توقيت القاهرة المحلي 04:57:09 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل بدأ العد التنازلـي لحـل الأزمــة الســوريــة؟!

  مصر اليوم -

هل بدأ العد التنازلـي لحـل الأزمــة الســوريــة

عريب الرنتاوي

احتلت الأزمة السورية مكانة الصدارة في الحراك الدبلوماسي الكثيف والمتنقل، الذي شهدته المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية... يبدو أن مختلف الأطراف، قد بلغت طريقاً مسدوداً، بعد أن أنهكها الاعياء وأثقلت كاهلها الكلف المادية والبشرية والسياسية والأخلاقية ... يبدو أن الأزمة السورية، قد بلغت ذروتها واخذت طريقها للتفكيك والتركيب من جديد.

النظام يعترف بصعوبة تجنيد موارد بشرية إضافية في حربه على “المعارضات” و”الجماعات الإرهابية” ... حزب الله، حليف النظام الأقوى، لا يبدو في وضع مريح مع بيئته وحاضنته، برغم التصريحات والمواقف المكابرة ... إيران المقبلة على مرحلة جديدة في علاقاتها مع الغرب، تئن تحت وطأة الكلف العالية المترتبة على دعم حلفائها وأصدقائها ... روسيا تعمل بقاعدة، ما لا يدرك كله لا يترك جله.

أما على جبهة خصوم النظام، فإن لكل منهم أولويات ضاغطة، تثقل كاهله كذلك ... السعودية متورطة من الرأس حتى أخمص القدمين في اليمن ، وسيصعب عليها الاستمرار إلى ما لا نهاية له في حربها المفتوحة على عدة جبهات ... تركيا تنتقل من مواقع المبادرة والقيادة والهجوم، إلى موقع الدفاع عن الذات، مسلسل الأزمات المتلاحقة والحروب متعددة المسارات، تجابه الحزب الحاكم و”السلطان” المفعم بالأحلام الإمبراطورية، ولعل مما تجدر ملاحظته، غياب “النبرة المتعالية” في خطابات الناطقين باسم الحكومة والحزب الحاكم في أنقرة، وميلهم للتواضع في تحديد سقف الأهداف والتوقعات على وقع الفشل والاحساس العميق بعمق وخطورة ارتدادات الأزمة السورية على تركيا.

الولايات المتحدة، تختبر للمرة الثانية، بؤس وسذاجة رهاناتها على المعارضة المعتدلة، ودائماً على أيدي مقاتلي جبهة النصرة، هل تذكرون حركة حزم والجبهة الشامية اللتين ابتلعتهما النصرة من قبل كما ابتلعت بالأمس الفرقة 30 من القوات المعتدلة المدربة على أيدي السي آي إيه؟ ... أما قطر فليس لها وزن بذاتها، وهي تستمد دورها من ارتهانها لقوة إقليمية، وبصورة تذكر بقصة الإعرابي الذي عرض جمله للبيع بدينار واحد، وقطته بألف دينار، على أن يباعا سويةً، وهي تبحث تارة في السعودية وثانية في مصر زمن حكم الإخوان، وثالثة في تركيا عن متكأ وجدار إسناد لدعم مواقفها وسياساتها، دع عنك الحماية الأمريكية والقنوات المفتوحة مع إسرائيل على الدوام... إن حصلت الاستدارة في مواقف العواصم الإقليمية، فقدت الدوحة دورها “المتزعم”، وتحولت بين عشية وضحاها من “رأس حربة” إلى “وسيط نزيه” بين الأفرقاء، وهذا ما تسعى إليه اليوم بين إيران ودول الخليج، لكن مأزق الدور القطري سيتجلى بوضوح، إن قُدّر لعواصم الإقليم الكبرى، أن تتوافق وتتفاهم.

وفوق هذا وذاك، فإن ظلال الاتفاق الإيراني – الأمريكي، تخيم بكثافة فوق رؤوس جميع اللاعبين في المنطقة ... دول الخليج بزعامة السعودية، وضِعَت وجهاً لوجه، أما خيار وحيد أوحد: لا بد من الحوار والتفاهم مع إيران مهما طال الزمن، بدءاً من الأزمتين السورية واليمنية ... هذه هي فحوى الرسالة الأمريكية لهذه الدول، وهذا هو مغزى حضور لافروف على عجل إلى الدوحة، لضمان دفع المواقف والتطورات في هذا الاتجاه.

لتأتي بعد ذلك كله، اجتماعات طهران الثلاثية، وبحضور وليد المعلم وبوغدانوف، لكأننا أمام لعبة تقاسم أدوار تتولى بموجبها واشطن أمر السعودية وحلفائها، وتأخذ بموجبها موسكو المسؤولية عن “ترتيب بيت المقاومة والممانعة”... فتتقدم إيران بمبادرة معدلة لحل الأزمة السورية، تبدأ بوقف إطلاق النار وتمر بتشكيل حكومة انتقالية من النظام والمعارضة، وتعديل الدستور لضمان حقوق جميع المكونات السورية، توطئة لإجراء انتخابات عامة، بإشراف ورقابة المجتمع الدولي ... وهي المبادرة التي قيل إن تشاوراً بشأنها قد تم مع عواصم المنطقة، بمن فيها أنقرة والرياض والدوحة، فضلاً عن موسكو، وليس بعيداً عن واشنطن في مطلق الأحوال.

قد لا تبدو المبادرة الإيرانية مريحة تماماً للنظام في دمشق، بيد أنها تعكس مزيداً من “التوازن” في المقاربة الإيرانية للمسألة السورية، تمثل اعترافاً بالحاجة “لتطوير النظام وإصلاحه وتوسيع قاعدته التمثيلية”، من دون تخلٍ عن “الأصدقاء والحلفاء” في دمشق... وربما تشجع المبادرة أطرافاً إقليمية ودولية على الشروع في حوار جدي للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية، حيث سيصبح بالإمكان حينها، تقطيع شرايين الإمداد بالمال والسلاح والعتاد والرجال التي تتدفق إلى جيوب المسلحين ومستودعاتهم، بما يساعد في تجفيف منابع العنف المتبادل والقتل اليومي في الشام.

المعلومات تتحدث عن “ليونة” سعودية في التعاطي مع ملف الحوار مع إيران، خصوصاً بعد أن استبد بالرياض شعور بالارتياح للتطورات الميدانية الأخيرة في اليمن ... المملكة تشعر أنها باتت اليوم، قادرة على الجلوس نداً إلى ندٍ مع طهران، وأن تبحث في رزمة المشاكل التي تجابه المنطقة، وليس في واحدة منها فقط، فالتسويات والمقايضات من وجهة النظر السعودية، يجب أن تشمل جميع الملفات، وليس ملفاً واحداً فقط.

لا يعني ذلك أن درب الحلول السياسية لأزمات المنطقة المشتعلة، قد بات ممهداً ومفروشاً بالورود والرياحين ... فثمة عقبات وعوائق ما زالت تنهض على طريق السائرين على هذا الطريق، أهمها حالة انعدام الثقة بين القطبين الإقليميين: السعودية وإيران، والتزام كل قطب منهما، بحسابات حلفائه ومصالحهم، أقله، حتى لا يبدو كمن فرط بأصدقائه وحلفائه، عند أول إيماءة من الطرف المقابل ... وهنا يشير تضارب المصالح بين الأفرقاء إلى حجم المشاكل والعقد التي يتعين تذليلها وحلحلتها.

ولا يعني ذلك أن الحرب في سوريا وعليها، ستضع أوزارها صبيحة اليوم التالي للتوصل إلى اتفاق بين الأطراف، فثمة قوى نافذة على الأرض، لا تجد نفسها معنية بكل هذا الحراك السياسي والدبلوماسي، وقد تستمر عمليات النزف وشلال الدماء لأشهر، وربما لسنوات أخرى قادمة، لكن مع الأخذ بنظر الاعتبار، أن قوى التطرف والإرهاب، ستبدأ قتالاً تراجعياً – دفاعياً، من دون أن يكون لها أفق أو مستقبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل بدأ العد التنازلـي لحـل الأزمــة الســوريــة هل بدأ العد التنازلـي لحـل الأزمــة الســوريــة



GMT 03:46 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

بائع الفستق

GMT 03:44 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

على هامش سؤال «النظام» و «المجتمع» في سوريّا

GMT 03:42 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

دمشق... مصافحات ومصارحات

GMT 03:39 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

السعودية وسوريا... التاريخ والواقع

GMT 03:37 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

ورقة «الأقليات» في سوريا... ما لها وما عليها

GMT 03:35 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

امتحانات ترمب الصعبة

GMT 03:33 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

تجربة بريطانية مثيرة للجدل في أوساط التعليم

GMT 03:29 2025 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

موسم الكرز

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:42 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة
  مصر اليوم - أفكار هدايا لتقديمها لعشاق الموضة

GMT 10:08 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد
  مصر اليوم - وجهات سياحية مناسبة للعائلات في بداية العام الجديد

GMT 09:50 2025 السبت ,04 كانون الثاني / يناير

نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل
  مصر اليوم - نصائح بسيطة لإختيار إضاءة غرف المنزل

GMT 14:55 2021 الخميس ,04 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 07:29 2020 الأربعاء ,17 حزيران / يونيو

ارمينيا بيليفيلد يصعد إلى الدوري الألماني

GMT 13:03 2017 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

"فولكس فاغن" تستعرض تفاصيل سيارتها الجديدة "بولو 6 "

GMT 18:07 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الإيطالي يتأهب لاستغلال الفرصة الأخيرة

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 22:13 2024 الجمعة ,07 حزيران / يونيو

بسبب خلل كيا تستدعي أكثر من 462 ألف سيارة

GMT 00:02 2023 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات فولكس فاغن تتجاوز نصف مليون سيارة في 2022
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon