توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معبد وشاشة وكتاب (2-2)

  مصر اليوم -

معبد وشاشة وكتاب 22

عمار علي حسن

... على هذا الأساس يمكن أن نفكر فى علاقة الإعلام بالدين والثقافة، أوسع وأبعد من أغلب ما هو سائد أو متداول فى السوق البحثية والصحفية، والذى ينظر إلى المسألة إجمالاً، خالطاً بين الدين وطرائق التعامل معه وفهمه، وبين الثقافة والحضارة وكذلك بين ما هو حقيقى فيها وهو ما هو محض مزاعم وادعاءات وافتراءات أيضاً.
وهنا يمكن أن نرى تلك العلاقة تقوم بالأساس على «تبادل المنافع» أو «الاعتماد المتبادل» بغضّ النظر عما هو أصيل فيها وما هو فرعى، أو بين ما هو خادم وما هو مخدوم. ويمكن أن أبيّن هذا فى النقاط التالية:
1- يُنظر إلى الإعلام فى الغالب الأعم على أنه مجرد أداة أو وسيلة أو قنطرة واصلة بين منتج رسالة وبين متلقيها، وبالتالى يكون «الدين» نصاً وخطاباً وممارسة، والثقافة بمختلف ألوانها، بمنزلة المضمون لهذه الرسالة، مع مضامين أخرى عديدة. لكن الإعلام لا يقف عند حد النقل، بل تفرز آلياته الذاتية مضامينها عبر علامات وشفرات ووسائل تأثير عديدة، بما يجعل بوسعه أن يتعدى مجرد المرآة العاكسة للأمور الدينية والثقافية ويزيد على كونه الجسر الرابط بين علماء الدين والمثقفين وبين الجمهور العام الذى يتابع ما ينتجونه، ويحدد من خلاله، وعبر محتويات أخرى، تصوره عن الذات والعالم والكون، فى المستوى الأساسى والعام، إلى جانب تفاصيل عديدة متعلقة بالمعارف والقيم والاتجاهات.
2- يتم التعامل مع الدين والثقافة والإعلام أيضاً، كأداة ومحتوى فى الوقت نفسه، بوصفها من «البنى الفوقية» للمجتمع التى تتأثر بـ«البنى التحتية» المتمثلة فى الأشياء المادية، وذلك وفق النظرية الماركسية. لكن فى نظرى فإن الدين والثقافة يتعدى دورهما مجرد التبعية التامة للظروف والأحوال الاقتصادية إلى التأثير المستقل فى تطور المجتمعات الإنسانية.
3- يُنظر للدين والثقافة والإعلام بوصفها من ركائز القوة الناعمة للدولة، فى مقابل ركائز القوة الصلبة أو الخشنة المتمثلة فى القدرات العسكرية والإمكانات الاقتصادية والموارد الطبيعية والموقع الجغرافى وحجم السكان ونوعيتهم. وهذه القوة الناعمة تُستخدم فى إحداث التماسك الداخلى للدولة عبر الوظائف الرئيسية التى يؤديها الخطابان الدينى والثقافى والرسالة الإعلامية فى نشر القيم التى تحض على التعايش والتراحم واحترام التنوع وتفهُّم الخصوصيات والحريات الفردية والعامة وتعلم الاختلاف وأدب الحوار، وتعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية التى تحض على العمل والإبداع والتقدم. كما تُستخدم فى تعزيز دور الدولة على المستوى العالمى، فأى بلد يتمتع بوجود علماء دين كبار ومثقفين مبدعين بارزين وإعلام حر مهنى سيجد طريقاً ممهداً للتأثير فى محيطيه الإقليمى والدولى.
4- تشترك حقول الدين والثقافة والإعلام فى أنها تتوسل باللغة، ليس بمستواها الذى يقف عند حد الكلام أو التعبير اللفظى فقط، بل بطرق التعبير الأخرى أو «السيميائيات» حيث الإشارات والإيماءات والإيحاءات والعلامات والرموز.. إلخ، وتلعب اللغة دوراً كبيراً فى تحديد عمق وتحقيق جاذبية الخطابات الناتجة عن هذه الحقول الثلاثة.
5- شهد العقد الأخير، لا سيما فى العالم العربى، اختلاط الأدوار بين عالم الدين والمثقف والإعلامى، فكثير من مقدمى البرامج تحولوا إلى واعظين أو قادة رأى، وبعض علماء الدين والمثقفين تحولوا إلى مذيعين، وتزداد هذه الظاهرة تجذراً بمرور السنوات، وتحول الإعلام إلى قوة هائلة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معبد وشاشة وكتاب 22 معبد وشاشة وكتاب 22



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon