمام تغول السلطة وتجبرها أو تحولها الديمقراطية إلى مسألة شكلية عابرة الإجراءات وسطحية القيم وفقدان نبل المقصد. إن هذه الأبنية وما ينجم عنها من تصرفات وعلاقات وقيم هى القوة الخافية التى تسرى فى أوصال المجتمع ولا يمكن نكرانها إلا عن جهل أو تنطع.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رأس المال الاجتماعى 22 رأس المال الاجتماعى 22



GMT 05:43 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

على الرحب

GMT 05:41 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

الشرق الأحمر!

GMT 05:39 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

عن مصير الدولار!

GMT 05:37 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

الأردن و«الإخوان»... الضربة القاضية

GMT 05:35 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

مرّة أخرى عن الذكرى الخمسين للحرب اللبنانيّة...

GMT 05:33 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

خبر فلسطيني مُبَشِّر

GMT 05:31 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

أحداث مثيرة؟!

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,16 إبريل / نيسان

أوروبا... مظلة نووية أميركية أم فرنسية؟

تنسيقات مثالية للنهار والمساء لياسمين صبري على الشاطيء

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:00 2025 الثلاثاء ,15 إبريل / نيسان

أمير كرارة يخوض تجربة فنية جديدة
  مصر اليوم - أمير كرارة يخوض تجربة فنية جديدة

GMT 19:50 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

المصري محمد صلاح يُتوَّج بأوّل جائزة في العام الجديد

GMT 07:09 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

وجهة شهر العسل الساحرة جزيرة لنكاوي

GMT 03:04 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

دلال عبدالعزيز تُوضِّح أنّ فيلم "كازابلانكا" عمل مُهمّ

GMT 04:23 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

اختاري إطلالتك على طريقة مدونة الأزياء دلال الدوب

GMT 16:07 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على قواعد "الاتيكيت" المُتعلِّقة بمقابلة العمل

GMT 09:40 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

"ساو باولو" البرازيلي يعلن مقتل لاعبه دانييل كوريا

GMT 03:19 2018 الجمعة ,05 تشرين الأول / أكتوبر

تركي آل الشيخ يؤكّد أن قرار إنهاء تجربة "بيراميدز" نهائي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon