توقيت القاهرة المحلي 14:42:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زاوية أخرى للنظر

  مصر اليوم -

زاوية أخرى للنظر

بقلم عريب الرنتاوي

أربعة “عناصر قوة”، حقيقية أو متخيّلة، استندت إليها العلاقة التاريخية بين النظام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، انقلبت أو تكاد تنقلب، إلى “نقيضها”، وبدل أن تكون سبباً في إدامة هذه العلاقة وتطويرها، تحولت إلى سببٍ في تأزيمها، وربما إحداث القطع والقطيعة بين طرفيها.

العنصر الأول، وقد تلاشى منذ زمن بعيد، وتحديداً منذ انتهاء الحرب الباردة وسقوط جدار برلين، غاب “العدو الشيوعي المشترك” الذي لعب دور “اللاصق” لهذه العلاقة، وتدافع اليساريون إلى شغل الحقائب الوزارية، التي طالما استمتع بإشغالها، قادة الجماعة في زمن سابق، زمن الأحكام العرفية، الذي حذرت الجماعة مؤخراً، من العودة له، مع أنه كان “زمانها”، ورجالاتها كانوا رجالاته ... تغيرت المواقع والمواقف، وارتسمت من جديد، خرائط التحالفات، وثمة حاجة لإدراك هذه الحقيقة، والأهم، التصرف بهديها.

العنصر الثاني، وقد تلاشى منذ زمن كذلك، يوم كانت الحركة الإسلامية، مطلوبة لخلق “المعادل الموضوعي” لنفوذ منظمة التحرير وفصائلها في الأردن بضفتيه على حد سواء، ويوم كانت الرهانات ما زالت قائمة على دور أردني في الحل الفلسطيني، ويوم كانت العلاقة بين القيادتين الأردنية والفلسطينية، تنافسية بامتياز، قبل أن تتحول في سنيّ حكم الملك عبد الله الثاني، وتحديداً بعد رحيل ياسر عرفات، إلى علاقة “تعاون” تنطلق من قاعدة أن “الأردن أردن، وفلسطين فلسطين” ... كان يتعين إدراك هذه الحقيقة يوم أُغلقت مكاتب حماس في عمان، وأُبعد قادتها إلى الدوحة في العام 1999، والأهم من إدراك المسألة، هو التصرف وفق مقتضياتها.

العنصر الثالث، ويتصل بفرضية “تمثيل المكون الفلسطيني” في المعادلة الوطنية الأردنية ... البعض نظر للمسألة بوصفه عنصر قوة، على اعتبار أن أحداً لن يكون بمقدوره إلغاء تمثيل مكون أساس من مكونات الشعب الأردني، فيما هو في واقع الحال، عنصر ضعف، ومصدر قلق وتحسب لمؤسسات صنع القرار، وعائق حال دون تحقيق مزيدٍ من “العدالة في التمثيل”، ومن تساوره شكوك حيال ما نقول، فليرجع لمقابلة الملك مع “ذا أتلانتيك” في آذار/ مارس من العام 2103، وليقرأ جيداً تجربة انتخابات 2007 ومحاولات “تخليق” نخب جديدة في إطار هذا المكون.

العنصر الرابع، ويتأسس على “نظرية المصدّ”، والتي تفترض أن الجماعة، بوصفها تعبيراً عن “الإسلام الوسطي – المعتدل” يمكن أن تلعب دور “المصدّ” في مواجهة رياح الغلو والتطرف والإرهاب ... لهذه النظرية أنصارها حتى اليوم، وإن كانت السياسة الرسمية المتبعة حيال الجماعة، تظهر أنهم يتناقصون في مؤسسات صنع القرار السياسي والأمني، ويتآكل تأثيرهم ... وهناك في المقابل، من يقترح، أن معظم جماعات “التطرف العنيف” خرجت من تحت عباءة الجماعة، وأنها مسؤولة إلى حدٍ يكبر أو يصغر، عن نشر “ثقافة التطرف”، من المسجد إلى المدرسة ... هنا وهنا بالذات، كان يمكن للجماعة أن تعمل بجهد أكبر، على “تظهير” خطاب مغاير، والاضطلاع بأدوار متزايدة في التصدي لظاهرة التطرف، بدل المراوحة في مربعات رمادية وضبابية.

الجماعة تنطلق من نظرية “حاجة النظام لها”، وتستند في ذلك إلى “إرث” من المواجهات المشتركة ضد تهديدات الحرب الباردة ومهدداتها، لكن النظام في المقابل، لديه ما يقوله، فهو حمى الجماعة، ووفر لها ملاذاً آمناً حين كانت مطاردة في معظم إن لم نقل جميع، الأقطار والأمصار العربية ... ثم أن تكرار مثل هذا النوع من الأحاديث والمبررات، هو نوع من الإصرار على الاستمرار في “إصدار شيكات من دون رصيد”، ستودي بصاحبها في نهاية المطاف، إلى أسوأ العواقب.

كان يتعين على الجماعة (ولا يزال) أن تتعامل بجدية من التحولات العميقة الجارية من حولها ... كان عليها ألا تراهن على “نظرية القصور الذاتية” في الميكانيكا، التي تفترض استمرار حركة الجسم في درجة “صفر جاذبية” بذات السرعة وذات المسار، إلى الأبد (إلى ما شاء الله)، ما لم يصطدم بجسم آخر ... المجتمعات لا تعيش لحظة واحدة، من دون “جاذبية وتجاذبات”، ولحظة الاصطدام بجسم آخر، كانت آتية لا ريب فيها، سيما إن أدركنا بان هذا هو توجه “عقل الدولة “، وليس قرار موظف هنا أو توجه مسؤول ثانوي هناك.
لست أقترح مواقف أو سياسات معينة يتعين على الجماعة اجتراحها أو تبنيها، أقله في هذه المقالة، وجُلّ ما أريد قوله، أن المراوحة في مربع “الإنكار والمكابرة” الذي تردد على ألسنة كثيرين وعبر أقلامهم، قد بلغت خواتيمها، وأن لحظة “التحوّل الإستراتيجي” تقرع الأبواب، والمأمول أن يأتي التحوّل وتنصبّ المراجعات، على ما ينفع الناس ويبقى في الأرض.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زاوية أخرى للنظر زاوية أخرى للنظر



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
  مصر اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ حماس

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon