توقيت القاهرة المحلي 20:27:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عروض »التهدئة المُستدامة» إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة

  مصر اليوم -

عروض »التهدئة المُستدامة» إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة

عريب الرنتاوي

عروض “التهدئة المُستدامة” تنهمر على حماس في غزة، أطراف أممية وعواصم دولية وموفدين وقناصل يتحدثون عن تهدئة طويلة الأمد ... وزير الخارجية الألماني “فرانك شتاينماير” يبسط لمعادلة “التنمية مقابل” كقاعدة للتهدئة المستدامة ... قبله كان أمير قطر السابق في زيارة لغزة، يشرع في “التنمية مقابل الأمن”، وعينه على إعادة تأهيل حماس وإدماجها في العملية، توطئة لتعميم نموذجها في غزة على الضفة الغربية، من ضمن استراتيجية قطرية رعائية لجماعة الإخوان المسلمين... الأمم المتحدة ممثلة بموفدها نيكولاي ميلادنيوف لم تكن بعيدة عن هذه الساحة كذلك. حماس لا تنفي ذلك، بل تؤكده وتكشف بعضاً من فصوله ... لكن قادتها يستدركون: لم نتلق بعد، أي عرض مكتوب بهذا الشأن ... نبرة الرضا والقبول أكثر من واضحة في تصريحات الناطقين باسم الحركة ... لسان حالهم يقول: ولمَ لا؟ ... رفع الحصار وإسقاط العقوبات فضلاً عن تشييد الميناء وبناء المطار، حقوق لنا، فلم نفرط بها، ولماذا كل هذا الضجيج حيال عروض ما زالت – من أسف – في إطارها الشفوي المجرد، ولم تنتقل بعد إلى مرحلة المشاريع الخطيّة المكتوبة؟! في الحديث عن الإطار الزمني للتهدئة المقترحة، تتراوح المدد والآماد الزمنية، من عشر سنوات إلى ربع قرن ... وهي فترة زمنية كفيلة بتمكين إسرائيل من استكمال قضم وهضم ما اقتطعته وما ستقتطعه من الضفة الغربية والقدس، ومن دون منغصات من أي نوع ... فترة كفيلة بمأسسة الانقسام والانفصال، لا بين فتح وحماس فحسب، بل وبين الضفة والقطاع كذلك، وبصورة قد تؤسس لإنهاء الحلم الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة. لا يعني ذلك، أننا نريد لقطاع غزة أن يظل تحت سيف الحصار والإغلاق ... هذا أبعد شيء عن تفكيرنا، لكن مشاريع التهدئة المتداولة على اختلاف مصادرها، تقترح حلاً للقطاع بمعزل عن الضفة، بل –ربما-بهدف تكريس انفصالهما ... فإذا كانت حماس تحت أصعب الظروف، لا تبدي حماسةً للمصالحة، شأنها في ذلك شأن حركة فتح، الشقيقة التوأم في الانقسام، فإن من المؤكد أن آخر ذرة استعداد للمصالحة ستتبدد إن أمكن لها الخروج من “شرنقة” الحصار والعزلة، من دون اضطرار لمغادرة السلطة أو تقاسمها. لا أحد يقترح على الحركة أن تلقي سلاحها، سلاح الحركة بات مطلوباً أو على الأقل، ليس مطروحاً للسحب أو التسليم، طالما أن غزة مرشحة لأن تكون حاضنة من حواضن داعش والسلفية الجهادية، ولقد نشرت في إسرائيل عشرات المقالات والتقارير التي تتحدث عن “المصلحة المشتركة” في مقاومة انتشار السلفية الجهادية التي تتحدىسلطة حماس في القطاع المحاصر والمعذب. ما الذي سيبقى من خيار المقاومة إن أمكن لعروض كهذه أن ترى النور؟ ... وهل في تاريخ حركات المقاومة والتحرر الوطني “تهدئات من هذا الصنف والطراز”؟! ... وما الفرق بين هذه “التهدئة” المديدة، والتسويات السياسية التي أبرمت ما بين السلطة وإسرائيل؟ ... لا فرق في الجوهر وإنما في “السيناريو والإخراج” .... ألم نقل من قبل، أن حماس تسير على خطى فتح، وأن أول الرقص “حنجلة” رداً على المواقف والتصريحات التي صدرت عن بعض قادة الحركة، والتي تكشفت عن استعدادات للقبول بدولة الحدود المؤقتة والإدارة المدنية و”التهدئة المفتوحة”؟ الرئيس الفلسطيني محمود عباس واثق من أن حماس سائرة على هذا الطريق، ومن خلفه “رهط” طويل وعريض من قيادات فتح والسلطة والمنظمة، يتحدثون عن الاتفاق كما لو أنه أنجز وتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى ... حتى أن “أبو مازن” كشف عن لقاءات في الشطر التركي من قبرص بين حماس وإسرائيل، بوساطة تركية، (والأرجح قطرية، لكن علاقات الرئيس “المتميزة” بالدوحة ربما منعته من ذكر ذلك علناً) ... لكننا حتى الآن، لم نعرف إن كانت مفاوضات مباشرة أم عبر وسيط، وهل أديرت بين غرفتين في فندق واحد، أم بين فندقين منفصلين كما هو حال حوارات جنيف اليمنية؟ والأرجح أن أطرافاً عدة، من بينها مصر والولايات المتحدة، على علم بما يجري ... وإلا لما سمح للدكتور موسى أبو مرزوق بالتنقل بين غزة والقاهرة، وبين الأخيرة والدوحة، في حركة مكوكية، تدور في مجملها حول هذه العناوين وجزئياتها ... المؤكد أن ثمة تيار عريض في إسرائيل، أخذ يميل لهذا الخيار، من رئيس الحكومة ووزير دفاعه، إلى رهط من جنرالات الأمن والجيش، الذين لاحظوا استعداداً لدى الحركة لضبط جبهات القطاع المحاصر، نظير رفع القيود على حركة الأفراد والأموال والسلع والخدمات ... وهو استعداد ترتفع وتائره مع تواتر التقارير عن وجود جهادي في غزة يوازي ويواكب الوجود الجهادي في سيناء. وثمة ما يشي بأن مصر تتجه لمقاربة أخرى مع حماس، تفصل ما بين موقف القاهرة من الحركة وموقفها من الجماعة الأم (الإخوان)، من قرار القضاء المصري (المستقل!) بإبراء حماس من تهمة الإرهاب، إلى أحاديث متواترة عن لقاءات واجتماعات وأحياناً تعاون بين الجانبين، إلى تساهل وتسهيلات في قضية معبر رفح غير مسبوقة منذ وصول السيسي إلى سدة الحكم ... كل ذلك ليس بعيداً عن مواقف حماس من “الجهاديين” من جهة ومواقفها من ملف التهدئة بعيدة الأمد من جهة ثانية. “والتهدئة طويلة” الأمد، ليست مفهوماً طارئاً على فكر الحركة وعقيدتها ... فهو ركيزة مُؤَسِسة لمفهوم “التمكين” عند الحركات الإسلامية بعامة، والإخوان بخاصة ... فالجماعة تأخرت إحدى وعشرين سنة عن ركب الكفاح المسلح والرصاصة الأولى بحجة التمكين، ومؤسس الحركة وشيخها الراحل أحمد ياسين، كان أول من تحدث عن تهدئة طويلة الأمد، ومنذ ذلك التاريخ، والمفهوم يحضر ويغيب تبعاً لمقتضيات اللحظة السياسية وحساباتها. “التهدئة” في غزة، بصرف النظر عن مدتها الزمنية، مطلب ملح لكل الفلسطينيين، شريطة ألا تتحول “التهدئة” إلى حل نهائي بحكم الأمر الواقع، ولكيلا تصبح سبباً في قسمة الجغرافيا الفلسطينية بعد أن انقسمت الفصائل والمنظمة والسلطة... فالتهدئة من قبل ومن بعد، يجب أن تتم في سياق المصالحة الفلسطينية، وتحت إطار قيادة فلسطينية موحدة، وتحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، ومن أجل معالجة الكارثة الإنسانية في القطاع، لا لتوفير مخرج آمن لفصيل أو بضعة فصائل. قبول حماس بهذا الخيار، لن يكون أمراً سهلاً ... صحيح أن ثمة تيارا فيها تداعبه فكرة من هذا النوع، لكن هناك في حماس وخارجها، قوى وفصائل وشخصيات وفصائل، لن يرضيها الدخول في هذه “المجازفة” ... الأرجح أن طريقاً كهذا، لن يكون مفروشاً بالحرير، وقد يفضي إلى انقسامات داخل الصف الواحد، في حماس ومعسكرها، ومنْ يعش يرَ.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عروض »التهدئة المُستدامة» إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة عروض »التهدئة المُستدامة» إذ تنـهـمـر عــلـــى غــــزة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 08:05 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 18 نوفمبر /تشرين الثاني 2024

GMT 10:55 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

دوناروما يؤكد ان غياب مبابي مؤثر وفرنسا تملك بدائل قوية

GMT 09:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 08:31 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 04:33 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونسكو تعزز مستوى حماية 34 موقعًا تراثيًا في لبنان

GMT 13:08 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نيمار يشتري بنتهاوس بـ 200 مليون درهم في دبي

GMT 07:25 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزالان بقوة 4.7 و4.9 درجة يضربان تركيا اليوم

GMT 03:12 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

ليليا الأطرش تنفي تعليقاتها عن لقاء المنتخب السوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon