توقيت القاهرة المحلي 04:35:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«داعش» تقاتل أربعة جيوش ... وتنتصـر عليها؟!

  مصر اليوم -

«داعش» تقاتل أربعة جيوش  وتنتصـر عليها

عريب الرنتاوي

هي تجربة غير مسبوقة على الإطلاق، لا في التاريخ القديم ولا الجديد ... تنظيم يحارب في ثلاث دول وعلى عشرات الجبهات ... يشتبك مع أربعة جيوش، وينتصر عليها، أو على الأقل، يمنعها من تحقيق انتصار عليه ... وإلى جانب الجيوش النظامية الأربعة، يقف “التنظيم” في مواجهة عشرات المنظمات والجماعات والأحزاب والعشائر والطوائف، وينجح في تفكيكها وتدميرها وتهجيرها ... أية قوة هذه؟، وأين سيصدّر “التنظيم” فائق قوته في الأيام والأسابيع القادمة؟
هو “داعش” إذا، تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، يقاتل في كل من سوريا والعراق ولبنان، ألحق هزيمة نكراء ملؤها الخزي والعار، بأربعة فرق عسكرية نظامية، وهو يتقدم باضطراد، ويحقق في كل يومٍ مكاسب جديدة، برغم الانتصارات التلفزيونية التي تصدر عن بغداد ولم تؤيد الوقائع على الأرض، أياً منها.
هو “داعش”، الذي لم يسمح للأكراد بأن يستمرئوا حالة الزهو والابتهاج بهزيمة الجيش العراقي، فهاجمهم في عقر إقليمهم، ونغّص عليهم لحظة الإحساس بالتفوق و”الشماتة”... وها هو اليوم يشتبك مع “حامية أربيل” ويستولي على سد الموصل الاستراتيجي، ويجتاح شمال نينوى مهجراً المسيحيين والأزيديين والشبك والتركمان ... ولا ندري ما إن كانت غارات سلاح الجو الأمريكي، ستكون كافية وفعّالة في منع تقدمه أو فرض التراجع عليه.
وهو “”داعش” الذي سبق له أن نغّص على الرئيس الأسد فرحته بأداء اليمين لولاية ثلاثة، إذ منذ تلك الوقفة أمام مجلس النواب وأعيان الدولة والحزب والمجتمع قبل ثلاثة أسابيع، نجح التنظيم في قتل أكثر من ألفي جندي سوري نظامي وشبه نظامي، في أول مواجهات واسعة النطاق بين النظام و”التنظيم”، كما نجح في توسيع رقعة سيطرته على الرقة ودير الزور، وانتقال معاركه إلى ريف حماة وريف دمشق وريف درعا، وأحسب أن معارك سوريا الأشد ضراوة، لمّا تأت بعد، فالآتي أعظم.
وهو “داعش” الذي سيطر مع ثلة من الفصائل والكتائب التي على صورته وشاكلته، على مدينة عرسال وجرودها في بقاع لبنان، وعلى امتداد مساحة قد تصل إلى 500 كيلومتر مربع، قتل من قتل من عناصر الجيش والدرك والأمن العام، وعاد بمن عاد من أسرى ورهائن ومفقودين، في صفقة غامضة ومُذلّة، هي أقرب لهزيمة الجيش والدولة منها إلى أي شيء آخر، لن تخفف من مذاقها المر، وعود الدعم والتسليح وملايين الدولارات..
هل هي قوة “داعش” أم هشاشة الجيوش والدول والمجتمعات التي يقاتلها ويقاتل عليها؟ ... أم هي الأمران معاً؟ ... هل بات ممكنا تصور سيناريو إلحاق الهزيمة بـ “داعش”، كيف ومتى ومن سيقوم بهذه “المغامرة”؟ ... هل يمكن هزيمة “داعش” قطرياً أو وطنياً، أم أن الأمر بات بحاجة لإطار إقليمي عابر للحدود والطوائف والمذاهب والحساسيات، لمجابهة الطوفان الذي يأخذ كل ما في طريقه ومن في طريقه؟ ... أسئلة وتساؤلات لم نعد نجرؤ على اقتراح الأجوبة الشافية عليها.
الأخطر من ذلك كله، أننا لم نعد نعرف الوجهة التالية، الهدف التالي، للتنظيم و”الخلافة”؟ ... فلا أحد كان يتصور بأن داعش ذاهبة إلى اجتياح الإقليم الكردي، ولطالما قلنا وقال غيرنا أن “داعش” تتحاشى الاصطدام بالإقليم والمناطق الكردية، وكانت لدينا صورة عن “البيشمركة”، غير تلك التي تكشفت عنها معاركها مع داعش، ليتبين لنا أن المليشيا الكردية لا تختلف في مبناها وعزيمتها وتدريبها عن الجيش العراقي، وهي المفاجأة العراقية الثانية في أقل من ثلاثة أشهر، بعد مفاجأة الموصل وانهيار الجيش العراقي في المحافظات السنيّة؟ ... ما حصل من معارك في سوريا والخسائر التي مني بها النظام في الأرواح والمواقع والمناطق، لم يكن مفاجئاً، ولسنا قادرين بعد على إعطاء تقييم أدق لما قد يأتي من معارك ... أما معركة عرسال، فلم نر فيها في حينه، سوى “بروفة” لمعركة طرابلس والشمال اللبناني، وهو ما عاد المسؤولون اللبنانيون يتحدثون عنه وإن بعد طول انتظار وتأخير.
هل تتجه “داعش” شمالاً صوب تركيا ... ثمة شواهد تستبعد هذا السيناريو، وتستند في ذلك إلى وجود علاقات “تبادل منافع ومخاوف” بين أنقرة و”دولة الخلافة” ... أنقرة صمتت عن احتجاز دبلوماسيي قنصلية الموصل الذي سقطوا منذ أكثر من شهرين في قبضة “داعش” ... “داعش” التي هدمت جميع المقامات وقبور الأنبياء والأولياء، وقفت صامتة أمام مقام “سليمان شاه”، جد مؤسسة الامبراطورية العثمانية... “داعش” تبيع نفطها إلى تركيا عبر شبكات معقدة من طرق التهريب، بمعرفة السلطات إن لم نقل بتواطؤها وتشجيعها، وتستقبل عبر خطوط التهريب ذاتها، مئات وآلاف المقاتلين من شتى أرجاء العالم...ماذا يجري بين داعش وأنقرة؟ لا أحد يعرف.
أين ستكون الضربة التالية لـ “داعش”؟ ... في أربيل والسليمانية ودهوك، أم على جبهة حلب وأريافها؟ ... هل ستذهب إلى فتح معركة طرابلس وشمال لبنان؟ ... هل ستقاتل على جميع هذه الجبهات دفعة واحدة، كما تفعل الآن؟ وإلى متى؟ .
لغز “داعش” سيظل حتى إشعار آخر، عصياً على الحل والتفكيك، لكن المؤكد أن المعركة معها ستطول وتطول كثيراً ... أما النصر عليها، فبات فوق طاقة “الدولة الوطنية”، بات بحاجة لإطار من التعاون الأمني والعسكري الإقليمي، المدعوم بمظلة دولية سياسية وعسكرية صلبة ومتماسكة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» تقاتل أربعة جيوش  وتنتصـر عليها «داعش» تقاتل أربعة جيوش  وتنتصـر عليها



GMT 18:32 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

فنّانو سوريا

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

المشهد اللبناني والاستحقاقات المتكاثرة

GMT 18:31 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... الوجه الآخر للقمر

GMT 18:30 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

2024: البندول يتأرجح باتجاه جديد

GMT 18:29 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

جنوب لبنان... اتفاق غير آمن

GMT 18:27 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

رائحة في دمشق

GMT 18:26 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

«هشام وعز والعريان وليلى ونور وكزبرة ومنى ومنة وأسماء»

GMT 16:40 2024 الجمعة ,27 كانون الأول / ديسمبر

الوطن هو المواطن

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon