توقيت القاهرة المحلي 18:20:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين

  مصر اليوم -

ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين

عريب الرنتاوي

خلال السنوات الخمس المقبلة، من المفترض أن ترتفع أعداد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس إلى قرابة المليون مستوطن ... الدولة الفلسطينية المستقلة التي تبدو متعذرة اليوم، ستصبح مستحيلة في نهاية هذه الفترة ... إخلاء المستوطنات وإزالة البؤر الاستيطانية، التي تبدو متعذرة اليوم، ستبدو مهمة عصية على أية حكومة أو ائتلاف حكومي، مهما أوغل في «يساريته» أو في «حبه للسلام» ... الاستيطان الزاحف الذي أتى على فرصة قيام دولة قابلة للحياة، سيجهز على فرص الحياة بالنسبة لثلاثة ملايين فلسطيني، هم إجمالي سكان هذه المنطقة من فلسطين، بعد سنوات خمس عجاف.
تتركنا هذه التطورات على المديين المتوسط والبعيد، أمام ثلاثة سيناريوهات: أولها: قيام إسرائيل بعمليات تهجير منظمة، للتخلص من «فائض السكان الأصليين»، سواء تحت التهديد الأمني أو بفعل الحصار والتجويع الاقتصاديين، وهنا يتعيَّن على الأردن، أن يشعر بالقلق، فهو المكان الأول، إن لم نقل الوحيد، المرشح لاستقبال «مخرجات» التوسع الاستيطاني و»فائض الديموغرافيا» الفلسطينية.
السيناريو الثاني: إقدام إسرائيل في السنوات القليلة القادمة، على اتخاذ خطوة /خطوات أحادية الجانب، تنسحب بنتيجتها من مناطق الكثافة السكانية، تاركة للفلسطينيين أمر إدارة هذه المناطق بأنفسهم، مع حملة ضغط دولي تستهدف دفع الأردن، للقبول بإنشاء علاقة من نوع ما، مع هذا الكيان المسخ، بهدف مدّه ببعضٍ من نسغ الحياة، ودائماً لاعتبارات الأمن الإسرائيلي في المقام الأول والأخير ... وهذا سيناريو لا يقل خطورة عن السيناريو الأول.
أما السيناريو الثالث، فهو تحول الفلسطينيين من شعار «الدولة المستقلة» إلى شعار «الدولة الواحدة، ثنائية القومية»، هو أمر دونه خرط القتاد إسرائيلياً، فاليمين واليمين المتطرف في إسرائيل، يمكن أن يقبل تحت الضغط بدولة فلسطينية على جزء من الضفة، لكن قبوله بدولة ثنائية القومية ونظام «صوت واحد للناخب الواحد»، يندرج في عداد المستحيلات ... يستوي في ذلك أهل اليمين مع أهل اليسار في دولة الاحتلال والاستيطان.
من منظور الأرجحية، يبدو السيناريو الثاني، مطعماً ببعض عناصر السيناريو الأول، هو الأكثر ترجيحاً ... إسرائيل ستبذل أقصى ما بوسعها لاستيعاب مزيد من أراضي الفلسطينيين وضمها، بأقل أعداد من السكان ... إسرائيل ستعتمد كل وسيلة من أجل إفراغ الأراضي الفلسطينية المحتلة من سكانه ... وهي بموازاة ذلك، ستعمل على «الفصل العنصري» تحت مسمى الانسحاب من جانب واحد، لأنها لا تحتمل «الفصل العنصري» في ظل الدولة الواحدة.
أخطر ما يمكن أن يحدث في سياق سعي إسرائيل لتنفيذ السيناريو الثاني، هو أن تجد من بين الفلسطينيين، شريكاً «ذي صدقية»، يقبل بالتعامل مع مخرجات الأحادية الإسرائيلية ... والقبول هنا، لا يعني بالضرورة العمالة للاحتلال، فقد نجد من صفوف الحركة الوطنية من يدعو بذريعة «الواقعية السياسية» للتعامل مع الأمر الواقع الجديد، وقد يجري تمويه هذا التخاذل، بالحديث عن النضال لاستكمال تحرير بقية المناطق المحتلة .... وقد نجد من بين الحركة الإسلامية في فلسطين، من يدعو بذريعة «الأولوية للإنسان وأسلمته وأسلمة المجتمع»، ما يدفعه للتعامل الواقعي مع هذا السيناريو، يساعده على ذلك، أن إسرائيل لن تنتظر منها تفاوضاً أو صلحاً أو اعترافاً بها ... حيث سيكون بمقدور هذا الفريق، الزعم بأنه يدير مناطق «محررة»، من دون أن يقدم أي تنازل تاريخي ... «شيء ما» مما حصل في غزة، بعد الانسحاب الإسرائيلي الأحادي، خاصة بعد انتخابات 2006، وقرار «الحسم»/ «الانقلاب» في 2007.
إن حصل مثل هذا «التجاوب» الفلسطيني مع نتائج ومخرجات الأحادية الإسرائيلية، وتحت أي حجة أو ذريعة، تكون إسرائيل قد نجحت في تمرير «دولة الحدود المؤقتة» على الفلسطينيين .... ويكون الاعتبار قد عاد لشارون صاحب نظرية «الهدنة طويلة الأمد»، أو «الحل الانتقالي بعيد الأمد» ... وسنكون قد تلقفنا الكرة في قلب ملعبنا، بعد أن كانت في الملعب الإسرائيلي.
وبذريعة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية للفلسطينيين تحت الاحتلال، قد يجري الترتيب لـ «مشروع مارشال» صغير، وفق معايير طوني بلير، وسلام نتنياهو الاقتصادي، والمدرسة «الفياضية» في التفكير السياسي الفلسطيني ... حينها ستكون النتيجة الوحيدة المنتظرة، هي تمرير المشروع الإسرائيلي، بأقل قدر من المقاومة والتكاليف ... أليس هذا هو الهدف من وراء مشروع «الانسان الفلسطيني الجديد»، الذي اخترعه بلير / دايتون، وبغطاء فلسطيني، كانت «الفياضية» عنوان مرحلة كاملة من مراحله؟
مواجهة هذه السيناريوهات، يُملي على الفلسطينيين التفكير من خارج الصندوق، والبحث ربما لأول مرة، عن استراتيجية بديلة بعيدة المدى، فالأرض الفلسطينية، كما بقية حقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، لم تعد ثابتة، بل باتت قابلة للتصرف، وهي تُصرّف الآن، باتجاهات شتى ليس من بينها «حق العودة والدولة والعاصمة».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين ثلاثة سيناريوهات تنتظر الفلسطينيين



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon