توقيت القاهرة المحلي 21:51:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تشوركين إذ يُنذر الأسد؟!

  مصر اليوم -

تشوركين إذ يُنذر الأسد

عريب الرنتاوي

في حمأة “الاختراقات الميدانية” التي حققها الجيش السوري وحلفاؤه على جبهات عدة، ارتفعت وتيرة التصعيد السياسي من جانب النظام ... الرئيس بشار الأسد، تحدث عن مواصلة العمليات الحربية حتى استعادة السيطرة على مختلف الأراضي السورية (وإن طال الزمن)... وزراء ومسؤولون كبار في الحكم ربطوا تنفيذ أية تفاهمات سياسية قد تنبثق عن مسار فيينا بالانتصار في الحرب على الإرهاب ... والإرهاب في القاموس السياسي، لا يستثني أحداً من المعارضات المسلحة، بل ويطاول المعارضة السياسية “الأشد اعتدالاً” بدلالة اعتقال عبد العزيز الخيّر ورجاء الناصر ومطاردة لؤي حسين.

لقد حدث ما حذرت منه أطراف عديدة على امتداد السنوات الخمس من عمر الأزمة السورية ... ما إن يتذوق فريق طعم “الانتصارات” على جبهات القتال، حتى تنتعش لديه أوهام “الحسم العسكري” ... حدث ذلك مع المعارضات في مراحل معينة من تاريخ الأزمة، وحدث ذلك أيضاً من داعميها ورعاتها الإقليميين، وها هو يحدث اليوم مع النظام وحلفائه الذي يستشعرون “فائض قوة” يغنيهم عن تكبد عناء السفر والتفاوض والحلول الوسط والتسويات السياسية والتوافقات الوطنية.

لكن الرد على هذا المنطق ( اللامنطق) داهم النظام من حيث لا يحتسب، الرد جاءه هذه المرة من نيويورك، وعلى لسان مندوب روسيا إلى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، الذي رد على تصريحات الرئيس بلغة لا تخلو من التهديد والوعيد ... فإما السير بإخلاص على مسار فيينا والتسوية السياسية للخروج بسوريا من مأزقها بـ “كرامة”، إما السير على الطريق الذي رسمته روسيا والمجتمع الدولي، وإما مواجهة أوخم العواقب، والتورط في حرب ستطول، ولا تُعرف نتائجها. 

تشوركين لم يتجاهل احتمال أن تكون تصريحات الأسد مجرد رسائل سياسية يبعث بها لخصومه وأصدقائه، ومن باب “الردع” من جهة أو “رفع المعنويات” و”رص الصفوف” من جهة ثانية، محذرا من مغبة اقتطاعها من سياقها، وتحويلها إلى “نصوص درامية” يُنسج على منوالها، الكثير من الاستخلاصات والتقديرات “المتطيّرة” ... لكن مع ذلك، لم يتردد الرجل، رفيع المستوى، في رسم سقوف لما يمكن لصناع القرار في دمشق، أن يتخذوه من مواقف وسياسات وخيارات ... فروسيا عندما قررت التدخل العسكري في سوريا، لم تفعل ذلك على طريقة “بلاكووتر” في اليمن، وإنما في سياق رؤية استراتيجية، تتعلق بموقعها ومصالحها كدولة عظمى ... والمؤكد أنها تتوقع من حلفائها وأصدقائها، تكييف سياساتهم مع هذه الحقيقة، لأنها ببساطة ليست في موقع يملي عليها، “تصغير” حساباتها وفقاً لـ “مقاسات” أي منهم. 

تعيدنا تصريحات تشوركين غير المسبوقة في سياق العلاقة بين “الحليفتين الاستراتيجيتين”، إلى فائض الثرثرة الدعائية وسيل الديماغوجيا الذي انهمر بقوة منذ الثلاثين من أيلول/ سبتمبر الفائت، عندما “اختزل” كثيرون من خصوم الأسد وبوتين، وظائف التدخل الروسي في سوريا بإنقاذ الرئيس بشار الأسد، أو عندما تحدث آخرون على الضفة الأخرى، “حلف استراتيجي” يضع موسكو ودمشق وطهران و “حارة حريك” في خانة واحدة ... يثبت اليوم، كما سبق وأن قلنا من قبل، أن لروسيا حساباتها وأجنداتها، التي لا تجعل منها “حليفاً استراتيجيا” لأي من هذه الأطراف، وهي من قبل ومن بعد، لم تتحدث يوماً، بهذه اللغة أو تضع نفسها في خانة “المقاومة والممانعة”. 

وتعيدنا تصريحات تشوركين، إلى “نبوءة” اختلف معنا كثيرون في تقويم مدى جديتها ووجاهتها، ألا وهي أن روسيا تستطيع أن تحمل الأسد على أكتافها لمرحلة انتقالية، تطول أو تقصر، هنا المسألة منوطة بتطورات الميدان، بيد أنه سيكون من الصعب على موسكو أن تحمل الأسد لما بعد المرحلة الانتقالية، هذا بفرض أنها راغبة في فعل ذلك. 

ويذكرنا تشوركين بتهديده ووعيده المبطنين، بما سبق وأن ذهبنا إليه أيضاً، من أن روسيا بعد الثلاثين من أيلول / سبتمبر، باتت الضامنة والحامية للنظام ورئيسه والمتكفلة بالملف السوري بوصفها “اللاعب المحوري” فيه على وحد وصف الملك عبد الثاني، بعد أن كان الأسد قبل هذا التاريخ، هو الضامن لمصالح روسيا ودورها على الضفاف الشرقية للبحر المتوسط... اختلاف المواقع هنا، سيؤسس لاختلاف المواقف كذلك. تصريحات تشوركين جاءت بمثابة “Wake - up call”، لكل من ظن أن الميدان وحده، يمكن أن يحسم الصراع في سوريا وعليها، وتذكرةً لهم بوجوب الإبقاء على الحلول السياسية التوافقية، في صدارة أجندتهم وأولوياتهم ... وعلى الذين “جاءوا بالدب الروسي إلى كرم العنب الشامي” أن يدركوا قبل فوات الأوان، بأنهم مشمولين أيضاَ بـ “قواعد اللعبة” الجديدة التي فرضها التدخل الروسي في سوريا... تلكم هي “ضريبة” استدعاء الخارج في الصراع الداخلي، أياً كان هذا الخارج، وأيا تكن هوية المُستدعي أو المُستَدعى. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تشوركين إذ يُنذر الأسد تشوركين إذ يُنذر الأسد



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon