توقيت القاهرة المحلي 09:24:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأردن بين «اتهامين»

  مصر اليوم -

الأردن بين «اتهامين»

عريب الرنتاوي

وزير الخارجية السوري وليد المعلم، أشار بأصبع الاتهام للأردن، والسبب أن عمان لم تغلق حدودها في وجه إدخال السلاح والمسلحين، في اتجاه واحد، صوب الجنوب السوري، في حين تستقبل عناصر الأمن الأردنية بالرصاص، المسلحين الذي يسلكون الطريق ذاته، ولكن في الاتجاه المعاكس. في المقابل، توجه فصائل من المعارضة المسلحة في محافظة درعا، اتهامات لغرفة عمليات “الموك” لتخليها عن البلدات السورية (الشيخ مسكين وعتمان)، وإصدارها أوامر بالانسحاب أمام تقدم الجيش السوري، وعندما تتحدث هذه الفصائل أو غيرها عن “الموك”، فإن الأردن بالذات، يكون في صدارة قائمة المعنيين بالأمر ... وثمة حرب اتهامات صامتة ومعلنة بين هذه الفصائل، تشفُّ بعض معطياتها عن إحساس بالخذلان من تغير طرأ على الموقف الأردني حيال “الجبهة الجنوبية”، وتحديداً بعد التدخل العسكري الروسي في سوريا. في مواجهة هذه الاتهامات المتقابلة، التي تصدر عن خندقين متحاربين في سوريا، يلتزم المسؤولون الأردنيون الصمت.... في أحسن الأحوال، هناك من يخرج مندداً بحملة الافتراءات السورية على الأردن، وهناك من يتحدث مؤكداً أن الأردن لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى ... يبدو أن حكاية “أننا لا نتدخل” أصبحت “موضة إقليمية” سائدة، حتى أن هذه العبارة باتت تتردد على ألسنة قادة عرب وإقليميين، تصول جيوشهم واستخباراتهم وتجول في دول مجاورة، ومع ذلك هناك من يريدنا أن نصدق بأنهم لا يتدخلون. باستثناء التصريحات الرسمية، وبعض ما يكتب من “أعمدة” اختصت بإعادة صياغة البيانات الرسمية، فإن ما من مرجع واحدٍ، حكومياً أو معارضاً، دبلوماسياً أو إعلامياً، سورياً وإقليمياً ودولياً، إلا وتحدث عن “دور ما” للأردن في جنوب سوريا ... دور يَحتَمل التسليح والتدريب، استقبال وإعادة إرسال المقاتلين من جماعات ما يسمى “المعارضة المعتدلة” في تلك المنطقة ... لكن إذا كان أصحاب “الجيوش المرسلة” ينفون التورط في الشؤون الداخلية لبلدان مجاورة، فمن حق الحكومة الأردنية أن تلتزم الصمت أو تكرر نفيها لأي شكل من أشكال التدخل في الشأن السوري. مع أن “الحراك الأردني” في الجنوب السوري، ظل على امتداد السنوات الأربع أو الخمس الفائتة، محكوماً باستراتيجية وقائية واستباقية، لم تتخط الجنوب إلى “صلب” الأزمة السورية وجوهرها، وقد تأسس هذا “الحراك” على الحاجة لـ “ملء الفراغ” الناجم عن انكماش دور الدولة السورية وانسحاب مؤسساتها، لصالح خليط غير متجانس من القوى والفصائل المسلحة، ولقد تمكن الأردن، من الحفاظ على “حدود هذا الحراك ومحدداته” بالرغم من الضغوط التي تعرض إليها من أكبر حليفين له: الولايات المتحدة دولياً، والسعودية إقليمياً. ولا شك أن تغييراً قد طرأ على المقاربة الأردنية لملف الجنوب السوري، وبالأخص بعد التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية، ومن على قاعدة “تفاهمات” أردنية روسية، تكفل الحد الأدنى من المصالح الأردنية، حتى أن التقارير المتواترة منذ عدة أشهر، تحدثت عن تفكيك أو تآكل غرفة “الموك”، وعن انحسار منسوب الدعم الأردني، أو بالأحرى، الدعم الدولي الذي يمر عبر الأردن، للفصائل المسلحة. ومع تغير قواعد اللعبة في سوريا بعد التدخل الروسي، فإن من المنطقي الافتراض، أن الأردن يميل للتعامل مع قوة عالمية صديقة ومسؤولة على حدوده الشمالية، على مواجهة احتمالات انتشار جماعات “غير مرغوبة” على امتداد حدوده ومعابره، كمنظمات السلفية الجهادية والحرس الثوري الإيراني وحزب الله... وبهذا المعنى، فإن وصول الجيش النظامي السوري إلى خطوط الحدود والمعابر، لا ينبغي النظر إليه بوصفه تهديداً لأمن الأردن واستقراره ومصالحه. اليوم، ومع تتالي الإعلانات الخليجية المعبرة عن الاستعداد للانخراط في قوة برية للقتال في سوريا ، فإن من المتوقع أن يطرأ تغيير نوعي على “قواعد اللعبة” على الجبهة الشمالية للأردن ... ولا شك أن أطرافاً إقليمية – وربما دولية- ستكون لها مصلحة جوهرية في إبقاء جبهة الجنوب السوري مفتوحة، ومنع “الحسم العسكري” على محاور السويداء – درعا – القنيطرة، وقد يتعرض الأردن لضغوط كثيفة من بعض حلفائه، لا للمشاركة الميدانية في “التحالف الإسلامي ضد داعش” فحسب، بل وربما لفتح حدوده أمام هذه القوات، التي لن يعود يفصلها عن دمشق، سوى 90 كيلومتراً، إذا ما أعطى الأردن الضوء الأخضر، لتحويل أراضيه وحدوده، منطلقاً للهجوم البري الذي تزايدت احتمالاته بعد الكشف عن “المقترح السعودي”. هل للأردن مصلحة في الانضمام “برياً” لهذا التحالف؟ ... وهل يتحول شمال الأردن/ جنوب سوريا، إلى منصة من منصتين لهذا الهجوم، على الاعتبار أن الحدود التركية السورية، هي المنصة الأكثر ترجيحاً والأكثر جاهزية، لاستقبال أي عمل عسكري بري، ظاهرة لحرب داعش، وباطنه لتصفية الحسابات في حروب المحاور والطوائف والأدوار في المنطقة ... غداً سنتحدث عن هذه المسألة. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأردن بين «اتهامين» الأردن بين «اتهامين»



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon