توقيت القاهرة المحلي 18:48:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المجلس الوطني الفلسطيني: «المـزيــد مـــن الشـــيء ذاتــــه»؟!

  مصر اليوم -

المجلس الوطني الفلسطيني «المـزيــد مـــن الشـــيء ذاتــــه»

عريب الرنتاوي

كان ينبغي لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني أن يكون “تتويجاً” لعملية المصالحة الوطنية الشاملة، وترميماً جوهرياً للنظام السياسي الفلسطيني المتهرئ، وانطلاقة جديدة للحركة الوطنية الفلسطينية على مسار استراتيجي جديد، بعد أن سقطت الرهانات وفشلت المحاولات الرامية لانتزاع حقوق شعب فلسطيني الوطنية، من رحم خيار “المفاوضات حياة”.

 لكن ما يجري الآن من استعداد لعقد دورة خاصة أو استثنائية على عجل، يوحي بخلاف ذلك كله، قديم الانقسام سيظل على قدمه، وجديده سيتسع ليشمل قوى وفصائل وشخصيات جديدة، قديم السياسات الكارثية القائمة على المراوحة والاستمساك بالرهانات الخائبة، سيظل على حاله، والمسؤولون عن الفشل الذريع والمتراكم الذي باح به ياسر عبد ربه، سيكافؤون على فشلهم بتصعيدهم في مواقع السلطة والقرار، اما الخارجون من الحلقة الضيقة لصنع القرار، بعد سنوات وعقود من البقاء غير المبرر على رأس السلطة، فلا ذنب لهم سوى أن “دائرة المؤلفة قلوبهم وجيوبهم” قد ضاقت عليهم.

 لا تغيير يُرتجى في ضوء ما يشاع عن ترتيبات تؤخذ على عجل، تهدف إلى إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على مقاس شخص واحد، أو تيار واحد فقط ... لا أمل يُرتجى من إجراءات لا وظيفة لها سوى تصفية الخصوم وتعزيز القبضة وضمان الانتقال الآمن إلى ضفاف التقاعد – غير المبكر على أية حال – والأهم، أننا سنكون أمام عملية إعادة تدوير –Recycling– للطبقة السياسية المسؤولة عن الفشل والمراوحة، وللسياسات التي جُربت المرة تلو الأخرى، من دون أن أي تقدم يذكر.

 ليس هذا هو المجلس الوطني الفلسطيني الذي تطلعنا لإعادة تشكيله على أسس ديمقراطية، بانتخابات حرة ونزيهة حيثما أمكن، وثمة أماكن عديدة يمكن أن تستضيف انتخابات فلسطينية شفافة وديمقراطية ... ليس هذا هو المجلس الجامع لكل مكونات وفصائل ومؤسسات وشخصيات وأجيال العمل الوطني الفلسطيني في الداخل والشتات، الذي تطلعنا لانعقاده كمحطة على طريق المراجعة والانطلاقة الثانية .... ليس هذا هو المجلس الذي سيحمل على أكتافه أعباء النهوض بالحركة الوطنية واستنهاضها، بعد مسلسل الخيبات والهزائم والنكسات الذي منيت به منذ ربع قرن أو يزيد. 

وليست هذه هي الشرعية الفلسطينية التي طالما حلمنا بإعادة تجديدها ديمقراطياً، لكأننا أمام انقلاب “الشرعية على الشرعية”، لكأننا أمام محاولة لاستخدام هياكل “شرعية” هرمت وشاخت حتى لا نقول مطعون في شرعيتها، من أجل اكتساب شرعية زائفة، ندرك ويدركون، بل ويدرك الشعب الفلسطيني بأسره، بأن لا معنى لها ولا قيمة، إن لم تنبثق من الإرادة الحرة والمستقلة للشعب الفلسطيني، مصدر كل السلطات والشرعيات والصلاحيات ... إنه انقلاب الغرف المغلقة بعضها على البعض الاخر، إنه ترتيب “فوقي” يندرج في باب “اللزوميات” أو “لزوم ما لا يلزم”، فما بعد الدورة القادمة للمجلس لن يختلف عمّا قبلها، اللهم باستثناء “المزيد من الشيء ذاته”، سلطات أكبر بين يدي الرئيس بعد التخلص من الخصوم والمنافسين والمتذمرين و”المتآمرين”، انقسامات أعمق أفقياً وعامودياً، طلاق بائن بينونة كبرى بين الشعب في مختلف أماكن تواجده و”الممثل الشرعي الوحيد”، مزيد من الشتات السياسي والكفاحي يكرسه شتات الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينيتين.

 وإذا ما تزامن عرض “ملهاة” تجديد القيادة والشرعية في رام الله، مع “مأساة” التهدئة المستدامة أو “أوسلو 2” في غزة، فإن النتيجة ستكون بمثابة الطامة الكبرى على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية، التي أضحت ضحية لعبة السلطة وتقاسمها وتكريسها، أو قل تأبيدها بين أيدي القائمين عليها في شطري الوطن المحتل والمحاصر ... وستدخل الحركة الوطنية الفلسطينية في نفق مظلم ومجهول، مديد ومرير، ما لم يعاود الشعب الفلسطيني ممارسة تقاليده المعتادة بالتدخل في آخر الأمر، وقلب الطاولة على رؤوس اللاعبين، ووضع جميع الأطراف عن حدودها، وهذا أمر ليس ببعيد.

 وحدها المواجهة المحتدمة مع الاحتلال والاستيطان، ستقطع الطريق على هذا الدرك السفلي الذي تنزلق إليه قضية الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية في الضفة والقطاع... وهي مواجهة قد تأتي بالإرادة الحرة والواعية للشعب الفلسطيني وبمبادرة منه من دون انتظار فصائله وقواه (التي كانت حيّة ذات يوم)، وقد تأتي كردة فعل على جبروت الاحتلال وعنصريته كما حصل في مرات عديدة سابقة... أما إن ترُكت النخب الفصائلية على رسلها، فإن الأفق الفلسطيني سيتلبد بالمزيد من الغيوم السوداء والمصائر المجهولة... ألم نقل أكثر من مرة، بأن الفصائل التي كانت ذخراً للشعب الفلسطيني من قبل، قد باتت عبئاً عليه اليوم؟! - 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجلس الوطني الفلسطيني «المـزيــد مـــن الشـــيء ذاتــــه» المجلس الوطني الفلسطيني «المـزيــد مـــن الشـــيء ذاتــــه»



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon