توقيت القاهرة المحلي 02:14:11 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مقاربة عابثة لمشهد عبثي

  مصر اليوم -

مقاربة عابثة لمشهد عبثي

عريب الرنتاوي

من قائل بأن المرحلة الانتقالية في سوريا تبدأ برحيل الأسد (محمد علوش، جيش الإسلام، كبير مفاوضي وفد الرياض)، إلى قائل بأن “مقام الرئاسة” خط أحمر، لا يجوز الاقتراب منه (وليد المعلم، نائب رئيس الحكومة وزير الخارجية السورية) ... ومن قائل بأن نقطة البدء في الجولة الثانية من مفاوضات جنيف 3 يتعين أن تنطلق من البحث في تشكيل هيئة حكم انتقالي، تتولى صلاحيات الحكومة والرئيس، وتشرف على إنفاذ أجندة الانتقال السياسي في سوريا (وفد معارضة الرياض)، إلى متحدث عن حكومة وطنية، هي أقرب إلى “التعديل الوزاري” الذي يمكن أن يجريه السيد وائل الحلقي على حكومته، بإضافة حفنة من قادة المعارضة إلى مجلسه الوزاري (وليد المعلم).

هكذا تبدو الأجواء بين الطرفين المتصارعين قبيل ساعات من بدء المفاوضات جنيف للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية ... وبين هذين الحدين، تتوزع مواقف مختلف ذات الصلة، وتتنوع في تدرجاتها حيال كل ملف من الملفات قيد البحث والحوار بين المتحاربين على موائد المفاوضات.

من بعيد، تسمع أصوات معارضات أخرى، تتحدث عن تسويات وحلول وسط، وعن منزلة بين منزلتين ... هذه الأصوات بالذات، التي عبّر عنها قدري جميل وصالح مسلم وهيثم منّاع وسمير عيطة وآخرون في هيئة التنسيق والمعارضة العلمانية و”سورية الديمقراطية”، هي الأقرب لنص وروح التوافق الدولي المُعبّر عنها، بتفاهمات كيري – لافروف ... لكن من سخرية التحالفات والتوازنات، أن هذه الأطراف ما زالت تتجول في القاعات الجانبية، ولم تفتح لها قاعة المفاوضات بعد.

على المستوى الإقليمي، فإن حدة الاستقطاب، تمنع اللاعبين الكبار في الإقليم، من التحول إلى عنصر محفّز للحل بدل يكونوا جزءاً من المشكلة كما هم عليه اليوم...السعودية، وبالأخص وزير خارجيتها، لا تكف عن التذكير بضرورة رحيل الأسد ... ما أن يلتقي عادل الجبير بصحفيين أو دبلوماسيين، حتى يعيد مقولته المعروفة، على الأسد أن يرحل سلماً أم حرباً، و”لا دور للأسد في مستقبل”، وأخيراً بلغ الإصرار حد المطالبة برحيله قبل انتهاء العملية الانتقالية في سوريا ... هذا الكلام، يردده حرفياً، كبير المفاوضين، محمود علوش، القيادي البارز في “جيش الإسلام” المقرب من السعودية، والذي اشتهر بحكاية وضع الأسرى من رجال ونساء وأطفال الذين بحوزته في أقفاص حديدية لاستخدامهم كدروع بشرية في مواجهة قصف النظام وطيران روسيا.

أحرار الشام الأثيرة على قلوب الأتراك والمقربة من أنقرة، تُتبع القول بالفعل كعادتها دوماً، هي ليست مع “التهدئة” ولا مع العملية السياسية، ولم تطرب كثيراً لبيان فيينا وقرار 2254، ولكن بعض رموزها السياسيين، قبلوا بها من باب عدم تحمل مسؤولية الفشل وتفادي إحراج الحلفاء والرعاة ... أحرار الشام مسؤولة عن جزء كبير من خروقات التهدئة، وهي في مطلق الأحوال، لن ترحب بمرجعية للتفاوض، بعيداً عن أجندتها الإسلاموية، ذات الصبغة السلفية الجهادية في الغالب.

النظام في المقابل، أظهر أنه “مستقل تماماً” عن حلفائه، طالما تعلق الأمر بمستقبله ومستقبل رئيسه، اما حين تكون سوريا هي الموضوع على مائدة المفاوضات، فهناك دائما “هوامش للحركة والمناورة” .... النظام كشف مؤخراً، عن أرجحية خيار الحسم العسكري عنده، قبل أن يتصدى له فيتالي تشوركين بالرد والتهديد، وهو ماضٍ في انتخابات تشريعية، بحجة الاستحقاق الدستوري علناً، ولكن بهدف مضمر يتصل بإعادة مسار فيينا – جنيف إلى نقطة الصفر، وأخيراً ما ورد على لسان المعلم، من مواقف تسقط المفاوضات وتحكم عليها بالفشل، قبل أن تبدأ.

لا أدري لماذا الإصرار على اعتبار الأسد “خطاً احمر”، وهل ثمة خطوط حمراء أخرى غير هذا الخط؟ ... وهل يعقل أنه بعد 45 عاماً من حكم العائلة، أن يجري إسباغ كل هذه القدسية والقداسة، على الرئيس ومقامه؟ ... أليس في النظام والحزب رجلاً آخر، يمكن تقديمه لقيادة الانتقال في سوريا، طالما أن العالم لم يعد يطالب بإسقاط النظام بل تغيير رأسه؟
مؤسف أن يجد الشعب السوري، بعد كل هذه التضحيات والخسائر والكوارث التي ألمت به، نفسه بين خيارين ضيقين للغاية: آل الأسد وآل علوش ... هل ضرب العقم نساء سوريا ولم يعدن ينجبن خارج إطار هاتين العائلتين؟ ... أين المعارضة السورية، وكيف ترتضي لنفسها أن تبدد تاريخها وتضحياتها الجسام، لتضع مصائرها بين يدي هذا العلوش؟ ... أين ميشيل كليو وهيثم مناع وحسين العودات وحسن عبد العظيم وعبد العزيز الخيّر ورجاء الناصروصالح مسلم وغيرهم العشرات والمئات، ممن قضوا سنيناً وعقودا في السجون والمنافي، ليصبح ممثلهم الشرعي الوحيد أحد العلوشين: زهران أومحمد؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاربة عابثة لمشهد عبثي مقاربة عابثة لمشهد عبثي



GMT 12:46 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتصار

GMT 12:44 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إلى الكويت لحضور “قمة الخليج 45”

GMT 12:42 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران والدور الجديد لـ«حزب الله»

GMT 12:37 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 12:34 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الشَّجَا يبعثُ الشَّجَا

GMT 12:31 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إذن أو استئذان والمهم وقف النار الآن

GMT 12:29 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أقلُّ من سلام... لكنّه ضروري

GMT 12:19 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران... وسورية المكلِّفة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon