توقيت القاهرة المحلي 09:15:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحية من القلب لكنائس فلسطين

  مصر اليوم -

تحية من القلب لكنائس فلسطين

بقلم عريب الرنتاوي

رفعت كنائس فلسطين صوت “الله أكبر”، وأجاد المطارنة والرهبان في ترديد “الأذان” محاطين بحشد مهيب من زملائهم من رجال الدين المسيحيين، وعلى مرأى ومسمع من جموع المؤمنين الذين أموّا الكنائس للصلاة، في تظاهرة تعبر عن مستوى عميق من الوعي لمخاطر السياسات العنصرية – الاحتلالية، وفي تجسيد لصلابة الهوية الوطنية الموحدة للشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته.

لم يدخل هؤلاء في جدل سقيم وعقيم، حول جواز هذا الأمر من عدم جوازه … الجميع أصغى باحترام لشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله … وضعوا جانباً اختلاف العقائد وتباينها … وأقبلوا مندفعين في رفضهم للقرارات العنصرية – الاستئصالية … فقد أدركوا أن من يستهدف صوت “الأذان” اليوم، سيستهدف (وهو استهدف) أجراس الكنائس أمس واليوم وغداً … هم يعرفون أن الهدف من هذه الإجراءات، هو إلغاء الهوية الوطنية – القومية – الإسلامية – المسيحية لفلسطين والقدس، فهبوا دفاعاً عن هذه الهوية، من دون التفات إلى ما يمكن أن يصدر من أصوات هنا أو هناك.

على الرغم من “القشعريرة” التي سرت في العروق، وأنا استمع للخوري المسيحي يصدح بأذان المسلمين، إلا أنني لم أصب بالدهشة أو الاستغراب … فالمسيحيون في فلسطين، كانوا على الدوام في موقع الريادة في الكفاح المعاصر لشعب فلسطين، واحتلوا صفوفاً متقدمة في معارك البناء وحفظ التراث وتظهير الهوية الوطنية وصون الحقوق والذود عن المقدسات … احتلوا مواقع متقدمة في الحركة الوطنية، فكانوا في صدارتها، وقدموا بدورهم قوافل من الشهداء الأبرار.

ورجال الدين المسيحي في فلسطين، قدموا كوكبة محترمة من الرموز الوطنية التي لم يمنعها دثارها الديني من الانخراط النشط في معارك فلسطين وحروبها من أجل العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة، فكانوا سفراء الحركة الوطنية الفلسطينية للعالم، يشرحون قضيتها، ويبددون عنها “صوراً نمطية” حاولت آلة الدعاية الصهيونية إلصاقها بهم، بوصفهم قتلة وإرهابيين، وأعداء للغرب والحضارة والثقافة الغربيتين، بل وأعداء للمسيحية ذاتها، مع أن فلسطين هي الموطن الأول للمسيحية.

لقد أثلجت هذه المبادرة الوطنية النوعية (ولا أقول اللفتة أو الالتفاتة) صدور الفلسطينيين جميعاً، إذ في الوقت الذي سقطت فيه عشرات ألوف الأرواح على خطوط التماس بين المذاهب والطوائف المحتربة في الإقليم من حولنا، يصدع المسيحي الفلسطيني بصوت الأذان، ذوداً عن حق أخيه في الوطن والمواطنة، بحفظ مقدساته وشعائره وهويته … وتعبيراً عن صلابة الجبهة الداخلية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال، والتي لم تنل منها على ما يبدو، سنوات الانقسام السياسي العجاف، بين فصائل تقتتل على جلد الدب قبل اصطياده.

وإذ رحبت قوى سياسية عديدة، من بينها فصائل إسلامية، بهذه المبادرة العظيمة، فإننا نجدها مناسبة لتذكير هؤلاء بمواطنة مسيحيي بلدانهم، وهم الذي انخرطوا – بعضهم على الأقل- في تصنيف المواطنة والمواطنين إلى درجات، محمد يرث وجورج لا يرث … نذكرهم بالجدل الهابط والسقيم، الذي يتردد بين حين وآخر، حول جواز إلقاء التحية على المسيحي، أو تهنئته بأعياده الدينية … إن لم تكن مبادرة مسيحيي فلسطين الأخيرة، سبباً في دفع هؤلاء للخجل من بعض أطروحاتهم في هذا الشأن، وحافزاً لمراجعتها وتغييرها، فلا أحسب أن شيئاً يمكن أن يستثير الخجل لديهم، إذ سينطق عليهم حينها القول الذائع: لقد أسمعت إذ ناديت حياً ….

صحيح أن فلسطين لم تعرف ما عرفته دول عربية مجاورة، من مظاهر الاحتراب الديني أو الطائفي، وصحيح أنه حالة “العيش المشترك” والنضال من الخندق ذاته، طبعت التاريخ الحديث لشعب فلسطين، إلا أن الصحيح كذلك، أن حفظ هذه الروح والوفاء لهذا التراث، في هذه اللحظة الإقليمية المشحونة بالذات، هو أمر يسجل للفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، ويمكن أن يفتح نافذة للضوء في ليل المشرق البهيم.

تحية لكل كنيسة وراهب وخوري ومطران، ارتفع صوته بالأذان احتجاجاً على نظام الابارتهايد الصهيوني … تحية للأعضاء العرب في الكنسيت، الذي رفعوا الأذان من على منصته، رفضاً للسياسات الإسرائيلية المتغطرسة … تحية لكل رجل وشاب وطفل، اعتلى سطح منزله في القدس، مطلقاً العنان لصوت “الله أكبر” رداً على الهجمات التهويدية الاقتلاعية المتعاقبة، التي تطلقها إسرائيل ضد أصحاب البلاد وسكانها الأصليين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحية من القلب لكنائس فلسطين تحية من القلب لكنائس فلسطين



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon