توقيت القاهرة المحلي 18:45:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

اليمن كما يُرى من الرياض وأبو ظبي

  مصر اليوم -

اليمن كما يُرى من الرياض وأبو ظبي

عريب الرنتاوي

تلعب السعودية والإمارات دوراً محورياً في حرب اليمن، الأولى تقود “التحالف العربي” والثانية، تقوم بدور لا يقل أهمية، سياسياً وعسكرياً، حتى أنها أخذت على عاتقها عملياً، أمر إدارة المعركة في عدن، وحضرت بقواتها على الأرض، ودفعت بعض الخسائر البشرية غير المعتادة.  تبدو الدولتان على وئام وتناغم، ويمكن القول إن ثمة مروحة واسعة من المشتركات التي تجمع بين أبو ظبي والرياض، وإلا لما كان هذا التحالف في البدء، ولما استمر طوال هذه الفترة الحافلة بالتحديات والمنعطفات الخطرة ... 

لكن ذلك لا يمنع، أن تكون للدولتين مواقف متباعدة حيال مستقبل اليمن وطبيعة القوى التي ستشارك في صنعه، كما أن التقارب بين البلدين، لا يمنع أن تكون لكل منهما، خريطة تحالفات متغايرة مع خريطة الطرف الآخر، بل ولا يمنع أن يكون لكل منهما، أجندات  خاصة، أمنية وسياسية واقتصادية، متوسطة الأجل أو بعيدة المدى.

 رسمياً، لا سجال بين الدولتين، بل تناغم ومواقف مشتركة، بيد أن من المتتبع لخريطة مواقفهما وأولوياتهما، كما ترتسم على ألسنة حلفائهما من اليمنيين، يرى أن ثمة خلاف وتباين، انتقل مؤخراً إلى “سجال إعلامي” ودي، بين اثنين من كتاب البلدين المقربين من مؤسسة صنع القرار فيهما، واللذين غالباً ما يعبران عن مواقف واتجاهات مطابخ صنع القرار، وأعني بهما منصور النقيدان (الاتحاد) وجمال الخاشقجي (الحياة).

 ليس خافياً على أحد، أن الإمارات العربية تتخذ موقفاً متشدداً من جماعة الإخوان المسلمين، وهي ترى في تنظيمهم “عصابة إرهابية”، تستحق الملاحقة والمطاردة بقوانين محاربة الإرهاب، ينطبق ذلك على إخوان الخليج مثلما ينطبق على جميع الفروع الإخوانية، ومن بينها بالطبع، التجمع اليمني للإصلاح ... الرياض، بخلاف أبو ظبي، لا تحتفظ بود ظاهر للجماعة، وسبق أن أدرجتها في قائمة المنظمات الإرهابية زمن الملك الراحل، بيد أنها لا تجد غضاضة في التحالف معهم، في إطار حربها على النفوذ الإيراني المتنامي، على اعتبار أنها جماعة سنيّة ذات نفوذ جماهيري، ولأن أية أخطار ناجمة عن التحالف معها، ستظل أقل شأنا بكثير من الأخطار الناجمة عن تحكم إيران بمستقبل اليمن، وتغوّل جماعة الحوثي على بقية المكونات اليمنية.

 تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، من بين القضايا التي تتفق وتختلف حولها الدولتان المتحالفتان ... الموقف من الوحدة لا تحكمه قواعد مبدئية صارمة، بل مرتبط بالخرائط المتحركة للقوى اليمينية، فيصبح دعم قوى وحدودية أمراً مطلوباً في زمن، ودعم قوى انفصالية أمراً مرجحاً وضرورياً في زمن آخر ... وحدة اليمن، ليست مطلوبة بذاتها، بل بشرط أن تكون سبباً لاستقرار الخليج وحفظ أمن دوله، ولا بأس بيمن واحد أو أكثر، شريطة ألا تظل البلاد اليمنية مصدراً لتهديد أمن دول الخليج واستقرارها، والأهم، شريطة ألا يتبنى اليمن الموحد أو المُشطّر، أية مواقف مناهضة لدول الخليج، وعندما نقول دول الخليج، نتحدث أساساً عن السعودية والإمارات في هذا المقام.

 مصادر يمنية تتحدث عن تباين حول طبيعة “الخطوة التالية” بعد استرداد محافظات الجنوب من قوات الحوثي وصالح ... الإمارات وفقاً لهذه المصادر، تعطي الأولية لـ “تنظيف البيت الجنوبي”، فيما السعودية تتطلع شمالاً صوب صنعاء وصولاً لصعدة، في هذا السجال، تبدو واشنطن أقرب إلى أبو ظبي منها إلى الرياض، ودائماً بسبب المخاوف المترتبة على صعود القاعدة و”داعش” وتزايد نفوذهما. 

اليمنيون يتحدثون عن “سباق” سعودي إماراتي في اليمن وعليه ... وعن خرائط قوى محلية تتبع المركزين العربيين المتحالفين ... لكن ثمة لاعب ثالث، يبدو المستفيد الأكبر من أزمة اليمن بعامة، وأعني به القاعدة و”داعش”، التي أظهرت حضورها في غير مكان في اليمن، وخصوصاً في المحافظات الجنوبية، وهي تتخذ من بعض أحياء عدن ملاذاً لها، ولقد تمكنت من تنفيذ عمليات إرهابية بعد سيطرة قوات التحالف على عدن والجنوب. 

لقد أعلن التحالف المحافظات الجنوبية مناطق خالية من “الحوثي وصالح”، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، هل يستتب الأمن والاستقرار في الجنوب، وهي ستدين القوى الفاعلة والنافذة فيه، بالولاء لسيطرة التحالف؟ ... الجواب عليه بالنفي، يندرج على ألسنة معظم اليمنيين، من مختلف التيارات والخنادق ... فالتجمع اليمني للإصلاح يسعى لدور رئيس في قيادة الجنوب والشمال على حد سواء، وهو سيصطدم بموقف إماراتي معارض بشدة وسعودي متحفظ، فكيف سيدير معركة عودته إلى أدواره الرئيسة السابقة ... 
والحراك الجنوبي، أكثر من أي وقت مضى، بات مصمماً على استعادة دولة الجنوب “المغدورة”، فكيف سيدير معركة “الاستقلال” ومع من يتحالف وضد من؟ ... القاعدة و”داعش” والسلفية الجهادية، قد تكون جنحت لأولوية الحرب على الحوثيين “الروافض”، ولكن متى ستندلع المعارك بين هؤلاء وقوات التحالف وحلفائها في الجنوب؟ ... ثم كيف ستستقر الولاءات العشائرية المتحركة في ظل ارتفاع “الطلب” على كسب الولاء وشراء التأييد، مقابل ثبات العرض، ودخول أطراف عديدة على خط محاولة استقطاب العشائر رغم إدراك الجميع، بأن كثبان العشائر المتحركة، تجعل من شراء ولاءاتهم، استثماراً في الرمال. 

اليمن سيظل حتى إشعار آخر، وطن الحروب والصراعات المتناسخة والمتناسلة، ما لم يستقر أهله على “توافق وطني عريض”، يشمل الجميع من دون استثناء، حول نظام مدني – ديمقراطي، ودولة اتحادية ومواطنة متساوية وفاعلة، فهل ثمة من أفق لحل من هذا النوع؟ 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمن كما يُرى من الرياض وأبو ظبي اليمن كما يُرى من الرياض وأبو ظبي



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon