توقيت القاهرة المحلي 07:23:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

في معنى «التنوير»

  مصر اليوم -

في معنى «التنوير»

عمار علي حسن

التنوير هو حركة فكرية انطلقت فى الربع الأول من القرن الثامن عشر فى أوروبا وشارك فيها فلاسفة وأدباء وعلماء، يميل كثيرون إلى أنها بدأت فى فرنسا وانتقلت منها إلى ألمانيا وإنجلترا وعبرت المحيط إلى أمريكا الشمالية. لكن الناقد تزيفتان تودوروف لا يميل إلى هذا ويقول: «يعتقد الفرنسيون فى غالب الأحيان أن فكر الأنوار من صنيعتهم، ولكن الأمر ليس كذلك، فى بادئ الأمر تطورت الأفكار فى ما وراء بحر المانش أو فى إيطاليا، ثم تعمقت ونضجت فى وقت لاحق فى ألمانيا، بكل بساطة كانت فرنسا صندوق الصدى الذى أتاح لهذه الأفكار الانتشار فى ربوع العالم بفضل إشعاع العقل الفرنسى».

فى كل الأحوال لم تكن حركة التنوير مرتبطة ارتباطاً دائماً بأى مدرسة فلسفية معينة، وإنما كانت نتيجة للصراعات الدينية الدموية غير الحاسمة التى شهدها القرنان السادس عشر والسابع عشر. ومع هذا لم يُطرح «التنوير» نقيضاً للإيمان، أو مجافياً للاعتقاد الدينى، إنما أراد أن يجعل الإيمان مسألة فردية، ويحرر المؤمن من تبعات من ادعوا أنهم وسطاء بين العبد وربه، أو وكلاء لله على الأرض، وكان من بين التنويريين من يرون أنه حين تنتهى حدود العقل تبدأ حدود الإيمان.

والتنوير يُنسب إلى «نور العقل الطبيعى» الذى بوسعه وحده أن يقود الإنسان إلى الحكمة والصواب، ويخرجه من مرحلة القصور العقلى إلى سن الرشد، حسبما يقول الفيلسوف الألمانى عمانويل كانط، الذى كان يصرخ: «أعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب. تحركوا وانشطوا وانخرطوا فى الحياة بشكل إيجابى متبصر. فالله زودكم بعقول وينبغى أن تستخدموها».

وبهذا انبعثت روح النقد الحرة فى الإبداع الأدبى والعلمى بشقيه الطبيعى والإنسانى، وواجهت التفكير الأسطورى والخرافات، وأطلقت تيارات مختلفة صنعت ثورة فى العلم والفن والفكر وعلاقة الناس بالسلطتين السياسية والدينية، بفضل الإيمان بقدرة العقل البشرى على التطور والتغير والتقدم نحو الأفضل فى السيطرة على الطبيعة والتحرر والشجاعة فى مواجهة التحديات التى تعترض طريقه.

وفضلاً عن إطلاق حرية التعبير وإبداء الرأى حول الدين، ورفض «الحق الإلهى للملوك» ارتبطت حركة التنوير بانتشار المعرفة العلمية، ومثلما طرحت البروتستانتية فى المجال الدينى فكرة أن كل شخص ينبغى أن يتصرف حسب تقديره هو، فكذلك أصبح من واجب الناس، فى المجال العلمى، أن يتطلعوا إلى الطبيعة بأنفسهم، بعيداً عن وصاية بعض أصحاب النظريات عليهم. كما ارتبطت حركة التنوير بإحياء الروح القومية والوطنية وترتيب العلاقة بين السلطة والشعب عبر «العقد الاجتماعى».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في معنى «التنوير» في معنى «التنوير»



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon