توقيت القاهرة المحلي 21:51:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سباق مع الزمن

  مصر اليوم -

سباق مع الزمن

عريب الرنتاوي

بعد “تعليق” اجتماعات “جنيف 3” على وقع الاختراقات النوعية التي حققها الجيش السوري على جبهات حلب والجنوب، بدعم روسي جوي كثيف، كشفت موسكو عن عملية “بناء قوة” تجريها أنقرة على مقربة من حدودها مع سوريا، وتحدثت الرياض عن استعدادها للمساهمة في قوة برية تحت رعاية التحالف الدولي وفي إطاره، لمحاربة “داعش” ... أنقرة نفت الأنباء الروسية عن “بناء القوة”، وموسكو تحدثت عن عرض سعودي “غامض” مشككة بجديته، وواشنطن رحبت بالعرض بانتظار مزيد من التفاصيل. الغريب في الموقفين التركي والسعودي، إنهما يأتيان في لحظة “تقدم نوعي” تحققها قوات الجيش السوري على أكثر، ضد النصرة وحلفائها في الشمال والجنوب، وضد “داعش” في ريف حلب الشرقي ودير الزور، كما أنها تأتي في ظل تواتر التقارير الغربية والعراقية، عن تراجع “داعش” وانحسار نطاق سيطرته وخسرانه ألوف المقاتلين، وفقاً لأحدث تقرير استخباري أمريكي، الأمر الذي يجعل من سؤال “التوقيت”، توقيت هذه المواقف والتصريحات، أمراً بالغ الأهمية، خصوصاً لجهة “الهدف” الذي تسعى العاصمتان الإقليميتان الحليفتان لتحقيقه. بالنسبة لتركيا، ثمة ما يشبه “الانقلاب” على كل ما خططت له وسعت لتحقيقه في سوريا ... النظام السوري يستعيد المزيد من المناطق لسيطرته، وتحديداً في “المجال المفيد” لتركيا ... والأهم، أن وحدات الحماية الشعبية الكردية والاتحاد الديمقراطي الكردستاني اللذان تعتبرهما أنقرة، فصيلان إرهابيان، سيجلسان بعد وقت ليس ببعيد على مائدة جنيف، وهما تحظيان بدعم روسي – أمريكي سياسي وعسكري، وواشنطن بالذات، رفعت مؤخراً من درجة تنسيقها مع كرد سوريا، وزار مسؤولون أمريكيون رفيعو المستوى مناطقهم، وثمة أنباء عن قوات برية و”مطار عسكري” قيد الانشاء ... اما روسيا، فتقترح ضم الأكراد إلى “المركز الاستشاري” بين الحلفاء الذي اقترحته أن تستضيفه العاصمة الأردنية. البساط السوري، ينسحب بتسارع من تحت أقدام “السلطان”، ومع الاختراقات النوعية للجيش السوري في ريف حلب الشمالي، يبدو أن ما تبقى من “خيول الرهان التركية” في سوريا، في طريقها للهلاك .... لم يبق لدى الزعيم التركي، سوى تجريب “مغامرة التدخل المباشر”، وتسجيل اختراقات في العمق السوري، علّه بذلك يعيد “ترميم” قواعد اللعبة والاشتباك، وينقذ ما يمكن إنقاذه من المصالح التركية. السعودية، لديها ما يكفيها من الهموم والتحديات، خصوصاً على خاصرتها الجنوبية  ، لكنها مع ذلك، تجد صعوبة في التسليم، بأن مشروعها في سوريا قد وصل طريقاً مسدوداً ... ليست المسألة في الحرب على “داعش”، هذه الحرب تخوضها أطراف عديدة، تحقق تقدماً تلو الآخر، ومسألة اجتثاث التنظيم من سوريا والعراق، باتت مسألة وقت لا أكثر، قد يطول قليلاً أو قد يقصر، لكن التنظيم بدأ منذ حين، مسيرة هبوطه وانحداره. السعودية بعرضها المشاركة في قوات برية لقتال “داعش” تستعجل تدخلاً برياً دولياً في سوريا، ينهي الاستفراد الروسي الميداني، ويضع حداً لتقدم قوات الجيش السوري على الأرض، وينقذ ما يمكن إنقاذه أيضاً من الحلفاء المحليين الذي استثمرت بهم الرياض، الكثير من المال والجهد والسلاح والعتاد .... يبدو أن الثقة بقدرة الحلفاء المحليين على “حمل المشروع السعودي” في سوريا، قد تلاشت تحت الضربات والاختراقات النوعية التي حققه خصوم المملكة مؤخراً على الأرض ... لا بد إذن من اعتماد “الخطة ب “. سوريا ليست اليمن بالنسبة للمملكة، المجازفة هنا قد تكون قاتلة بكل ما للكلمة من معنى، لذا يجب أن تكون “المغامرة محسوبة” للغاية، ومضبوطة على إيقاع التحالف الدولي وتحت مظلته وبرعايته. نحن إذن، بإزاء سباق محموم مع الزمن، في الميدان كما على موائد الحوارات والمفاوضات ... النظام وحلفاؤه يستعجلون حسم بعض المعارك الكبرى، قبل الشروع جدياً في بحث حول أي من العناوين الجوهرية على جدول أعمال “جنيف 3”، وخصومه سيفعلون كل ما بوسعهم لجعل مهمة النظام مستحيلة ... لكن الفارق الجوهري بين الفريقين، أن الأول يتحرك ككتلة صلبة متماسكة ويقفز كالأرنب، فيما الفريق الثاني، متثاقل ومتباعد ويتحرك بسرعة السلحفاة في معظم الأحيان. النظام وحلفاؤه، ماضون في معاركهم الشمالية حتى خط الحدود مع تركيا، وفي الجنوب لم تعد دمشق تتردد في البوح بأنها لن تتوقف قبل أن تبلغ “معبر نصيب” الحدودي مع الأردن ... الانهيارات المتسارعة للمسلحين، معتدلين وإرهابيين، باتت تسمح على الاعتقاد، وربما لأول مرة من أزيد من ثلاث سنوات، بأن ما يخطط له النظام ويسعى لإنجازه مع حلفائه، يبدو احتمالاً مرجحاً. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سباق مع الزمن سباق مع الزمن



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 10:53 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مدبولي يترأس اجتماع المجموعة الوزارية الاقتصادية

GMT 00:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الأمير ويليام يكشف عن أسوأ هدية اشتراها لكيت ميدلتون

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 01:05 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النيابة العامة تُغلق ملف وفاة أحمد رفعت وتوضح أسباب الحادث

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon