توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لبنان بانتظار الأصعب

  مصر اليوم -

لبنان بانتظار الأصعب

بقلم - عريب الرنتاوي

نجا لبنان من طوفان “الربيع العربي” وارتدادات الزلزال السوري، بفعل توافره على شبكة أمان إقليمية – دولية، نأت به عن الانزلاق إلى اتون حرب أهلية... التقت مصالح الأطراف الإقليمية المتصارعة (إيران والسعودية) على إبقاء لبنان خارج حلبة “حروب الوكالة” ومسارحها، وانعقدت التفاهمات بين القوى الدولية الوازنة (روسيا، الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) على إبقاء هذا البلد الصغير في غرفة العناية المشددة، وإبقائه مشدوداً إلى أجهزة التنفس الصناعية حتى لا يلفظ سلمه الأهلي، أنفاسه الأخيرة.
نجحت التجربة، وأمكن للبنان أن يجتاز “القطوع”، على الرغم من المحاولات المتتالية التي بذلها تنظيم “الدولة” وجبهة “النصرة” لاستهدافه في عقر داره ... الثمن كان فادحاً من حيث مئات الضحايا الأبرياء وتفاقم أزمات الاقتصاد والسياحة وغيرهما، بيد أن لبنان نجا بأعجوبة، حتى أنه تمكن بعد طول نأي، من انتخاب رئيس جديد، طارداً فراغاً دستورياً امتد لعامين ونصف العام تقريباً.

السؤال الذي يقلق المراقبين هذه الأيام، يتعلق أساساً بـ”مدة صلاحية” شبكة الأمان الإقليمية – الدولية تلك، هل لا زالت قائمة، أو أن المصالح باتت تقتضي سحب الغطاء وثقب الشبكة؟ ... هل يمكن في ظل تفاقم الاستقطاب وتنامي حدة المواجهة بين القطبين الإقليميين، وبدعم أمريكي مباشر وتشجيع إسرائيلي غير مباشر، هل يمكن لهذه الشبكة أن تظل فاعلة، أو أن لبنان يبدو اليوم عرضة لهزات واهتزازات قد تطيح بسلمه الأهلي الهش، وتعيد لأهله ذكريات حرب سوداء، دامت لخمسة عشر عاماً، يجهد الجميع من أجل نسيانها، والأهم عدم تكرارها؟

ثمة مؤشرات مقلقة في هذا السياق... فما يشاع عن فرض عقوبات أمريكية إضافية على لبنان، تشمل حزب الله وبيئته وحلفاءه وأصدقاءه، يضع رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب اللبناني في مرمى النيران الأمريكية، ولقد شهدنا إرهاصات هذا الموقف الأمريكي الناشئ في قمة الرياض العربية – الأمريكية، حين استثني الرئيس العماد ميشيل عون من لائحة المدعوين للقمة، ووجهت الدعوة لرئيس الحكومة سعد الدين الحريري بدلاً عنه، في سلوك يكشف عن حجم الضيق الخليجي – الأمريكي، بإيران وحلفائها وأصدقاء حلفائها كذلك ... من حق المراقبين أن ينظروا لهذا التطور بوصفه توطئة لما هو قادم، أو على الأقل، إبداء القلق من احتمال أن يكون الأمر كذلك.
فقد كان العماد عون، عرضة لانتقادات قاسية عبر بعض المنابر، واتهم بتبعيته لإيران و”حزب الشيطان”، واستحضرت فصول من الحرب الأهلية اللبنانية للتذكر بأن يدي الرجل ملطختان بدماء اللبنانيين كذلك .

غير بعيد عن هذه المحاور والجبهات، تقف إسرائيل بالمرصاد للبنان، ومن بوابة استهداف حزب الله، الغارات الإسرائيلية لا تتوقف على مواقع وقوافل يقال عادة أنها تنقل أسلحة للحزب من إيران إلى لبنان عبر سوريا ... الترتيبات تجري على قدم وساق لمنع الحزب وحلفائه من الحصول على موطئ قدم على امتداد الجبهة الجنوبية، حتى وإن تطلب الأمر دعماً إسرائيلياً لجبهة النصرة ... فيما التهديدات بشن حرب جديدة تستهدف صواريخ الحزب وقدراته الردعية العالية، لا تكاد تتوقف، حيث لا يتمحور الجدل داخل المستويين الأمني والسياسي في إسرائيل حول احتمال شن حرب جديدة على لبنان من عدمه، بل حول توقيته وسياقاته واللحظة المناسبة لشنه والتكتيكات العسكرية التي يتعين اتباعها.

خصوم الحزب في المنطقة وأعداؤه، خصوصاً في إسرائيل، يتشجعون بالمواقف شديدة العدائية لإيران التي يعبر عنها صبح مساء، ترامب وفريقه الرئاسي ... خطاب الرئيس الأمريكي في الرياض، ركز على حزب الله وتطرق لحماس، بوصفهما إلى جانب داعش والقاعدة، فصائل إرهابية تتلقى الدعم من الدولة الراعية للإرهاب: إيران ... معظم القادة العرب والمسلمين، لاذوا بالصمت حيال هذه الموقف، بل أن بعضهم تولى تكرار  ما يتصل منها بحزب الله، والتشديد عليها والإشادة بها، وترك أمر “شيطنة” حماس، لوسائل إعلام هذه الدول، التي لم يعد بعضها يتردد عن وصف الحركة الفلسطينية بالإرهابية.

لا نستطيع الجزم بان الغطاء الإقليمي الدولي للبنان قد سحب، وأن شبكة الأمان الإقليمية – الدولية قد تآكلت وبليت، لكننا لا نستبعد أن يسقط لبنان في امتحان “النأي بالنفس”، وأن يفقد القدرة على المناورة بعد أن ضاقت هوامشها، في ظل انفجار حرب التصريحات والاتهامات بين طهران والرياض لتصل حد التهديد المباشر بإسقاط الأنظمة وذبحها ونقل المعركة إلى عقر دار الخصم ... وفي لحظة شعارها من ليس معنا فهو عدونا بالضرورة، سيجد لبنان نفسه في مواجهة أكثر اللحظات حرجاً منذ انطلاق قطار الربيع العربي من تونس في مختتم العام 2010.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لبنان بانتظار الأصعب لبنان بانتظار الأصعب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon