توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نحن وإسرائيل و«الخطة ب »

  مصر اليوم -

نحن وإسرائيل و«الخطة ب »

عريب الرنتاوي

مناخات التشاؤم تطبع أحاديث كل من تلتقيهم من خبراء ودبلوماسيين ومختصين في شؤون “عملية السلام في الشرق الأوسط” ... إحساس عميق مهيمن، بأن فرص تحقيق “اختراق” على هذا المسار تآكلت منذ زمن، قبل أن تطيح بها نتائج الانتخابات الأخيرة للكنيست العشرين في إسرائيل، وأن خيار “حل الدولتين” قد بات وراء ظهورنا.
لا شريك إسرائيلياً في هذه العملية، هذه هي الخلاصة التي يخرج بها حتى “أصدقاء تقليديون”، وثمة شواهد كثيرة يدرجها محدثوك تكشف عن انتفاء الرغبة والإرادة والمصلحة، لدى “الطبقة السياسية” الحاكمة في إسرائيل في إنهاء الاحتلال الذي بدأ العام 1967، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس ... الحديث هنا، لا بد أن يتداخل مع استعراض مفصل للواقع الكارثي الذي تعيشه القيادة والحركة الوطنية الفلسطينيتان، جراء اهتراء الأطر القيادية والمؤسسية للسلطة والمنظمة، وتشظي حركة فتح وشللها، وديمومة الانقسام الفلسطيني الداخلي، سياسياً ومؤسساتياً وجغرافياً وديموغرافياً، ما يزيد طين عملية السلام، بلّة.
انسداد مسارات الحل السياسي للقضية الفلسطينية وتآكل “حل الدولتين” لا يعني الانتقال تلقائياً إلى خيار “حل الدولة الواحدة” كما يظن بعض أنصاره، فدون هذا الخيار عقبات وعراقيل أشد صعوبة وتعقيداً من تلك التي تجبه “حل الدولتين”، فإذا كان للخيار الأخير بعض الأنصار في إسرائيل، فإن الخيار الأول، لا نصير له، حتى من بين أكثر النشطاء في “معسكر السلام” الإسرائيلية حيوية وحماسة؟!
الخيار الواقعي المتبقي، الذي تدفع إسرائيل باتجاه جعله أمراً مفروضاً ومخرجاً وحيداً من الاستعصاء، هو خيار “دولة البقايا” أو دولة “الجبنة السويسرية”، مقطّعة الأوصال، التي توفر للفلسطينيين شكلاً، دولة وكيانا، لكنها في الواقع، ليست أكثر من “إعادة تنظيم واقع الاحتلال”، ووسيلة لإنقاذ “الدولة اليهودية” من “التحدي الديموغرافي”، وتمكين حكومة اليمين واليمين المتطرف من تفادي الضغوط والعزلة الدولية.
هذا الخيار، لا يمس حقوق الفلسطينيين الوطنية غير القابلة للتصرف، في العودة وتقرير المصير والدولة والعاصمة، بل ويتهدد الأردن في أمنه واستقراره وهويته الوطنية ... نتيجة من هذا النوع، هي تهديد مباشر للمصالح الوطنية العليا للأردن في الحل النهائي، والتي توافق الأردنيون على تعريفها بقيام الدولة القابلة للحياة والمستقلة، التي تجسد الهوية الوطنية للفلسطينيين، وتفسح في المجال أمام الأردن للإجابة عن الأسئلة الكبرى التي لا تزال عالقة على أجندته الوطنية، ومن بينها سؤال: من هو الأردني؟ ... وماذا عن مصير أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يقيمون إقامة دائمة في الأردن، ومنذ ثلاثة أجيال أو أربعة، ولا يتمتعون بالجنسية الأردنية، ولا يمارسون أي حقوق سياسية في أي من الأطر والكيانات الفلسطينية؟
الانزياح المنهجي المنتظم صوب اليمين القومي والتطرف الديني والقومي في إسرائيل، سيجعل من أي محاولة لاستئناف عملية سلمية ذات مغزى، أمراً عصياً على النجاح والاختراق ... وهذا الوضع، سيضع الأردن في صدام، شاء أم أبى مع إسرائيل، ومن المتوقع أن نكون بانتظار سنوات أربع عجاف على أقل تقدير، حتى لا نذهب في تشاؤمنا الواقعي أبعد من ذلك بكثير، وهو أمر له ما يبرره على أية حال.
إن صحت هذه القراءة للمشهد الإسرائيلي، ولمآلات عملية السلام ومصائرها، فإن الأردن، دولة وحكومة ومجتمعا، مدعو للتفكير جدياً في “الخطة ب “، وهو أمر طالبنا به منذ بضع سنوات من دون جدوى ... “الخطة ب” تنهض على فرضية فشل عملية السلام ومسار التفاوض وانهيار خيار “حل الدولتين” ... ماذا نحن فاعلون؟!
المراقب للأداء الحكومي في هذا المجال، لا يلحظ أنه محكوم أو حتى متأثر بهذا السيناريو الأكثر ترجيحاً ... فالحكومة أدارت ظهرها لكل الدعوات المطالبة بالتوقف عن إبرام اتفاقات ذات طبيعة استراتيجية وبعيدة المدى مع إسرائيل، وفي حقول حساسة ومهمة كالمياه والطاقة، من شأنها أن تزيد من “اعتماديتنا” عليها، في الوقت الذي يدرك فيه، الأعمى والبصير، أننا مقبلون على حالة تصعيد واشتباك مع حكومة اليمين الديني والقومي الرابعة لنتنياهو ... مثل هذه الإشارات المتضاربة والمتناقضة، تضعف الموقف الأردني، الآن وفي المستقبل، وتحد من قدرتنا على مقارعة إسرائيل والتصدي لعدوانها واستيطانها وانتهاكاتها المتكررة لمعاهدة السلام.
والشاهد، أن ميادين الاشتباك المرجحة مع إسرائيل في قادمات السنين، لن تقتصر على ملفات التفاوض والحل النهائي، هذا أمرٌ مفروغ منه ... “الرعاية الهاشمية” للأقصى والمقدسات، ستكون ميداناً آخر من ميادين الاشتباك والمواجهة، ولقد برهنت تجربة السنوات القليلة الماضية، أن في إسرائيل تيارا متناميا، وبات جزءا من الكنيست والحكومة والائتلاف، لم يعد يبدي اهتماماً بأمن الأردن واستقراره، باعتباره متطلبا للأمن والاستقرار الإسرائيليين، كما درجت “النظرية التقليدية” على القول... لهذا التيار أولوية أخرى، تتمثل -أساساً- في التوسع الاستيطاني وتهويد القدس و”أسرلة” معالمها، حتى وإن أدى ذلك إلى إضعاف مكانة القيادة الأردنية والإضرار بصورتها، بل حتى وإن أفضى إلى المس بأمن الأردن واستقراره.
أبعد من ذلك نقول، إن في إسرائيل اليوم، من بدأ يراهن على امتداد “حالة الفوضى” للأردن والضفة الغربية استتباعاً، حتى تتاح له فرصة “خلط حابل الأوراق بنابلها”، وربما فرْض حل على الفلسطينيين بالتهجير القسري، إن لدوافع اقتصادية أو أمنية، فالمنطقة بأكملها تعج بملايين اللاجئين والنازحين، ولن يضيرها أو يزيد من أعبائها، إضافة مليون أو مليوني لاجئ جديد، تنتهي معها حكاية “الخطر الديموغرافي” وتحسم في ضوئها مسألة “يهودية الدولة”، ويصبح بنتيجتها لإسرائيل “مكان تحت الشمس”.
ليست مبالغة أو تطيرا، بل اقتراب حذر من أكثر السيناريوهات خطورة، وهو وإن لم يكن مدرجاً على جدول أعمال إسرائيل اليوم أو غداً، لكنْ في إقليم متغير على هذا النحور، علينا التحسب لأكثر السيناريوهات تطرفاً، لأنها غالباً ما تكون أكثرها واقعية ... هل كان يخطر ببالنا قبل عام أو عامين، أن “داعش” ستكون جارتنا على الحدود الشرقية و”النصرة” على الحدود الشرقية؟ ... هل كان التفكير بـ “عاصفة الحزم” ممكناً قبل ثلاثة أو أربعة شهور؟ ... ما الذي يمنع أن تكون الضفة الغربية، بؤرة التركيز والاهتمام خلال أشهر أو سنوات قلائل؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نحن وإسرائيل و«الخطة ب » نحن وإسرائيل و«الخطة ب »



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon