توقيت القاهرة المحلي 00:47:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ما بعد «اتفاق المعايير»؟!

  مصر اليوم -

ما بعد «اتفاق المعايير»

عريب الرنتاوي

لم يكشف الوزير جون كيري ولا نظيره الروسي سيرجي لافروف، مضمون “اتفاق المعايير” الذي توصلا إليه، بعد أربعة مكالمات هاتفية أجرياها في غضون 24 ساعة ... الاتفاق سيعرض على الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما لمزيد من “التأكيد والتدعيم”، ومن ثم سيتكفل الوزيران بتسويقه لحلفائهما في الإقليم وعلى الأرض على السورية.

هو اتفاق مبدئي – مشروط، ويتعلق بـ “المعايير” لا بالتفاصيل، كما يُستشف من تصريحات كيري في عمان، وهو اتفاق “حاكم” لسلوك مختلف الأطراف، و”مقرر” لأدوارها، فمن التزم بقواعده، عُدَّ “طرفاً” في وقف “الأعمال العدائية”، و”شريكاً” في مسار فيينا السياسي، ومن خرج عليه، وآثر التمرد على “معاييره”، استحق غضب التحالفين الدوليين، الروسي والأمريكي على حد سواء.

إن غياب المعلومات الدقيقة عن مضمون الاتفاق، لا يمنع من إمعان التحليل والتنبؤ بما قد يكون عليه، بل ويشجع، على إجراء “تمارين ذهنية” تسعى في “ملء فراغ المعلومة”، فما المعايير التي يمكن أن يكون الوزيران قد توافقا عليها كنتيجة لـ “دبلوماسية الهاتف”؟

الوزيران متفقان على إدراج “داعش” و”النصرة” في لائحة الفصائل الإرهابية السوداء، هذا أمرٌ لا شك فيه ... ولا أحد من حلفائهما يرفض إدراج “داعش” في تلك اللائحة، بيد أن بعض حلفاء واشنطن، يؤثرون إخراج “النصرة” منها، وإن إلى حين، ويفضلون إخضاعها لاختبار الالتزام بوقف النار، قبل الحكم عليها بالإعدام على أيدي “التحالفين” ...هنا يتحدث البعض عن “مقايضة” تمت بين الوزيرين، تخضع بموجبها النصرة لاختبار “الاعتدال والالتزام”، مقابل، غض الطرف عن إدماج وحدات الحماية الكردية في العملية السياسية كونها حليفاً لكل من الاتحاد الروسي والولايات المتحدة على حد سواء.

لا يعني ذلك، أن واشنطن وموسكو، بصدد تغيير موقفهما من “النصرة”، فرع القاعدة الرسمي في سوريا ... لكن بالنظر لتداخل مناطق تواجدها بمناطق تواجد ما يُسمى المعارضة المعتدلة من جهة ولكون النصرة ما زالت تحظى بدعم وتسليح بعض دول الإقليم، من حلفاء واشنطن، فإن وقف النار والأعمال العدائية، سيكون متعذراً من دون المرورفي “مرحلة الاختبار” هذه.

مثل هذه التسوية / المقايضة، سيصعب تسويقها على حلفاء القوتين العظميين، هذا على فرض أنهما توصلتا فعلاً إلى اتفاق بشأنها، وهو أمرٌ ما زلت أستبعده، تركيا لن تقبل بوحدات الحماية الكردية، حتى نظير إدماج النصرة في “آليات وقف النار”، والنظام السوري وحلفاؤه، لن يقبلوا بالنصرة، حتى مقابل إدماج وحدات الحماية الكردية، سيما وأنها تشكل العمود الفقري لمختلف “جيوش” ما يسمى بالمعارضة المعتدلة، والأهم، أن النصرة، أكثر من داعش، تضغط بقوة النظام وقواته في مناطق تقع في قلب “سوريا المفيدة”، فيما انتبذت “داعش” لنفسها مكاناً قصيا في الشمال الشرقي للبلاد.

مشكلة هذا السيناريو، أن “النصرة” وبعض حلفائها من فصائل السلفية الجهادية، التي تستتر خلف عناوين ومسميات عديدة، يصعب عليها “وقف جهادها المقدس” ضد الروافض والنصيرين والصليبيين، ولطالما قاوم زعيمها “أبو محمد الجولاني” الإكراهات والإغراءات الكثيفة، لفك ارتباطه بالقاعدة، والفكاك من بيعته لأيمن الظواهري، وليس ثمة ما يدعو للاعتقاد، بأنه سيرضخ للضغوط هذه المرة، خشية أن يُتهم بإسقاط “راية الجهاد”، التي ستتلقفها منه، دولة الخلافة بزعامة غريمه “أبو بكر البغدادي”.

وإن حصل ما نرجحه، فإنه سيكون من الصعب على الأطراف المهتمة بإخراج “وقف الأعمال العدائية” إلى دائرة الضوء، وتثبيت وقف لإطلاق النار قريباً ودفعة واحدة... فالنصرة متداخلة مع كثير من الفصائل المعتدلة، وتقاتل معها كتفاً إلى كتف، ومن الخنادق ذاتها ... والأهم، أنها تشكل قوة محورية في عديد من محاور القتال وجبهاته ... وثمة تقديرات من مصادر سورية معارضة، بأنها تسيطر على أكثر من نصف المناطق التي تخضع لسيطرة “المعارضة المعتدلة”، والتي تقدر بحوالي 12 بالمائة من مساحة سوريا.

الجديد في اتفاق كيري – لافروف، أن البلدين قررا عدم الانكفاء حيال عقبات من هذا النوع، وفي كل الأحوال، فإن من يرفض اتفاق الوزيرين، سيعرض نفسه لنيران “التحالفين”، أليس هذا ما قصده الوزير كيري في تصريحاته “المسربة” بأن المعارضة المسلحة، ستواجه الجحيم في الأشهر الثلاثة المقبلة، إن هي لم تبادر إلى الانسجام مع مقتضيات التوافق الأمريكي – الروسي؟ ... أليس هذا هو مغزى “القبول المتسرع” للائتلاف السوري المعارض، بهدنة الأسابيع الثلاثة، حتى قبل أن تتضح شروط الهدنة وملابساتها؟
وقف النار، أو “الأعمال العدائية” في سوريا، لن يكون دفعة واحدة، بل سيتم على مراحل، ستنضم إليه قوى، وتخرج منه قوى أخرى، ووحدها المواقف في الميدان، ستكتب “قائمة المنظمات الإرهابية” بدءاً بـ “داعش”، ليبقى السؤال: كيف ستتصرف القوى الإقليمية الحليفة لكل من موسكو وواشنطن؟

حتى الآن، يمكن القول إن موسكو نجحت في “ضبضبة “الخلافات داخل معسكرها، تصريحات الأسد الأخيرة، جبّت ما قبلها، بعد تهديد فيتالي تشوركين ووعيده ... ماذا عن إيران وحزب الله، هل سينضبطان؟ ... والأهم من هذا وذاك، ماذا عن “فوضى المواقف” و”صراع المصالح والأجندات” و”حالة التفلت” التي تضرب المعسكر الإقليمي الذي تقوده واشنطن، هل سينضبط لاتفاق المعايير، وهل لدى واشنطن ما يكفي من أوراق الضغط لفعل ذلك؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بعد «اتفاق المعايير» ما بعد «اتفاق المعايير»



GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 08:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon