توقيت القاهرة المحلي 21:51:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موسكو ودمشق... فجوة أم جفوة؟!

  مصر اليوم -

موسكو ودمشق فجوة أم جفوة

عريب الرنتاوي

لم يحظ المرسوم الرئاسي بإجراء انتخابات برلمانية في نيسان / أبريل المقبل في سوريا، بكثير من الاهتمام من قبل الدوائر السياسية والإعلامية الإقليمية والدولية، ليس لأن البرلمان في سوريا، كما في غالبية الدول العربية، لا أدوار رئيسة له في النظام السياسي وعملية صنع القرار فحسب، بل لأن نتائج هذه الانتخابات لن تقدم ولن تؤخر بالنسبة مواقف الدول وانحيازاتها المعروفة في الأزمة السورية، ولأن الأنظار، كل الأنظار، تتجه إلى الرزنامة الزمنية لمؤتمر فيينا وقرار مجلس الأمن 2254، والتي تقرر بموجبها إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بعد 18 شهراً من بدء العملية السياسية في سوريا. لكن ذلك، لم يمنع أبداً المراقبين والدبلوماسيين، من محاولة سبر أغوار المرسوم، والبحث عن “الرسائل” التي يستبطنها، والاقتراب أكثر فأكثر من العقلية المتحكمة بمؤسسة صنع القرار في الدولة السورية ... وهنا تبرز إلى السطح، قراءتان لا ثالث لهما: الأولى، “حسنة النيّة”، وفحواها أن النظام يريد القول والتأكيد، بأن “الأحوال في سوريا على ما يرام”، وأن الدولة تمارس وظائفها كالمعتاد، وأنها ماضية في عملها، بمعزل عن تقدم أو تراجع خيار الحل السياسي للأزمة السورية. والثانية، وتستبطن “سوء النيّة”، ومؤداها أن النظام يريد أن يبعث بأكثر من رسائل إلى أكثر من “مُرسل إليه” ... الرسالة الأولى، وتحمل ضمنياً معنى الاعتراض على مسار فيينا ورزنامته ومشروع “الانتقال السياسي” الذي بُنيّ عليه ... والرسالة الثانية، ويراد بها “تأكيد” استقلالية النظام عن حلفائه، وتحديداً روسيا، بعد “التراشق” العلني الذي حصل إثر تصريحات الأسد وردود فيتالي تشوركين عليه. صحيح أن العلاقات بين موسكو ودمشق، لم تكن يوماً، أقوى وأمتن مما عليه اليوم ... لكن الصحيح كذلك، أن ثمة ما يدل على وجود “فجوة” في مواقف البلدين، قد تفضي إلى خلق “جفوة” بينهما ... موسكو أكثر حماسةً من دمشق لمسار فيينا و”الحل السياسي” باعتبار ذلك شرطاً لعدم التورط في مستنقع سوري مستدام، وموسكو أكثر من دمشق استعجالاً لتنفيذ اتفاق كيري – لافروف بخصوص وقف “الأعمال العدائية” بين الجانبين. خلال الشهر الفائت، اندفعت قوات النظام، تحت غطاء جوي روسي كثيف، لتحقيق سلسلة من الاختراقات النوعية على عدة محاور وجبهات من أرياف حلب واللاذقية إلى الجبهة الجنوبية ... هذه النجاحات أحيت أوهام “الحسم العسكري” عند النظام، وخرجت تصريحات الأسد، مبشرة باستمرار المعارك حتى استرداد كامل الأراضي السورية، ومقللة من شأن الدعم الذي تتلقاه بلاده من حليفيها الإيراني والروسي، إلى أن جاء “الوعيد” من نيويورك، وعلى لسان تشوركين، فتم تعديل لغة الخطاب ولهجته، في سلسلة من التصريحات اللاحقة. وخلال الأسبوع الفائت، بدا أن الهجوم السوري متعدد الجبهات والمحاور، قد شهد قدراً ملحوظاً من المراوحة، حتى لا نقول قد فقد زخمه، خصوصاً بعد نجاح داعش في احتلال بلدة خناصر الاستراتيجية، وقطع طريق إمداد حلب ... البعض يعزو ذلك إلى إجهاد الجيش السوري الذي يقاتل على عدة جبهات، والبعض الآخر تحدث عن تراجع وتيرة العمليات الجوية الروسية، والذي جاء كرسالة موجهة لأركان النظام، مفادها أنه من دون الانسجام والتناغم مع السياسة الروسية، لن تجدوا الدعم الذي تطلبون، وأن روسيا وليست سوريا، هي “المايسترو” الذي يضبط إيقاع العلاقة بين تطورات الميدان وأحاديث الدبلوماسية. لا شك أن اتفاق كيري – لافروف قد داهم النظام في دمشق، وهو في ذروة الانتعاش بمنجزاته الميدانية ... ولا شك أنه كان يتطلع لـ “فترة سماح” إضافية لاستكمال ما بدأه، وبهذا المعنى، ومن منظور الحسابات السورية المحلية، فإن ما فكر به النظام وتطلع إليه، كان صحيحاً ومشروعاً تماماً ... لكن لروسيا حسابات تتخطى “اعزاز” و”خناصر”، وتتعلق بمجمل مصالحها واستراتيجياتها الكونية، وهي بهذا المعنى، مستعدة للتوقف عند حدود لا يرتضيها النظام، ولكنها تخدم على نحو أفضل، حسابات علاقاتها المتشعبة مع الولايات المتحدة والناتو والغرب عموماً. اختلاف الأحجام، وتباين زوايا النظام، يفضي إلى تفاوت في الحسابات، ويسمح بـ “فجوة” في المواقف، وقد يفضي إلى “جفوة” بين الحليفين ...وسوف يكون متاحاً لنا التعرف على طبيعة وحدود الاتفاق والاختلاف في مواقف ورؤى البلدين في غضون الأيام القليلة القادمة، وخصوصاً حين “تصمت المدافع”، وتبدأ فرق العمل، مشوراها لوقف “الأعمال العدائية”. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو ودمشق فجوة أم جفوة موسكو ودمشق فجوة أم جفوة



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً
  مصر اليوم - خروج مسلسل ظافر العابدين من موسم رمضان 2025 رسمياً

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 11:41 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ميتسوبيشي تعلن طرح "إي إس إكس" 2020 أيلول المقبل

GMT 07:09 2019 الثلاثاء ,28 أيار / مايو

معرض بريطاني فوتغرافي للهاربين من نار النازية

GMT 23:36 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

بورصة تونس تقفل على ارتفاع بنسبة 41ر0 %

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

رنا سماحة تستعد لطرح أحدث أغانيها "مكسورة"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon