توقيت القاهرة المحلي 12:02:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البكاء على صدر «علوش»

  مصر اليوم -

البكاء على صدر «علوش»

عريب الرنتاوي

ارتدت معظم فصائل وشخصيات المعارضة السورية، بمن فيها بعض تياراتها وشخصياتها العلمانية، ثياب الحداد، إثر اغتيال زهران علوش ورهط من مساعديه في ضربة جوية، لم نعرف على وجه اليقين، مَنْ مِنَ الحليفين نفذها: سوريا أم روسيا ... مظاهر الحداد، لم تقتصر على المعارضة السورية فحسب، بعد أن رأينا أصداءها تتردد في أوساط جماعات إسلامية، سلفية وإخوانية، في الأردن وفلسطين (غزة) وغيرهما ... حتى أن إحدى صحف لندن الخليجية خرجت علينا بمناشيت، يتحدث عن “رصاصة الرحمة” التي أطلقت على “جنيف 3”، في إشارة إلى مفاوضات النظام والمعارضة... وكان رياض حجاب، رئيس الوزراء السوري المنشق، الذي بالكاد التحق بصفوف المعارضة، فعل شيئاً مماثلاً.

إن كان زهران علوش هو حجر الرحى في مفاوضات “جنيف 3” والعامود الفقري للهيئة التوجيهية للمفاوضات التي انبثقت عن مؤتمر الرياض، فإن أحداً لا يجب أن يأسف لانهيار هذه المفاوضات قبل بدئها ... هدف المفاوضات كما أخبرنا بيان نيويورك وقرار مجلس الأمن 2254، هو بناء سوريا الديمقراطية التعددية والعلمانية، ولا أجد من بين المعارضات السورية جميعها، خصماً لهذه القيم ونقيضاً لها، أكثر من علوش وجيشه، إذا استثنينا بالطبع، “داعش” والنصرة” اللذان استثناهما المجتمع الدولي بإجماعه، كونها فصيلين إرهابيين.

خلال العامين الفائتين، صدرت عشرات التقارير، وعن مختلف الجهات، بعضها ينتمي للمعارضة، وبعضها لجهات دولية، تتحدث عن الكيفية التي يدير بها علوش وصحبه، الغوطة الشرقية، بالاعتماد على البلطجية والشبيحة والقمع والإرهاب والاعتقال والتعذيب، وثمة العشرات ممن قضوا اغتيالاً أو تحت التعذيب، لمجرد أنهم تحدوا سلطة علوش ونظام الأتاوات والخاوات والاحتكار الذي فرضه على من تبقى من سكان الغوطة.

وخلال الأشهر القليلة الفائتة، وفي مسعى من الرجل لإعادة تجديد سطوته وحضوره، ومتأثراً بالمدرسة “الداعشية” على ما يبدو، أمر علوش أتباعه بوضع المعتقلين والمختطفين لديه، وكثيرون منهم من النساء والأطفال والرجال الأبرياء، الذين لا ذنب لهم إلا أنهم من “ملل ونحل” أخرى ... أمر بوضعهم في أقفاص “داعشية الطراز”، وتوزيعهم على الأهداف المحتملة لسلاحي الجو السوري والروسي، بوصفهم دروعاً بشرية، وعرض صورهم على الملأ بكثيرٍ من مشاعر الفخر والاعتزاز، مع أن أعمالاً شائنة كهذه، تجرّم صاحبها، وتستدعي أبشع مشاعر الخزي والإحساس بالعار.

ولمن لا يعرف “الراحل الكبير” الذي نعته بكثير من الحزن والأسى، قوى إسلامية وعلمانية سورية على حد سواء، فإن الرجل هو المسؤول على “قذائف الموت” التي توزع بين الحين والآخر على أحياء دمشق وحواريها، فتقتل من تقتل وتجرح من تجرح، من دون تمييز على الإطلاق بين المجرم والبريء، المسلم والمسيحي، السني أو العلوي أو الشيعي.... أما عن ارتباطاته المالية والاستخبارية بعواصم معروفة، فأحسب أن “سرٌ ذائع”، يعرفه القاصي والداني في سوريا وجوارها، فكيف لمن ارتضى أن يكون دمية وتابعاً، أن يحفظ سيادة البلاد واستقلالها ومستقبلها.

قد يقول قائل: وهل يفعل النظام شيئاً آخر مختلفاً؟ ... والجواب باختصار أن النظام يقتل ويعتقل ويختطف ويحتجز ( من خارج القانون) ألوف المواطنين الأبرياء ... وأن أبرياء كثر يسقطون في عملياته البرية والجوية ... وأن تطورات الأزمة السورية، قد أفقدته زمام “قراره المستقل” ... لكننا نذكّر بأن ما كانت ذات يوم، “ثورة سورية”، قد قامت لوضع حد للاستبداد والاستعباد، وليس لإعادة انتاجهما وتوسيعهما وتعميقهما، وإذا كان زهران علوش ومن هم على شاكلته، هم البديل أو البدلاء لـ “النظام وأركانه ورموزه”، فقد كان حرياً بالسوريين والسورييات أن يلتزموا بيوتهم، وألا يخرجوا في مظاهرات الحرية والكرامة “، والاستقلال والسيادة، والشعب السوري ما بينذل”.

لقد صدق الكاردينال مار بشارة الراعي، حين قال في وقت مبكر من الأزمة السورية، ولأكثر من مسؤول غربي، بأن بعض خصوم الأسد، أو كثيرين منهم، هم أسوأ منه ومن نظامه ... وتجربة دوما والغوطة الشرقية تحت حكم زهران علوش وأتباعه ورعاته الإقليميين، كانت الأسوأ على الإطلاق، وهي وحدها كانت كفيلة بأن تدفع بألوف السوريين لتلاوة آيات الشوق والحنين لظلم النظام وجوره.

مؤسف أن يُرفع علوش وخليفته “الزئبق”  إلى مصاف عمر المختار وتشي جيفارا، وأن تنعقد آمال البعض ورهاناتهم على علوش ومن هم على شاكلته، وان تكون هذه هي خاتمة مطاف أحلام السوريين وعذاباتهم ... أما عن عملية “جنيف 3” ومسار فيينا، فهما سائران، وسيعزز رحيل علوش وصحبه، فرص الحل السياسي لسوريا، أما رصاصة الرحمة، فمن الأفضل لو أن المتحدثين بها وعنها، يطلقونها على مشاريعهم وأحلامهم السوداء، فالعالم ضاق ذرعاً بكل هذه الأسماء والمسميات، ومثل هذه الكيانات والحركات، تطوي صفحتها الأخيرة، بعد أن استنفدت زخمها وبلغت ذروتها، وآلت للتراجع والانحسار، توطئة للسقوط.

نقلاً عن "الدستور" الأردنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البكاء على صدر «علوش» البكاء على صدر «علوش»



GMT 09:30 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ويْكَأن مجلس النواب لم يتغير قط!

GMT 08:32 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الثلج بمعنى الدفء

GMT 08:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

فرنسا وسوريا... السذاجة والحذاقة

GMT 08:27 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

التكنوقراطي أحمد الشرع

GMT 08:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

جدل الأولويات السورية ودروس الانتقال السياسي

GMT 08:23 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

ليبيا: لا نهاية للنفق

GMT 08:21 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

الصناعة النفطية السورية

GMT 08:19 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

دمشق وعبء «المبعوثين الأمميين»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:54 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة
  مصر اليوم - نانسي عجرم تكشف عن مفاجأة خاصة

GMT 10:25 2021 الأربعاء ,05 أيار / مايو

فساتين أنيقة بتصاميم مختلفة لربيع وصيف 2021

GMT 17:19 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

طقس الأربعاء حار نهارًا ولطيف ليلًا في أسوان

GMT 04:30 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

أفضل وجهات سفر لعشاق المغامرات

GMT 11:54 2021 الأحد ,07 آذار/ مارس

طريقة عمل مكرونة بصدور الدجاج

GMT 10:40 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

محمد شريف يحتفل ببرونزية كأس العالم للأندية

GMT 01:06 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

تلميذات يتخلصن من زميلتهن بالسم بسبب تفوقها الدراسي في مصر

GMT 21:22 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

مرور 17 عام على انضمام أبو تريكة للقلعة الحمراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon