توقيت القاهرة المحلي 12:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خريطة المواقف من الأزمة السعودية -الإيرانية

  مصر اليوم -

خريطة المواقف من الأزمة السعودية الإيرانية

عريب الرنتاوي

تعددت أشكال ومستويات التضامن التي عبرت عنها عواصم عربية وإسلامية مع المملكة العربية السعودية في مواجهة إيران وتفاوت، بما يوفر للباحث والمراقب فرصة ثمينة، للتعرف على حقائق العلاقات التي تربط السعودية، واستتباعاً بإيران، بمروحة واسعة من دول الإقليم.

ثلاث دول بلغت الحد الأقصى في ردّات أفعالها على قيام محتجين بإحراق سفارة السعودية في طهران وقنصليتها في مشهد: البحرين، جيبوتي والسودان ... البحرين اتخذت مواقف متطابقة مع المواقف السعودية، ومضبوطة على إيقاعها، من سحب السفير إلى قطع العلاقات إلى وقف الرحلات و»الحبل على الجرار» ... جيبوتي، اكتفت بقطع العلاقات، ولا أدري إن كانت هناك رحلات أصلاً بين جيبوتي وإيران، لكن قرار الدولة الصغيرة والفقيرة، وفر لبعض «ظرفاء» إيران، مادة للتهكم والسخرية ... أما المفاجأة النسبية، فجاءت من الخرطوم، التي يبدو أنها قررت «استراتيجياً» نقل بندقيتها من كتف إلى كتف، وتتحيّن كل فرصة للبرهنة على أنها لم تعد تدور في الفلك الإيراني.

دولٌ أخرى، آثرت تخفيض مستوى التمثيل (الإمارات) أو استدعاء سفرائها من طهران (الأردن، الكويت وقطر) ... دول أخرى اكتفت بإصدار بيانات الشجب والاستنكار من دون أن تستتبعها بأية إجراءات ملموسة، تشف عن مستوى أعمق من التضامن مع المملكة أو تعبر بصورة أشد عن الغضب من الممارسة الإيرانية ... بيد أن الأمر اللافت للانتباه، إنما يتمثل في مواقف الدول الإسلامية الكبرى، والتي لطالما صنفت في خانة «الحلفاء الكبار» للمملكة، كالباكستان واندونيسيا وتركيا... هذه الدول آثرت عرض القيام بدور «الوسيط»، ولم تتصرف كحليف، وإن كانت قد أصدرت ما يكفي من بيانات الشجب والاستنكار، خصوصاً باللغة التركية.

 ردة الفعل الإيرانية  على اعدام النمر كانت موضع شجب واستنكار من قبل المجتمع الدولي من دون استثناء، بمن في ذلك أصدقاء إيران، إذ يصعب تبرير وتسويق الاعتداءات على السفارات والبعثات الدبلوماسية، ففي ذلك خرق جسيم للمعاهدات والمواثيق الدولية ... حتى أن في إيران ذاتها من انتقد واعتذر، والبعثة الإيرانية في نيويورك ذاتها، عبرت عن الأسف لما حصل، وسعت جاهدة في «تخليص المستوى الرسمي والحكومي من أوزاره»، ولكن من دون جدوى بالطبع.

اليوم، لا ندري كيف ستتفاعل ردود الأفعال والمواقف الدولية على حرق السفارة والقنصلية السعوديتين، سيما بعد الأنباء التي تتحدث عن استهداف طيران التحالف الدولي ، للسفارة الإيرانية في صنعاء، وإلحاق أضرار مباشرة بمبانيها، وإصابة عدد من حراسها والعاملين فيها ... لا أحد يريد أن يرى «حرب سفارات» وقد اندلعت بين إيران والسعودية، وغالبية دول المنطقة وشعوبها، تبدي مخاوف حقيقية من مغبة هذا التدهور في العلاقات بين البلدين الكبيرين.

إن أكثر المواقف وردود الأفعال التي تستدعي التأمل والتوقف، تلك التي صدرت عن الباكستان بالدرجة الأولى، وعن تركيا بالدرجة الثانية ... فمن منظور الرياض، تعد الباكستان دولة حليفة، استهلكت عشرات المليارات من الدولارات السعودية على مدى السنوات والعقود ... أما تركيا، فلم يجف بعد، الحبر الذي كتبت به اتفاقية انشاء «مجلس التعاون الاستراتيجي» بين البلدين، والتي نظر إليها بوصفها انتقالاً في العلاقة بين البلدين من التعاون إلى التحالف ... أنقرة وإسلام أباد، آثرتا القيام بدور «الوسيط النزيه» على ممارسة دور «الحليف المُكلف» على ما يبدو ... كلتاهما دول من «العيار الثقيل»، ولكلتيهما علاقات وطيدة ومتشعبة مع إيران، والمؤكد أنهما تخشيان الانزلاق إلى قعر حروب الطوائف والمذاهب، مع أن البلدين لا يخفيان هويتهما الإسلامية، السنيّة بخاصة.

الباكستان بخاصة (التي يزورها الآن وزير الخارجية السعودية عادل الجبير) وخلال عام واحد فقط، وجهت ضربتين قويتين لعلاقاتها الوطيدة مع المملكة، أو بالأحرى لرهانات المملكة على هذه العلاقة: الأولى؛ عندما صوت برلمانها بالإجماع على رفض الانضمام لتحالف «عاصفة الحزم» ضد اليمن، والثانية؛ عندما تحفظت على «عضويتها» في التحالف الإسلامي العسكري الذي أعلنته الرياض، وبدلاً عن ذلك، أوعزت لسفيرها في دمشق أن يلتقي بوزير الخارجية السوري اللواء محمد الشعار، لتخرج تصريحات عن الاجتماع، تشدد على «المصلحة المشتركة» للبلدين في الحرب على الإرهاب، وتثمن دور سوريا في هذه الحرب؟!
مصر، بهذه المناسبة، ليست بعيدة تماماً عن الموقفين التركي والباكستاني حيال هذه الأزمة (والاندونيسي بالطبع)، فهي وإن كانت متلقٍ كبير للمساعدات السعودية السخيّة، إلا أنها تحتفظ لنفسها بـ «هامش مناورة واسع»، تكتفي بالتصريحات المؤيدة للمملكة والداعمة لها «إلى حد مسافة السكّة»، لكنها عملياً لم تقدم على الانخراط أو التورط، لا في الحرب على اليمن، ولا في الصراع ضد إيران، وتتخذ مواقف مغايرة في سوريا، حتى أن مواقفها الفعلية من ملفات المنطقة بمجملها، تركت للإعلام ليعبر عنها .

والخلاصة، أن ظاهر العلاقات «المزدهرة» بين هذه العواصم والدول الكبيرة، لا يعكس باطنها وجوهرها، فتحت سطح المجاملات والعبارات الدبلوماسية المنمّقة، والتحالفات التي تنشأ وتموت دون أن نعرف لماذا نشأت وممن تكونت، ولماذا انحلت وباتت نسياً منسياً ... تحت كل هذه «الأغبرة» و»الرطانة»، تكمن أعمق المصالح والحسابات الوطنية والقومية المتناقضة، وتتفاعل خلافات عميقة، تصل حد الصراع أحياناً، ولكن بصمت وهدوء، إلى أن تنجلي غبار اللحظة الانتقالية الصعبة والحرجة في الإقليم برمته على ما يبدو.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خريطة المواقف من الأزمة السعودية الإيرانية خريطة المواقف من الأزمة السعودية الإيرانية



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon