توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما لم يقله البرادعى عن «رابعة» (1-2)

  مصر اليوم -

ما لم يقله البرادعى عن «رابعة» 12

عمار علي حسن

 تدور أسئلة فى أذهان كثيرين عن خلفيات استقالة الدكتور محمد البرادعى من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، ولا يجد أحد لها إجابة ناصعة. فالبرادعى لاذ بالصمت، ولم يبح المقربون منه بشىء عن هذه اللحظة الذى انسحب فيها الرجل صامتاً، وعاد ليجلس أمام حاسوبه ينقر بأصابعه من جديد، لينتج تغريدات جديدة لا تشفى الغليل. فهل كان لدى البرادعى طريقة أخرى لمعالجة الأمور غير فض تجمعى رابعة والنهضة بالقوة؟ وهل طرح هذه الطريقة وتم رفضها؟ أم اكتفى بتضييع الوقت حتى حانت اللحظة التى تؤكد السلطة الحالية أنها لم تجد بديلاً عنها فى ظل إصرار الإخوان على رفض ما ترتب على ثورة 30 يونيو وتأكيدها الذى جاء ظاهراً فى 3 يوليو و26 يوليو؟ وهل البرادعى كان يضع فصلاً جديداً فى رحلته السياسية القصيرة التى اعتاد فيها الهروب والاكتفاء بالنقد اللاذع والاتصال عن بعد بمن يعولون عليه؟ أم كان يبتعد قليلاً ليعود من جديد؟

ربما لدىّ بعض ما أقوله فى هذا المقام، وهو قد لا يجيب عن السؤال إجابة كافية شافية، لكنه يضىء جانباً لا يزال معتماً، بفعل إنكار الإخوان، وصمت البرادعى، وتداعى الأحداث سريعاً لتردم هذه اللحظة الفارقة.

والبداية كانت يوم 30 يوليو، حيث كنت متوجهاً لحضور لقاء لمناقشة الوضع الحرج الذى كان وقتها يضنى النفوس ويدمى القلوب ويحير العقول، بصحبة الدكتور محمد سعيد إدريس، الخبير السياسى المعروف، والأستاذ عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادى المعروف أيضاً، بمقر «المجلس الوطنى» فى حى المنيرة، حين اتصل بى أحد الشباب وقال لى إن هناك أخباراً عن اعتزام البرادعى تقديم استقالته. فما كان منى إلا أن طلبت الرجل لأستفهم منه عما إذا كانت هذه الأخبار حقيقية، أم هى محض شائعات مثل تلك التى لحقت به بغزارة منذ أن جاء إلى مصر قبل ثورة يناير.

كان البرادعى قد اتصل بى قبل هذا بأسبوعين تقريباً ليعرض علىّ تولى منصب وزير الشباب فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى، لكنى اعتذرت له، مثلما اعتذرت للدكتور مصطفى حجازى، مستشار رئيس الجمهورية للشئون السياسية والاستراتيجية. وكان تبريرى وقتها أن المعركة الأساسية ضد الإخوان هى معركة فكرية، وليست أمنية، وأن دورى كباحث مختص بدراسة الحركة الإسلامية خصوصاً، وعلم الاجتماع السياسى عموماً، يجب أن يستمر فى هذا الاتجاه، وقبول الوزارة سيمنعنى من الاستمرار، وبعد رحيل الحكومة المؤقتة، ستكون شهادتى أو أقوالى مجروحة إلى حد كبير. ويومها أخبرت الدكتور البرادعى بأننى أبديت فى برنامج على قناة «دريم» رفضى لتوليه منصب رئيس الوزارة، وفضلت أن يتولى منصب نائب رئيس الجمهورية لشئون التحول الديمقراطى والعدالة الانتقالية، أو للشئون الدولية والخارجية. وتفهّم الرجل وجهة نظرى. وأخبرنى أنه أيضاً يفضل ذلك، لأنه غير مستعد للاشتباك مع القضايا التفصيلية والملحة المرتبطة بالخدمات التى تقدم للمواطنين من تموين وصحة وتعليم وغيره. اتصل الدكتور البرادعى بى فى وقت كنت أتلقى فيه مكالمة هاتفية من أحد الصحفيين، وبعد انتهائها وجدت رقماً لا أعرفه، إذ لم يكن رقم البرادعى مسجلاً فى هاتفى الجديد، ولذا اتصل بى الكاتب الكبير الأستاذ إبراهيم عيسى ليخبرنى بأن الدكتور البرادعى يريد الاتصال بى ليعرض علىّ وزارة الشباب. وجرى الاتصال بالفعل، وحدث فيه ما ذكرته، وزدت عليه مناقشة أسماء أخرى مع الرجل منهم الدكتور عمرو الشوبكى والأستاذ عبدالخالق فاروق والأستاذة جميلة إسماعيل، لكن الأمر آل إلى غير هذه الأسماء الثلاثة كما نعرف.

لهذه الملابسات ربما رد البرادعى علىّ سريعاً حين هاتفته يوم 30 يوليو لأستوضح صحة خبر استقالته من عدمها. يومها قال لى: هذا كلام عار تماماً عن الصحة، وإنه يقع ضمن الشائعات التى تلاحقه، مبدياً غضبه الشديد من بعض المقالات التى نُشرت فى الصحف عنه، تهاجمه، وتحط من قدره، وتغمز فى قناته وتلمز، متهمة إياه بخيانة ثورة 30 يونيو، والتنسيق مع أطراف أجنبية ضد مصر، أو قيادة ما سموه «الطابور الخامس» لتفتيت السلطة، واحتضان الإخوان من جديد.

وقلت له إنه لم يكن يمثل نفسه حين حضر إطلاق خريطة الطريق يوم الثالث من يوليو، إنما اختير من قبَل القوى السياسية المدنية كلها، وخصوصاً «جبهة الإنقاذ» وإن وجوده فى السلطة حالياً هو امتداد لهذه الصيغة، ومن ثم فإن قرار استقالته قد لا يخصه هو فقط، إنما يعنى شركاءه، ويجب الرجوع إليهم فى هذا الصدد. وأبدى الرجل تفهمه لهذا الكلام، وقال إن الثورة على الإخوان كانت حتمية، وإن تدخل الجيش كان ضرورة، وإن مرسى وجماعته لم يحققوا مطالب ثورة يناير إنما خطفوها لصالحهم، وإنه وجد فى «خريطة الطريق» وبعدها فى «السلطة» من أجل إعادة الأمور إلى نصابها، بحيث نبدأ بـ«الدستور أولاً» كما كان يطلب دوماً، لكنه أظهر تخوفه من نتائج أى تدخل أمنى لفض تجمعى رابعة والنهضة بالقوة، منحازاً إلى ما سماه «فتح حوار» مع الإخوان لإنهاء تجمعهم بطريقة سلمية.

فقلت له: لا أحد يريد دماء، لكن التعامل مع الإخوان يتطلب معرفتهم جيداً، وسألته إن كان قد قرأ شيئاً عن تاريخهم، فأجاب بالنفى. وأخبرنى إبراهيم عيسى بعدها أنه نصحه بهذا، وجهّز له بعض كتب فى هذا الصدد، لكن البرادعى لم ينشغل بالأمر، أو يأخذه على نحو جدى فى زحمة انشغالاته.

يومها أخبرنى البرادعى بوجهة نظره، لكنه لم يكن لديه طريقة لتحقيق هدفه، فنصحته بأن يجلس مع بعض العارفين بالإخوان ممن يثق الناس بهم، واقترحت عليه الدكتور كمال الهلباوى والأستاذ مختار نوح، فطلب منى رقميهما، فأرسلت له رسالة على الهاتف تحمل ما طلب. قبلها قلت له: إن كنت تريد إبراء ذمتك فلا بأس، لكن المسألة تحتاج إلى جهد مُضنٍ، لأن الإخوان يسعون إلى صناعة مظلومية جديدة، حتى يحافظوا على تماسك تنظيمهم، مهما كان الثمن.

(ونكمل غداً إن شاء الله تعالى).

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما لم يقله البرادعى عن «رابعة» 12 ما لم يقله البرادعى عن «رابعة» 12



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon