توقيت القاهرة المحلي 10:17:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نكسـة حزيرانية جــديـدة

  مصر اليوم -

نكسـة حزيرانية جــديـدة

عريب الرنتاوي

احتل الإسرائيلي موردخاي أميهاي موقع نائب رئيس لجنة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، وحظي على تأييد 74 دولة من أصل 159، وبهذا تكون دولة “آخر الاحتلالات” في القرن الحادي والعشرين، قد حظيت بموقع متقدم على رأس لجنة تصفية الاحتلال والاستعمار في المنتظم الدولي، فأية مهزلة هذه.
الغريب أن القرار الأممي، الذي لم يكن ممكناً من دون تواطؤ أوروبي مفضوح، يأتي في اللحظة التي تقوم فيها إسرائيل بأبشع عمليات التنكيل والعقوبات الجماعية ضد الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس، دع عنك حكاية الاحتلال المزمن لأراضي ثلاثة دول عربية: فلسطين، سوريا ولبنان، لكأن المجتمع الدولي يريد أن يكافئ إسرائيل وهي في ذروة عربدتها الاحتلال والتوسعية والاستيطانية العنصرية.
الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت في الغالب الأعم، ملاذاً للفلسطينيين، هرباً من “الفيتو” الأمريكي المتكرر ضد حقوقهم وتطلعاتهم في مجلس الأمن، فالأغلبية هنا مضمونة وتلقائية في معظم الحالات، وإسرائيل لم تساندها ولم تدعم جرائمها، سوى حفنة قليلة من الدول، في صدارتها الولايات المتحدة، وغالباً كندا وأستراليا، وبضعة جزر يصعب تذكر أسمائها أو مواقعها على خريطة الكرة الأرضية.
اليوم، يأتي القرار الأممي صاعقاً، لكأنه جرى اقتناصه في غفلة من أعين العرب والفلسطينيين، المُلامين بالطبع، عن هذا “الاختراق”، وهو ما يتبدى من ردات الفعل الفجائعية التي صدرت عن أكثر من جهة وعاصمة عربيتين، ووزارة الخارجية الفلسطينية المسؤولة أكثر من غيرها عن هذه “النكسة”... لكن يبدو أن الوقت قد فات على تدارك ما يمكن تداركه، وأن إسرائيل ستحتفظ بهذا الموقع، برغم الطابع الوقح واللا أخلاقي لهذا القرار.
والواقع أن الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية والعربية، ليس أطول الاحتلالات وأكثرها دموية وعنصرية فحسب، بل هو الاحتلال الوحيد المتبقي من حقبة تصفية الاستعمار، وهو احتلال إجلائي – إحلالي عنصري، مؤسس على نظرية “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، والتي مورست تحت ظلالها، أبشع عمليات التهجير الجماعي لسكان البلاد الأصليين، وقورفت بذريعتها أبشع الجرائم والمجازر، وما يزال بنتيجتها، أكثر من ستة ملايين لاجئ فلسطيني يعيشون في المنافي القريبة والبعيدة، ومع ذلك، لا تجد دول “حقوق الإنسان وحق تقرير المصير”، غضاضة في ترشيح إسرائيل لهذا المقعد، فأي نفاق هذا؟!
وأحسب أن إسرائيل ما كانت لتعمل على كسب المنافسة على هذا المنصب من موقع “الأوهام” بما يمكن لها أن تحققه من خلاله، لكنها بالتأكيد أدركت عميق الإدراك، الدلالة الرمزية لشغل هذا الموقع بالذات، فهي تعاني العزلة والمقاطعة الدولية جراء ممارساتها العدوانية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني وهي تخشى على “شرعيتها” التي باتت مهددة أخلاقياً وربما سياسياً في ظل اتساع دائرة المقاطعة والرفض والإدانة لسلوكها التوسعي – الاستعماري، وهي لكل هذه الأسباب، تريد أن تنزع عن نفسها صفة “الاحتلال” و”العنصرية”، وارتداء ثوب زائف بديل، موشح بعبارة : تصفية الاستعمار.
يبدو أن الزمن الذي كانت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة، قادرة على تسمية الأشياء بأسمائها قد راح وانقضى، ليحل محله زمن تسمية الأشياء بنقيضها ... فشتان ما بين قرار الأمس القريب بتسميتها عضوها في لجنة تصفية الاستعمار، وقرار الأمس البعيد، بإدانة الصهيونية بوصفها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري.
على أية حال، لا تكفي الكلمات لإدانة كل من بادر إلى ترشيح أو دعم ترشيح إسرائيل للوصول إلى هذا الموقع ... لكن هذه الكلمات لا تكفي أيضاً لإدانة حالة الترهل الفلسطيني من جهة والضعف والتخاذل العربي من جهة ثانية ... لكأننا أخذنا على حين غرة، لكأننا تعرضنا لنكسة “حزيرانية” من جديد ... وحزيران حافل بالنكسات والهزائم ... من حرب عام 1967 إلى “غزوة نينوى”.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نكسـة حزيرانية جــديـدة نكسـة حزيرانية جــديـدة



GMT 09:41 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 09:40 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 09:38 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 09:36 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 09:35 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكرة «الترمبية»

GMT 09:33 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 09:32 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon