توقيت القاهرة المحلي 07:46:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قائد ذو خيال سياسي

  مصر اليوم -

قائد ذو خيال سياسي

عمار علي حسن

بوسع القائد الملهم، ذى البصيرة، وعميق الاطلاع على وقائع التاريخ وأحداثه، أن يمتلك خيالاً سياسياً خلاقاً، يساعده على إدارة المواقف والأزمات، صغرت أو كبرت، ويمنحه قدرة فائقة على المساهمة فى تخطيط السياسات المحلية والدولية.

وتتفاوت نسبة مشاركة القائد الملهم فى صياغة القرارات واتخاذها من حال إلى آخر، وهنا يمكن أن نفرق بين مستويات ثلاثة:

1- حين يكون القائد محتكراً للقرار أو يسيطر على الجزء الأكبر منه.

2- حين يعمل القائد مع مؤسسات قوية وراسخة وواعية تسهم فى صناعة القرار.

3- حين تتسنى للقائد متابعة حركة الشارع وخطابه بدقة ووعى.

ففى الحالة الأولى تظهر الفروق الكبيرة فى التأثير على القرار بين قائد ذى بصيرة وآخر يفتقدها أو لا يتحصل إلا على نزر يسير منها. ولذا يعرف التاريخ قادة تقدموا بأممهم، حتى فى ظل نظام سياسى مستبد أو شمولى، وآخرين تخلفوا بها إلى حد جارح وبارح، لا سيما إن كانوا ضيقى الأفق ومحدودى الاطلاع وضيقى الصدور ويتسمون ببلادة المشاعر.

وفى الحالة الثانية تتضاعف فاعلية القرار، ويصبح أكثر إحكاماً وأكثر سلاسة فى التطبيق أو التنفيذ، لأن خيال القائد صار قيمة مضافة إلى التقديرات المدروسة التى صنعتها المؤسسات. أما الحالة الثالثة فهى غاية فى الأهمية إذ إن قياس نبض الناس أو الوقوف على نتاج «العقل الجمعى» لهم، يساعد القائد فى صناعة السياسة التى تتجاوب معها الجماهير، وتمتثل لها، وتتكاتف وراءها، وتسهم عن طيب خاطر فى تطبيقها، خاصة إن كانت هناك مصنوعة بعناية، عبر مؤسسات ذات خبرة إلى جانب إلهام القائد.

وقد أعطى ونستون تشرشل، الذى يراه البريطانيون أعظم زعيم بل أعظم رجل مر فى تاريخ بلادهم، مثلا ناصعاً على مدى أن يكون القائد السياسى يتمتع بقدرة هائلة على توظيف الخيال فى خدمة سياساته، لا سيما أن «تشرشل» كان فناناً مزدوج الموهبة، فهو رسام وأديب، كتب مذكراته بلغة سردية فياضة جعلت الهيئة القائمة على جائزة «نوبل» تمنحها إياه فى الآداب.

ولعل بعض المقولات التى أطلقها «تشرشل»، تبين، إن حللناها على نحو دقيق، مدى حضور الخيال فى رأسه وهو يفكر فى الحياة السياسية سواء فى أوقات سكونها واضطرابها على حد سواء.

فها هو يقول:

«التاريخ سيكون لطيفاً معى، فأنا أنوى كتابته».

«إن السياسى الجيد هو ذاك الذى يمتلك القدرة على التنبؤ، والقدرة ذاتها على تبرير لماذا لم تتحقق نبوءته».

«إمبراطوريات المستقبل هى إمبراطوريات العقل».

«سر الحقيقة ليس أن نفعل ما نحب، بل أن نحب ما نفعل».

«الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا فى تربة التضحيات وتسقى بالعرق والدم».

«الذكى من لا يرتكب كل الأخطاء بنفسه، بل يترك الفرصة لغيره».

إن هذه المقولات المنتقاة من أقوال «تشرشل» الغزيرة تعطى مؤشراً جيداً على حضور خياله كقائد سياسى، كان مولعاً إلى حد بعيد بقراءة التاريخ بإمعان شديد، لتدبر عبره وعظاته، وبالتالى امتلك قدرة فائقة على تخيل ما سيأتى، فكلما كانت تعترضه مشكلات معقدة، قد يشعر غيره أنها بلا حلول، يستدعى معرفته التاريخية، ويطرح اقتراحات غير تقليدية، جعلته قائداً عظيماً ليس فى تاريخ بلاده فحسب، بل فى تاريخ العالم بأسره.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قائد ذو خيال سياسي قائد ذو خيال سياسي



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon