توقيت القاهرة المحلي 05:48:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عندما تحزم «فتح» أمرها

  مصر اليوم -

عندما تحزم «فتح» أمرها

بقلم عريب الرنتاوي

نجحت فتح في اجتياز “قطوع” المؤتمر السابع، وكل مؤتمر لفتح هو “قطوع” بحد ذاته، تحيط به عادة أحاديث الأزمات والانشقاقات (لاحقاً التجنح) … لملمت الحركة شتاتها، برغم كل التحفظات والانتقادات والاحتجاجات، التي تصدر من هنا أو هنا … وللمرة الأولى منذ رحيل ياسر عرفات، ينعقد مؤتمر للحركة في أجواء مشحونة بالحرص على استقلالية الحركة وقرار الحركة الوطنية الفلسطينية المستقل، وهذا أمرُ حُسب من قبل، ويحسب دائماً، للحركة التي أطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة وقادت المشروع الوطني الفلسطيني وبعثت الكيانية الفلسطينية وشكلت العمود الفقري للممثل الشرعي الوحيد.

خشي كثيرون من أصدقاء فتح والشعب الفلسطيني، أن يتحول المؤتمر السابع، إلى سبب إضافي لتكريس أزمة الحركة وتشققاتها، المؤتمر انعقد بحضور كثيف، وضيوف كثر، وبدا بنتيجته أن الظاهرة “الدحلانية” التي جرى تصويرها كقدرٍ لا رادّ له، ليست في حقيقة الأمر، معادلاً لفتح ولا موازياً لها، وهي وإن كان لها بعض الامتداد هنا أو هناك، ودائماً بقوة المال السياسي المتربص بـ”المظلوميات” التي لا حد لها، إلا أنها نُفخت إعلامياً ودعائياً، فباتت أكبر من حجمها…. “حزمت فتح أمرها، فهل يحزم الآخرون حقائبهم؟” … سؤال مفتوح برسم الأيام وتطورات الإقليم في قادمات الأيام.

قبل المؤتمر، تعرضت فتح، ومعها قطاع كبير الشعب الفلسطيني، لحملة تهويل وابتزاز … إن لم تجر مصالحة الدحلان واستعادته إلى الحضن الفلسطيني، ستحصل الطامة الكبرى … الطامة الكبرى لم تحصل، ولن تحصل … ومن قبل، سبق لفتح أن واجهت انشقاقا أعمق وأخطر في العام 1983، من بين سلسلة انشقاقات سابقة ولاحقة (من أبي نضال إلى أبي الزعيم)، وكان مدعوماً بالمناسبة، بقوى إقليمية وعربية كانت نافذة آنذاك: إيران وسوريا وليبيا، وبالمال والسلاح والجغرافيا والمليشيات… أين انتهى الانشقاق، وأية مصائر آل إليها المنشقون، وكثرة منهم، إن لم نقل جميعهم، كانوا “أوزن” وأكثر أهمية وأوسع دوراً وتأثيراً، من العقيد المنشق محمد الدحلان.

قرأنا وسنقرأ كثيراً عن “بقاء القديم على قدمه”، فلا المؤتمر غيّر الكثير من وجوه الحركة الشائخة، ولا الحركة نجحت في حسم جدل العلاقة بين “السلطوي” و”التحرري” في مكانتها وبرنامجها ودورها القادم … هذه صحيح، بل وصحيح تماماً، ويمكن أن يضاف إليه المزيد من الانتقادات، المتأسسة على مناخات الإحباط وانسداد الأفق أمام أجيال الحركة الشابة، التي لم تمثل على النحو المرجو، مع أن كثير من ممثليها، لهم جولات وصولات في ميادين الكفاح الوطني الفلسطيني.

لكن إن قُدر لهذا المؤتمر، أن يغلق أبواب فتح والمنظمة بإحكام، في وجه التدخلات الخارجية، وإن قُدّر له أن يصون استقلالية القرار الفلسطيني، وأن يمنع رياح الانقسام الإقليمي وحروب المحاور والمذاهب من التسلل إلى البيت الفلسطيني الداخلي، فذاك إنجاز لا يحق لأحد التقليل من شأنه … فالمسألة هنا لا تتعلق بالأشخاص، وإنما بالخيارات، والخيارات التي يجري التخطيط لإملائها على الشعب الفلسطيني، ليست من النوع الذي يثير الطمأنينة أو الارتياح، لمستقبل القضية ومصائر العمل الوطني الفلسطيني، دع عنك الأبعاد الأخلاقية والقيمية للمسألة.

خابت كثير من التقديرات التي سبقت المؤتمر، وقيل بشأنها الكثير عن ترتيبات لإعداد “سين” أو “صاد” للخلافة، أو للقفز بزيد أو عمرو من فوق رؤوس الجميع … نرى الاختيارات للجنة المركزية، لا تنطوي على مفاجآت كثيرة، أو أقله ليست من النوع “الثقيل”، مع أننا كنا نتمنى أن نرى المزيد من الوجوه الجديدة في هذا الإطار، وأن نودع بعضاً من الوجوه القديمة … لكن مرة أخرى، آثرت فتح أن تبقي “القديم على قدمه”.

و”القديم على قدمه” هي حكاية مستمدة من المجلس الوطني الفلسطيني في دورة انعقاده الخامسة عشرة، في دمشق، زمن الميثاق القومي بين سوريا والعراق، وعندما كان عبد الحليم خدام وزيراً لخارجية الأسد الأب، وطارق عزيز وزيراً لخارجية صدام حسين … يومها اتفق الفريقان البعثيان، أن تكون أولى ثمرات توافقهما “القومي” القصير في عمر الزمن، هو فرض السيطرة الثنائية المشتركة على منظمة التحرير، وإحداث الانقلاب في صفوفها لتميكن الجماعات المحسوبة عليهما والدائرة في فلكهما، من تولي زمام قيادة الشعب الفلسطيني – بالريموت كونترول – وتشهد قاعات فندق الميريديان الدمشقي ومقر اتحادات نقابات العمال السوري المجاور، كيف أدار الرجلان “غرفة عمليات مشتركة” ضد ياسر عرفات وفتح، وكيف انتهى المؤتمر بـ”إبقاء القديم على قدمه” على وقع هتافات المؤتمرين “غلابة فتح يا ثورتنا غلابة”، التي رددت صدى “حرب الصواريخ” التي أشعلها عرفات ضد المستوطنات الشمالية.

انفض الجمع، وتحول “الميثاق القومي” إلى “قطيعة قومية” بين البلدين، لكن محاولات السيطرة على منظمة التحرير والسيطرة على قرارها الوطني المستقل، لم تتوقف … واصل الرئيس العراقي الراحل حرب التصفيات مستخدماً بندقية “أبو نضال” المعروضة للإيجار دوماً، وواصل الأسد الراحل حربه على المنظمة، من الانشقاق إلى حروب المخيمات في بيروت … ذهب القوم، وبقيت المنظمة بقيادة حركة فتح.

تبدلت الأزمان والرجال، ولكل زمان دول ورجال، لكن السعي للسطو على قرار فتح والمنظمة، لم يتوقف، هذه المرة، تقوم به أطراف أخرى، وفي سياقات أخرى، لكن النتيجة واحدة، والرد واحد: بقاء القديم على قدمه، وغلابة فتح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تحزم «فتح» أمرها عندما تحزم «فتح» أمرها



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon