توقيت القاهرة المحلي 07:28:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خيارات قطر

  مصر اليوم -

خيارات قطر

بقلم - عريب الرنتاوي

لا تتمتع قطر بهامش واسع للمناورة، فالموجة التي تتهددها عالية وعاتية، وحالة الاستقطاب في المنطقة لم تعد تسمح أبداً بالتسويات على الطريقة الخليجية: “تبويس اللحى والأنوف والجبهات” ...جولة الخلاف هذه المرة، تبدو مغايرة تماماً لما سبقها من صولات وجولات، ميزت العلاقة بين الإمارة الخليجية الصغيرة وشقيقتها الكبرى المجاورة.
في حمأة التراشق الإعلامي والسياسي بين الأطراف المشتبكة، يبدو الباب مفتوحاً فقط أمام خيارين اثنين:

الأول؛ أن تنصاع قطر لشروط الرباعي العربي (مصر، السعودية، الإمارات والبحرين)، وهذا خيار انتحاري بالنسبة لقطر، ينسف كل ما بنته طوال أزيد من عقدين من الزمان، فضلاً عن كونه يمثل اعترافاً صريحاً بـ “الاتهامات” المنسوبة إليها، وهي اتهامات تكفي لوسمها بـ “الدولة المارقة”، وربما تكون لخيار كهذا تداعيات داخلية، تمس النظام والعائلة إلى ما هنالك.

والثاني؛ انتقال قطر إلى الضفة الأخرى، وتوثيق روابطها بالمحور الذي طالما دارت حوله وفي فلكه، وأعني به “محور المقاومة والممانعة” ... وهذا بدوره خيار انتحاري آخر، سيما وأنه سيُعقّد وضع قطر الإقليمي، وسيضعها في مواجهة مع الإدارة الأمريكية التي اتخذت من إيران عدواً أولاً لها، وتحاول الترفع على الانقسام الخليجي والاكتفاء بمراقبته عن بعد، وتوجيه النصائح بحل الخلافات بالحوار، ومن داخل البيت الخليجي.

الدوحة أعطت إشارات في الاتجاهين معاً ... فهي نقلت لحماس قائمة بأسماء “ضباط ارتباطها” مع الضفة الغربية طالبة إليهم مغادرة أراضيها، تماماً مثلما فعلت تركيا من قبل (حماس نفت الأمر في الحالتين)، كما أن إعلان عزمي بشارة اعتزاله العمل السياسي وتفرغه للبحث العلمي، لم يكن قراره الذاتي، وهو أقرب للإقالة منه إلى الاستقالة، ودائماً لتفادي ضغوط الجوار القريب والبعيد.

في المقابل، بعثت الدوحة برسالة إلى من يهمه الأمر، عندما بادر أميرها للاتصال بالرئيس الإيراني حسن روحاني لتهنئته بمناسبة إعادة انتخابه، قبل أن يعرض عليه تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، رافضاً مقاربة قمة الرياض الأمريكية – العربية، التي وضعت طهران في رأس قائمة مهددات الأمن الخليجي والعربي والدولي ... تلكم كانت إشارة إلى استعداد الدوحة للبحث عن بدائل وتوسيع دائرة تحالفاتها الإقليمية بما يتعدى تركيا إلى إيران ذاتها.

لكن الحقيقة أن الدوحة لا تستطيع الذهاب بعيداً في كلا الاتجاهين، فإن هي رضخت للشروط المصرية – السعودية الإماراتية قامرت بإنجاز الماضي (التليد) ومكتسباته ... وإن هي قفزت إلى أحضان “محور إيران – دمشق”، قامرت بمستقبلها وأمنها واستقرارها وبالغطاء الأمريكي المفرود على أرضها وفوق أجوائها ومياهها.

لهذا تبحث قطر عن وسيلة لاستيعاب الصدمة وتبديدها ما أمكن، وسوف نرى في الأيام القليلة القادمة، محاولات لأفرقاء كثر، يبدون الاستعداد للوساطة وبذل المساعي الحميدة بين الأطراف المحتربة ... والمؤكد أن الدوحة ستكون العاصمة الأكثر سعادة بازدحام الوسطاء والوساطات، فذلك سيمكنها من كسب الوقت، وسيساعدها على تدوير الزوايا الحادة في مواقف الرباعية العربية المناهضة لها، وربما الإفلات من الزاوية الضيقة التي وجدت نفسها محشورة داخلها.

وفي هذا السياق، ستبدي الدوحة استعداداً متزايداً لتقديم وجبات متتالية من التنازلات، وقد تتخذ إجراءات لمساعدة الوسطاء على إنجاز مهامهم ... وتحديداً لجهة إبعاد بعض الرموز غير المرغوب ببقائها في الدوحة، وإعادة ضبط وتيرة الخطاب الإعلامي، وربما إبداء مواقف أكثر قرباً من الرياض، من الناحية اللفظية على الأقل، حيال عدد من الملفات الإقليمية.

من بين الدول الأربع التي تخوض هجوماً منسقاً ضد قطر، تبدو الدوحة حريصة بالأساس على تحييد الموقف السعودي، ولأسباب شتى معروفة وليس هناك مجال الخوض فيها ... لا يهم القيادة القطرية ما تقوله الإمارات والبحرين، وهي ليست معنية بتاتاً بخطب ود القاهرة ... ولقد شهدنا في الأيام التي سبقت قرارات القطع والقطيعة التي صدرت عن العواصم الأربع، كيف أن الدوحة حاولت صب جام غضبها على أبو ظبي وتجنبت توجيه أي نقد لاذع للسعودية ... هذا التكتيك سيستمر، وستسعى قطر لتفكيك جبهة الرباعية العربية، من خلال التركيز على استرضاء السعودية وكسب حيادها، لكن فرص نجاح هذا التكتيك، تبدو ضعيفة للغاية هذه المرة بالذات.

السيناريو الذي لا يبدو أن الدوحة تفكر به على الإطلاق، هو الذي تناولناه في مقال سابق قبل عدة أيام، عندما اقترحنا على الدوحة الالتفات للداخل، وإعادة رسم صورة الإمارة، لتتخذ من سويسرا وليس من اسبارطة، نموذجاً لها، وهي قادرة على فعل ذلك إن توفرت الإرادة السياسية، والانتقال من موقع “الطرف المشاكس” في كل أزمات المنطقة، إلى موقع الوسيط والمرجعية التي يحتكم إليها أفرقاء الصراع، والتحول من بناء السدود والجدران في وجه مبادرات التعاون والتكامل الإقليمية إلى بناء الجسور ومنصات للتلاقي وبناء التوافقات والتفاهمات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات قطر خيارات قطر



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon