توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب على داعش ... الآن وهنا

  مصر اليوم -

الحرب على داعش  الآن وهنا

عريب الرنتاوي


لا يبدو أن ثمة حدود لوحشية داعش وبربريته، إذ لم يخطر ببال أكثر العقول “شيطانية” أن يكون ما حصل، هو فصل الختام في قضية الطيار الشهيد معاذ الأسير، لم ننتظر منهم شفقة ولا رحمة، فتلك الخصال ليست من شيمهم، بل أننا قضينا الليلة  الأخيرة منقبضي الصدور بانتظار أسوأ السيناريوهات، بيد أننا لم نتوقع أن تبلغ بهم ساديتهم المغطاة بعباءة الدين إلى هذا الحد ... لقد فقد القتلة كل صلة لهم بالجنس البشري، وليس مستبعداً بعد الآن، أن نرى “مجاهديه” يأكلون لحم ضحاياهم أحياء ويمضغون أحشاءهم قبل أن تكف عن النبض والتقلص والتمدد ... لقد احتلوا موقع الصدارة في قائمة أبشع المصائر التي ينتهي إليها المصابون بلوثة التطرف والغلو والعمى الإيديولوجي... ليسوا على الملة فحسب، فهم ليسوا من صنف البشر كذلك.
الأردنيون الذي أمضوا الأسابيع الفائتة “على رؤوس أصابعهم”، نجحوا في اجتياز المحنة والامتحان ... انقلاب الرأي العام على “داعش”، كان بمثابة “الرد المزلزل” الذي توعدت به الدولة التنظيم الإرهابي ... إعدام اثنين من إرهابييه، سقط برداً وسلاماً على جميع الأردنيين، بمن فيهم كارهي العمل بعقوبة الإعدام، ومطالبات الأردنيين بالثأر من القتلة، ترددت في كل منزل وزقاق وبلدة ومدينة ومخيم.
داعش أرادت أن تشق الأردنيين على أنفسهم، وأن تحرضهم على نظامهم ودولتهم، فإذا بالسحر ينقلب على الساحر، لقد توحد الأردنيون خلف الدولة والنظام، وعاش الأردنيون واحدة من “أيامهم” المجيدة، بعد أن وحدهم المصاب الجلل، وعمقت لحمتهم الوطنية، مشاعر الغضب والرغبة في الثأر والانتقام... الذي سعت داعش لتحقيقه بهذه الوسيلة الوحشية، يتخطى شخص الشهيد وعائلته وعشيرته وبلدته، إلى الأردن والأردنيين جميعاً، والرد على الجريمة النكراء يجب أن يرقى مستوى الجرح الغائر في قلوب كل أردني وأردنية.
لا يساورنا الشك، في أن الدولة ستنتزع “حق الكساسبة” من قتلته، ولا أحسب أن الرد سيقتصر على إعدام قاتلين اثنين فقط، في ظني أن “ثأر” الدولة الأردنية، سيكون بتصعيد حربها على “دولة القتلة” ومطاردة “قاطعي الرؤوس” و”مشعلي النيران” في أوكارهم وجحورهم ... وأحسب أن الذين تأخروا في إدراك حقيقة أن الحرب على داعش هي حربنا، قد أدركوا اليوم، أنها حربنا، وأن خيارنا الوحيد فيها هو الانتصار الصريح، غير الملتبس.
والحرب على داعش، لا تقتصر ساحاتها وميادينها على “الرقة” و”الموصل” فحسب، فساحتها الأهم من منظور أمننا ومستقبلنا، تمتد إلى “الداخل”، حيث يتعين من الآن وصاعداً، إعمال مبدأ سيادة القانون دون هوادة على الذين يروجون ويبررون ويجندون ويحرضون، حتى وإن احتفظوا بمسافة “خطوة واحدة” عن “داعش” ... هؤلاء هم البيئة الحاضنة للتنظيم الأخطر، وهم مادته الأساسية التي يتشكل منها إجرامه وتفكيره وتكفيره ... هؤلاء لدينا الكثيرين منهم، وعلينا أن نطمئن إلى أنهم لن يتحولوا إلى قنابل موقوتة أو طابور خامس
في العام 2005، تسلقت دماء ستين أردنياً وأردنية جدران ثلاثة فنادق في عمان ... وعاش الأردن والأردنيون لحظة نادرة في التوحد واليقظة والاستنفار ضد الخطر القادم من وراء الحدود ... وبدت تلك الفاجعة، مناسبة لإطلاق استراتيجية شاملة لمحاربة التطرف والإرهاب ... لكننا تراخينا بعد ذلك، وشرع المتطرفون في اكتساب قواعد جديدة لهم بين ظهرانينا ... اليوم وبعد عشرة أعوام على تلك التراجيديا، نجد أنفسنا أمام وضع مماثل، ولا نريد أن ننتهي بعد عشر سنوات أخرى، إلى وضع مماثل ... جريمة داعش بحق طيارنا الأسير/ الشهيد، يتعين أن تكون نقطة البدء في عمل دائب، لا يعرف نظام الفزعة، ضد جيوب التطرف والغلو والإرهاب... ضد عقلية التكفير وإلغاء الآخر ... ضد ثقافة العنف بأشكاله المختلفة ... ضد القراءات المشوهة للإسلام.
آن الأوان للعمل على مدار الساعة، من أجل خلق أجيال شابة، عصية على الخداع والتضليل والتجنيد، آن الأوان لمغادرة مربعات التبرير والتواطؤ والمراوحة في “المساحات الرمادية” التي استمرأت قوى وأحزاب وشخصيات الجلوس فيها، فالحرب على الإرهاب والتطرف، هي فريضة عين على كل أردني وأردنية، إلى أن ننجح في تجفيف منابعه، واستئصال شأفته، فالتردد والمراوحة لم يعد خياراً والصمت ما عاد ممكناً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب على داعش  الآن وهنا الحرب على داعش  الآن وهنا



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon