توقيت القاهرة المحلي 06:30:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نبوءات سياسية

  مصر اليوم -

نبوءات سياسية

عمار علي حسن

كان الإغريق الأقدمون ينظرون إلى العرافة «أوراكل» الجالسة فى حالة من النعاس وسط سحب البخور طيب الرائحة فى معبد «دلفى» باعتبارها تمثل برهاناً لدى المقبلين على اتخاذ القرارات المهمة فى حيواتهم. فقد كانوا يأتونها ويجلسون إلى وسيطة بينهم وبينها تدعى «بيقيا» ويسألونها فتحمل أسئلتهم إليها، فتجيب بأقوال مبهمة وملغزة تأتى فى ثوب شعرى خالص، وكل منهم يفسرها كيفما شاء. وحين قالت للتاجر «زينون»: عليك أن تتمدد بجانب الموتى، فسر ما سمع على أنه طلب منه لقراءة الكتب القديمة، ففعل وصار فيلسوفاً. وحين سألها «خايرفون» زميل سقراط عن أكثر الناس معرفة وحكمة، فأجابته هذه المرة بطريقة واضحة وقاطعة: إنه سقراط. ووصل الخبر إلى سقراط فتشجع على مواصلة البحث ليصبح من حكماء البشرية عبر تاريخها المديد.

وفى مرة طلبت بعثة من أثينا كانت تريد أن تعرف أفضل الطرق لصد هجوم ملك الفرس أحشوروش الأول (520 - 465 ق. م) فردت عليهم قائلة: «من أعلى قمم المعابد يتدفق دم أحمر غامق كركز لسوء الحظ المحدق. فلتتركوا الغرفة المقدسة، ولتبقوا شجعاناً إبان الويلات والخطر! فقط السور الخشبى، الذى لن يدمر، يهديه كبير الآلهة زيوس لابنته أثينا، لأجلك أثينا ولأجل الأطفال فلتستخدموه».

وعادت البعثة إلى أثينا لتتداول الرأى حول ما سمعت، ودب بين أفرادها اختلاف، فهناك من فسر السور الخشبى على أنه أشجار الأشواك الكثيفة حول «الأكروبول»، لكن سرعان ما غاب هذا التفسير لحساب آخر يقول إن المقصود هو بناء أسطول حربى، وجهزوه بالفعل، وانتصر فيها الأثينيون، وهم أقل عدداً وعدة.

وفى القرن السادس عشر ظهر رجل فى فرنسا يعمل صيدلانياً ومنجّماً، لا تزال شهرته تجوب الآفاق، اسمه نوستراداموس أو ميشيل دى نوسترادام (1503 - 1566)، لم ينتظر أن يذهب الناس إليه ليسألوه على غرار «أوراكل» فيجيبهم، لكنه شرع فى نشر نبوءاته فى صيغة شعرية على هيئة رباعيات، حواها كتابه «النبوءات»، الذى ظهرت الطبعة الأولى منه سنة 1555.

فعلى سبيل المثال قالت أول نبوءة فى المائة الأولى:

«اجلس وحيداً فى الليل فى دراسة متكتمة،

إنها موضوعة على الحامل النحاسى ذى القوائم الثلاث.

تخرج شعلة واهية من قلب الفراغ

وتدفع إلى النجاح ما لا ينبغى الإيمان به لأنه باطل».

أما النبوءة الأخيرة فى هذه المائة فقالت:

«سيكون هناك اضطراب مريع فى الجزر

رغم أن المرء لا يسمع إلا الطرف المحب للحرب.

سوف يكون خطر النهابين كبيراً جداً إلى حد

أنهم سيأتون للانضمام إلى الحلف الكبير».

وامتلأ الكتاب بظلال لرموز وردت فى الكتب المقدسة وأعمال أخرى تنبؤية أعيدت صياغتها فى ثوب شعرى غامض، مفتوح على تأويلات عدة. ومنذ ذلك الحين كلما وقعت حادثة كبرى، اتجهت العيون والأذهان إلى هذا الكتاب، تبحث فيه عما يتطابق مع ما جرى، ليقول كثيرون: هذا ما تنبأ به نوستراداموس، وكانت هذه الأقوال تحتدم إن كانت النبوءة تتعلق بموت ملك، أو وراثة عرش، أو هزيمة جيش.

ويقال إن زوجة جوبلز، وزير دعاية هتلر، أيقظته ذات ليلة، عندما فرغت من قراءة نبوءات نوستراداموس، لتخبره بأنها تتوقع هزيمة ألمانيا، فسارع بتوظيف منجّم اسمه كرافت كى يرد عليها بنبوءات مضادة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نبوءات سياسية نبوءات سياسية



GMT 10:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المايسترو

GMT 10:35 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أندلس قاسم سليماني... المفقود

GMT 10:33 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

البراغماتيتان «الجهادية» والتقدمية... أيهما تربح السباق؟

GMT 10:31 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

... وَحَسْبُكَ أنّه استقلالُ

GMT 10:30 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تصادم الخرائط

GMT 10:28 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

اقتصاد أوروبا بين مطرقة أميركا وسندان الصين

GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon