توقيت القاهرة المحلي 07:57:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رواية عن معاناة كاتبها (1-2)

  مصر اليوم -

رواية عن معاناة كاتبها 12

عمار علي حسن

لا يكف الأديب الأستاذ أسامة حبشى عن صناعة الدهشة، إذ تبقى هى المقصد الغالب على سرده، إلى جانب نزوعه نحو تجريب أشكال أخرى للكتابة الروائية، حسبما أمدّنا فى أعماله السابقة «خفة العمى» و«موسم الفراشات الحزين» و«سرير الرمان» و«حجر الخلفة». وإبداعاته السابقة تلك قد تجعلنا نظن أنه قد منح مفتاح دخول يسيراً لروايته الأخيرة التى أعطاها عنواناً مختلفاً هو «1968»، ليذكرنا به فحسب بعنوان جورج أورويل الشهير «1984» وثلاثية المصرى جميل عطية إبراهيم «1952» و«1954» و«1981» والرواية التى يكتبها الجزائرى واسينى الأعرج «العربى الجديد: 2084» وثار بشأنها جدل لتشابه مضمونها مع رواية أخرى لمواطنه بوعلام صنصال وعنوانها «2084: نهاية العالم».

لكن رواية «1968»، الصادرة عن دار العين للنشر، لا تأخذ منحى التأريخ ولا التنبؤ الذى أخذته كل تلك الروايات، إنما تحفر فى اتجاه مغاير، خالطة الحكمة بالهذيان، والواقعى بالمتخيل، وساعية وراء نصوص لأربعة أدباء كبار هم المكسيكى خوان رولفو، والروسى دوستويفسكى، والجزائرى مالك حداد، والسودانى الطيب صالح، الذى أهدى إليهم الكاتب روايته وبدا متيماً بنصوصهم، ومتفاعلاً معهم أحياناً، أو سابحاً فى عوالمهم المدهشة الموزعة على السحر والجنون والعفوية، لكنه لا ينقل عنهم.

ما سبق قد يوحى بأننا أمام رواية سهلة التناول، تتهادى لقارئها بلا عناء، لا سيما أن حجمها لا يزيد على 118 صفحة من القطع المتوسط، لكن ما إن تبدأ فى مطالعة أول سطورها حتى تجد نفسك فى حاجة ماسة إلى أن تطلق كل حواسك لتستيقظ، حيث تقول: «ماذا أنتظر من رجل كلما ذهبت عيناه للغفوة قليلاً وجد نفسه يبتلع جسماً كبيراً، غريباً، وبمجرد أن يبدأ فى ابتلاع جسم آخر مشابه، فإذا بالجسم يتوقف فى حلقه، وتبدأ يد غامضة المصدر تضرب على ظهره كى تساعده فى الإفلات من الموت، ولكنه يتقيأ قططاً. رجل يبتلع القطط».

وبعدها نكتشف أن ذلك الذى يبلع ويلفظ القطط هو كاتب، يقترب من العقد السادس فى عمره، يعيش حالة ولادة متعثرة لرواية «1968» نفسها مع أخته العانس الشاهدة على معاناته، ويكرر هذا العنوان فى صفحات عدة، وبطريقة مباشرة تصل إلى حد أن يقول فى متن النص: «روايتى ليست سياسية، ولا تتحدث عن حلم طلاب العالم أجمع، حيث حركة الطلاب فى عام 1968، ولا هى رواية عن النكسة، ولكن رواية 1968 كانت رحلة داخل الحلم المدفون داخل شخوص روايتى»، ثم يقول فى مكان لاحق عن أخته نرجس التى برعت فى صيد الطيور وتحنيطها: «يا ليتنى كنت مثلها صياداً ماهراً فى رسم شخوص روايتى 1968»، ويقول أيضاً: «فرحة إغماض إلهى قليلاً بعيداً عن ضجيج التذكر تستعصى علىّ، لا نوم ولا أفكار تسعفنى كى أنهى روايتى 1968»، و«رواية 1968 تقتل فىّ كل أمل الاستمرار فى الكتابة»، وفى موضع خامس: «مرت ساعة لم ينطق كل منا حرفاً، وتذكرت خلالها روايتى 1968»، وفى سادس يقول عن أخته: «أذكر قبل دخولى نوبة الهذيان ذات مرة أن جاءت وجلست بجانبى وحدثتنى عن روايتى 1968، وأعلنت رفضها القاطع لما كتبت»، ويدلل على الولادة المتعثرة للرواية فيقول فى موضع سابع: «حذفت ما كتبت للمرة الألف على ما أعتقد.. لم أكن مقتنعاً بما كتبته فى روايتى 1968، خاصة وأن استخدام اللغة الدارجة يرعبنى.. لذلك مزقت كل ما كتبت».

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية عن معاناة كاتبها 12 رواية عن معاناة كاتبها 12



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon