توقيت القاهرة المحلي 04:00:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أما وقد صمتت المدافع!

  مصر اليوم -

أما وقد صمتت المدافع

عريب الرنتاوي

يجادل البعض، ببراءة أو عن “غرض”، بأن المقاومة قامرت بحياة ما يقرب من ألفي شهيد وعشرة آلاف جريح، لتعود فتقبل في نهاية الأسبوع الرابع للحرب الإسرائيلية الثالثة على غزة، ما سبق لها أن رفضته في الأسبوع الأول للحرب، وقبل أن يبلغ التقتيل والتدمير والتهجير، هذا المستوى، بالغ الوحشية والبربرية .... لسان حال هذا البعض يقول: لقد كان بإمكانكم توفير الكثير من الدماء، لو أنكم حكّمتم صوت المصلحة الوطنية والعقل، ونحّيتم جانباً حساباتكم الفصائلية ومتطلبات تحالفاتكم الإقليمية ... فهل هذا صحيح؟
من دون اغفال الحسابات الفصائلية و”فواتير” الاحلاف والمحاور، نقول إنها نظرية “متهافتة” لا تصمد طويلاً أمام الوقائع والمعطيات التي تكشف عنها العدوان والمقاومة .... قبول المقاومة الفلسطينية بالمبادرة المصرية، لم يكن ليفضي تلقائياً إلى وقف العدوان، ولقد كان بمقدور إسرائيل أن تستمر في حربها على غزة، لأسابيع عديدة، تحت ظلال التفاوض على شروط وقف النار و متطلباته، ولدينا في حرب غزة الأخيرة، وفي مسلسل العدوانات والحروب الإسرائيلية السابقة على الفلسطينيين واللبنانيين والعرب، ما يكفي من شواهد وأدلة، تبرهن بما يقطع الشك باليقين، بأن قبول إسرائيل بالهدنات والتهدئات، لا يساوي الحبر الذي كتب فيه، وهذا أولاً.
أما ثانياً، وبفرض صمود وقف النار، فإن جملة المطالب التي أجمع الشعب الفلسطيني عليها، ما كان لها أن تتصدر مائدة المفاوضات والمحادثات، وكانت لتبقى تفصيلاً صغيراً على جدول أعمال المبادرة المصرية والمفاوضات الخاصة بها، ولكانت إسرائيل عاودت ممارساتها الاحتلالية من دون رادع أو وازع من أخلاق أو ضمير، بما في ذلك، تشديد الحصار ومعاودة العدوان.
نعلم أن الثمن باهظ للغاية، وقد دفعه الفلسطينيون من دماء أطفالهم ونسائهم ورجالهم، ومن بيوتهم وممتلكاتهم وحصاد أعمارهم ... لكننا نعلم أيضاً أن هذا الثمن، ما كان له أن يكون باهظاً إلى هذا الحد، لو أن بعض العرب، بادروا إلى إسناد غزة وأهلها ومقاومتها، ولم يستمرئوا الجلوس على مقاعد المتفرجين، وبعضهم أوغل في استكمال حروب المذاهب والمحاور في الإقليم.
هؤلاء يريدون تقريع المقاومة وتحميلها وزر الجريمة الإسرائيلية النكراء ... يلومون الضحية التي تتلقى الضربات وتدفع الأثمان من لحم أبنائها الحي، ويجدون العذر والتبرير للمجرم والقاتل .... هؤلاء شركاء في الجريمة ... هؤلاء شركاء في سفك الدم الفلسطيني في قطاع غزة... لقد شاهدنا هذا “الفيلم”، سيئ الإخراج، على جبهة أخرى من قبل، في لبنان وفي العام 2006 تحديداً.
لم تذهب دماء شهداء غزة وجرحاها سدى ... إسرائيل التي دخلت الحرب لإلحاق ضربة استراتيجية بالمقاومة، فشلت في تحقيق ذلك فشلاً ذريعاً، وباعتراف مسؤولين ووزراء وجنرالات ومحللين ... إسرائيل التي أرادت بحربها المجنونة على القطاع، أن تعيد ترميم الصورة الردعية لجيشها الذي لا يقهر، حصدت نتائج مغايرة تماماً، فصورتها الردعية باعتراف قادتها، تعرضت لمزيد من التهميش والتهشيم .... وإذا كانت دولة الاحتلال والعنصرية تحتاج لعام أو عامين كفاصل بين عدوانين على القطاع، فإنها ستحتاج إلى أضعاف هذه المدة، قبل أن تفكر بإعادة الكرة من جديد ضد القطاع وأهله ومقاومته.
كان يمكن للمقاومة الفلسطينية أن تقبل بالمبادرة المصرية كما هي وفور إطلاقها، استناداً لسابقة 2012، لكن أحداً ليس بمقدوره الادعاء بأن إسرائيل كانت ستوقف حربها على غزة صبيحة اليوم التالي من جهة، كما أن أحداً من جهة ثانية، لن يكون بمقدوره الجزم، بأن مطالب الفلسطينيين برفع الحصار و”العقوبات الجماعية” المفروضة القطاع، كانت ستلقى أذنا صاغية، لا من قبل إسرائيل والمجتمع الدولي، ولا حتى من قبل بعض العواصم العربية.
على أية حال، المعركة لم تضع أوزارها بعد، وما يجري في القاهرة من مفاوضات ومساومات، لن يقل ضراوة عن المعارك التي شهدتها الشجاعية وخزاعة ورفح ... والمأمول أن يأتي الأداء السياسي للمفاوض الفلسطيني بنفس براعة المقاتل الفلسطيني وتصميمه على أرض الميدان والجبهات ... فإسرائيل التي فشلت عسكرياً في تحقيق أيٍ من الأهداف الكبرى لحربها على غزة، ستحاول أن تنجح في تحقيقه على مائدة المفاوضات، وستجد من بين الوسطاء العرب والدوليين، من سيساعدها على ذلك، وكلٍ لأهداف وحسابات وحساسيات، خاصة به ... ومثلما ظلت المقاومة تطلق صواريخها حتى ربع الساعة الأخير للمعارك، فإن على المفاوض الفلسطيني أن يظل مستمسكاً بمطالب الشعب الفلسطيني وحقوقه، حتى الرمق الأخير، وربع الدقيقة الأخير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أما وقد صمتت المدافع أما وقد صمتت المدافع



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon