توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي»

  مصر اليوم -

ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي»

عريب الرنتاوي

تختلف تقديرات المراقبين بخصوص الوجهة التي ستسلكها إيران بعد التوقيع على اتفاق بشأن برنامجها النووي مع المجتمع الدولي ممثلاً بمجموعة “5 + 1” ... إحدى القراءات تقول: إن طهران ستوظف انفتاحها على الغرب تحديداً لتوسيع دوائر نفوذها الإقليمي، والمضي في سياسة “تصدير الثورة والمقاومة والتشيّع” ... قراءة أخرى تقترح أن طهران ستكون معنية بتعظيم “البيزنيس” مع الغرب، وبما يخدم هدف ترميم اقتصادها المنهك بالعقوبات والحصار، وأن حسابات “البيزنيس” لا تنسجم بالضرورة مع منطق “تصدير الثورة والمقاومة”... قراءة ثالثة تقول، إن مرحلة انتقالية، طويلة نسبياً ستمر قبل أن تنجلي غبار المعارك بين التيارات الإيرانية المختلفة، التي يدفع كل منها باتجاه مغاير عن الآخر، ومن الصعب الحكم من الآن، على الوجهة التي ستسلكها طهران مستقبلاً.

دول “عاصفة الحزم”، تنتمي في معظمها إلى المدرسة الأولى في التفكير ... تخشى القنبلة النووية الإيرانية لخشيتها من المظلة التي ستوفرها لدور طهران الإقليمي ... تخشى الاتفاق النووي الذي يبعد إيران عن القنبلة، لخشيتها من تنامي الاقتدار الاقتصادي والمالي لإيران، واستتباعاً توسيع دورها الإقليمي ... لهذا عارضت البرنامج والقنبلة والاتفاق، وسارعت إلى شن حرب غير مسبوقة ضد اليمن، من أجل “قصقصة” أجنحة النفوذ الإقليمي لطهران، أو على أقل تقدير، بأمل تحقيق بعض من التوازن في علاقات القوى الإقليمية.

نحن من جهتنا نقرأ من صفحة أخرى، غير صفحة “عاصفة الحزم” ... نرى أن توقيع إيران على الاتفاق النووي، من شأنه في المقام الأول، أن يعزز من نفوذ تيارات الإصلاح والاعتدال داخل مؤسسات الدولة والمجتمع في إيران ... وسيرتب التزاماً إيرانياً بإقامة علاقات دولية، واستتباعاً إقليمية، أكثر اتزاناً وتوازناً ... وسيخرج المجتمع الإيراني من قبضة “التهديد الخارجي” ليتفرغ هذا المجتمع لمعالجة مشكلاته الداخلية، بما فيها مسألة الديمقراطية الداخلية ومنظومة حقوق الإنسان وحفظ التعدد والتنوع السياسي والفكري والاجتماعي، في بلد ثري بمكوناته المختلفة، ويستند إلى إرث عميق من الحيوية المجتمعية.

وقد يُسجل التاريخ أن الشيخ حسن روحاني، لعب في إيران، ذات الدور الذي سبق لميخائيل غورباتشوف أن لعبه كآخر زعيم سوفياتي حين نهض بشعاري الغلاسنوست والبيريسترويكا، مع فارق التجربة والسياق والظروف ... وبدل أن تكون الثورة الإسلامية في 1979 “أول ربيع” في المنطقة، فقد تكون إيران مقبلة على “ربيع” آخر، ربيع الفكاك من “ولاية الفقيه” وولوج عتبات الدمقرطة الحقيقية للدولة ونظام الحكم والمجتمع، ومن دون حاجة لنظرية “الفك والتركيب” التي عملت تفتيتاً وتقسيما في المجتمعات والدول العربية، من دون إسقاط سيناريو كهذا، حتى في الحالة الإيرانية.

في المدى المباشر، اللاحق لتوقيع الاتفاق، لن تكون التغييرات الكبرى في إيران منظورة أو متوقعة ... إيران ستنهمك في توسيع شبكات تعاونها وتبادل الاقتصادي والتجاري مع العالم الخارجي بعد سنوات طوال من القطع والقطيعة ... لكن في غياب “العدو الخارجي”، ستتفرغ النخب الإيرانية الصلبة، لمقارعة نظام لا يمكن وصفه بالديمقراطية، في لحظة تاريخية فارقة، لم يبق فيها شعب واحد على وجه هذه البسيطة، راضياً وقانعاً بنظم استبدادية، دينية كانت أم قومية أو يسارية، عسكرية فجة كانت أم عسكرية متدثرة بلبوس مدني ... هذه سنة الحياة ووجهة التاريخ، وإن طال الانتظار.

لكن إشعال حروب مذهبية، وجعل إيران في صدارة لائحة الأعداء والتهديدات، من شأنه أن يطيل في أمد التحول والانتقال السياسي في إيران ... في هذا السياق، تأتي “عاصفة الحزم” لتغذي قوى التشدد والتطرف في الدولة والمجتمع الإيرانيين، ولتضعف قوى الإصلاح والتحديث والعصرنة ... ولأنها عاصفة مذهبية بامتياز، لا تستثني القاعدة والنصرة والأصولية الدينية من لائحة الحلفاء والشركاء المحتملين في هذه الحرب، فإنها بلا شك، ستعطي إيران فرصة لتسويق خطابها على نطاق أوسع، بل ولجذب التأييد والتعاطف الغربيين معها، بوصفها الجهة المؤهلة دون غيرها، لمقارعة خطر الإرهاب والتطرف والغلو، السنّي بصفة عامة.

والحقيقة أن الذين يخشون إيران – المذهب، ويتخذون مواقف مذهبية متشدد ضد الشيعة في بلدانهم وفي الإقليم، لأسباب محض مذهبية، هم أنفسهم الذين يخشون سيناريو انتقال إيران للعصر الديمقراطي ... فالديمقراطية بالنسبة لهؤلاء تهديد أشد فتكاً من “التطرف الإسلامي والمذهبي”، ولهذا ناصبوا ثورات الربيع العربي أشد العداء، واعتبروها تحديا وتهديدا لا فرصة للخروج من قبضة الفساد والاستبداد .

على الضفة المقابلة، لا نجد معنى حقيقياً، في “الاستقبال الاحتفالي” الذي قوبل به اتفاق المبادئ في لوزان من قبل أركان محور “المقاومة والممانعة” ... صحيح أن إيران خرجت بصفقة رابح – رابح في ذاك الاتفاق، وأنها ستتوفر على فرص ومقدرات ضخمة في حال الوصول إلى الاتفاق النهائي في أواخر حزيران / يونيو القادم ... لكن الصحيح كذلك، أن إيران القوية المقبلة، قد لا تكون إيران “المقاومة والممانعة”، قد لا تكون “إيران – الثورة”، بل ربما سيفاجئ القوم بإيران السائرة على طريق “الدولة”، إيران الساعية للتجارة و”البيزنيس” مع الغرب، وعندها قد يكون وقع المفاجأة كارثياً على أصدقاء إيران وخصومها في المنطقة، سواء بسواء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي» ثلاث قراءات لإيران ما بـعــــد «النـــووي»



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon