توقيت القاهرة المحلي 20:39:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المبادرة التركية... الفرص والقيود

  مصر اليوم -

المبادرة التركية الفرص والقيود

بقلم : عريب الرنتاوي

ثمة ما يشفُّ عن "رابط ما" بين زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للأردن الأسبوع الفائت، وزيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لأنقرة أمس الأول ... تركيا التي تواجه انكماشاً حاداً لدورها في أكبر أزمات المنطقة: سوريا والعراق، تجد نفسها بحاجة لاستعادة هذا الدور والبحث عن ساحات جديدة لممارسة ثقلها ونفوذها.

من بوابة فلسطين والقدس والأقصى، والمصالحة، تسعى أنقرة في لعب دور أكبر على الساحة الفلسطينية، وإذ تستشعر القيادة التركية بأنها قادرة على استئناف حضورها الإقليمي من هذه البوابات، إلا أنها ما زالت تصطدم بجملة من العوائق والقيود.

لا مشكل تركية مع الجانب الفلسطيني، على الرغم من انحياز أنقرة الواضح لحركة حماس، كحلقة خاصة ومتميزة، في سلسلة الإخوان المسلمين في الإقليم ... علاقات أنقرة الوطيدة مع حماس، ودعم الحركة وتشجيعها سياسياً ومعنوياً، لم يفض إلى قطيعة من أي نوع مع قيادة السلطة والمنظمة والرئاسة الفلسطينية، ظلت القنوات مفتوحة بين الجانبين، وظلت "شعرة معاوية" تفعل فعلها في إدامة الوصل والتواصل.

لكن أنقرة تواجه مشكلة مع تل أبيب، على الرغم من جهود المصالحة التي أثمرت عودة العلاقات الدبلوماسية والسفارات والسفراء، وارتفاع ميزان التبادل التجاري، وتبادل الوفود على مستويات مختلفة ... مستوى الثقة الإسرائيلية بالجانب التركي، ضعيفة للغاية، وبخاصة بالرئيس أردوغان، ولا أظن أن إسرائيل بوارد السماح لتركيا بأن تلعب دوراً مهماً على هذا الصعيد، وهي التي عطلت أدوار وساطة أوروبية وأمريكية، طوال سنوات وعقود ... إسرائيل لا تريد سلاماً ولا انسحابا ولا دولة فلسطينية، وهيهات أن تقبل بوسيط، لا يتردد عن إبداء دعمه وتأييده لكفاح الشعب الفلسطيني العادل في سبيل حريته واستقلاله.

لكن بالعودة للرابط بين الزيارتين (أردوغان لعمان وعباس لأنقرة)، أحسب أن الجانب التركي يتطلع للقيام بأدوار متزايدة في الأقصى وأكنافه، تندرج في سياق الرعاية والوصاية، صحيح أن أردوغان قبل أن تطأ أقدامه أرض الأردن، دعا لدعم الموقف الأردني في القدس وإسناده، لكن الصحيح كذلك، أن هناك محاولة تركية، مباشرة وعبر وسطاء محليين، لتعظيم الدور التركي في القدس باعتبارها كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية ذات يوم، ويستشعر الحزب الحاكم ورئيسه "مسؤوليته" حيالها، وهذا الأمر يبقي الأردن في موقع المراقب عن كثب، باعتباره المولج بملف رعاية المقدسات، وقد يثير قلق الفلسطينيين جراء العلاقات المتميزة التي تربط تركيا بحماس.

أما في الملف الفلسطيني الداخلي، وأعني به ملف المصالحة الوطنية، فإنه سيتعذر على أنقرة أن تقوم بدور الوسيط النزيه والمحايد، ما لم تقف على مسافة واحدة بين رام الله وغزة ... لا يمكن لأردوغان أن يكون حليفاً ومرجعية لحماس، ومعادياً لمصر، وينتظر في الوقت ذاته، قبولاً وترحيباً فلسطينيين بدوره الوسيط ... لا شك أننا استمعنا إلى الكثير من عبارات المجاملة بين الجانبين، لكن الحقيقة أن لا عباس، ولا حتى حماس، تستطيع أن تأتي بالدب التركي إلى كرم العنب الفلسطيني، من دون أن تقامر بإغضاب مصر، ومن خلفها كل من السعودية والإمارات بخاصة.

وأحسب أن دخول تركيا وأردوغان على خط المصالحة الفلسطينية كوسيط، قد جاء استجابة لمحاولات عربية لاستمالة حماس وإبعادها عن المحور التركي – القطري، وقد تجلت هذه المحاولة في دفع العقيد المنشق محمد دحلان للتقرب من حماس ورعاية اتفاق ثنائي معها، وكانت معلومات قد ترددت بأن دحلان توسط في إصلاح ذات البين بين حماس والإمارات، لكن السعودية ومصر هما من تحفظتا على أمرٍ كهذا، باعتباره سيضعف حملة الرباعي العربي على قطر بزعم رعايتها ودعمها لجماعة الإخوان المسلمين.

أياً يكن من أمر، فإن الدخول التركي على خط المصالحة، يمكن أن يكون مقبولاً، بحدود، ولكن ليس إلى نهاية الشوط أو المطاف، من قبل طرفي الانقسام الفلسطيني ... حماس ترى في الرئيس التركي حليفاً ومرجعية سنيّة، والرئيس عباس، توّاق للتحرر من ضغوط محور عربي، لم يعد خافياً على أحد... حماس تتخذ من قطر مقراً لقيادة الخارج، وعباس لديه "هوى قطري" على المستوى الشخصي على الأقل، معروفٌ منذ زمن طويل.

لكن لا حماس ولا عباس، يستطيعان من دون المقامرة بإثارة غضب محور عربي وازن، أن يذهبا إلى نهاية الطريق في التجاوب مع مهمة الوساطة التركية، تلك مسألة ستزيد الأمور تعقيداً، سيما وأن أنقرة، كما قطر في هذا اللحظة، ليس لديها "خيلاً تهديها ولا مال"، ووضعهما في الإقليم آخذ في الانحسار والانكماش، إن على خلفية التطورات الميدانية والسياسية المتلاحقة في كل من سوريا والعراق، أو بسبب تفاقم الأزمة الخليجية، وتزايد احتمالات استطالة أمدها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبادرة التركية الفرص والقيود المبادرة التركية الفرص والقيود



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 09:31 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج العقرب

GMT 09:56 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon