توقيت القاهرة المحلي 05:29:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة

  مصر اليوم -

كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة

بقلم عريب الرنتاوي

وفقاً لأرقام التعداد السكاني الأخير، فإن ما يقرب من 700 ألف فلسطيني، يقيمون في الأردن، معظمهم إقامة دائمة أو شبه دائمة، جزء كبير من هؤلاء من أبناء وبنات قطاع غزة، والبقية ممن شملتهم تعليمات فك الارتباط من أبناء القدس والضفة الغربية.
غالبية هؤلاء، لا يعرفون “وطناً” آخر لهم غير الأردن، رغم أنهم ليسوا مواطنين، أجيال منهم تعاقبت ولم يتسن لها زيارة أي بلد أجنبي، كثرة منهم لم تتمكن من زيارة العقبة خشية المساءلة أو لنقص في الوثائق، كما أخبرني بعضهم، وربما لإحساس عميق بالحاجة لعدم الاحتكاك بدوائر الدولة أو الأجهزة الأمنية … يواجهون عنتاً شديداً في السفر والحصول على التأشيرات المناسبة، لأن جوازاتهم المؤقتة، غير المحمّلة بالرقم الوطني، تضعهم مباشرة في دائرة “الاستثناء”.

عن التعليم والتملك والطبابة، حدث ولا حرج، فلكل عائلة قصة ترويها … أما عن الحق في العمل، فتكاد تكون أبوابه مغلقة في وجوههم، مع إغلاق العشرات من المهن، في وجه من لا يحملون الرقم الوطني … والمؤسف أن أبناء القطاع وحملة الجوازات بلا أرقام” من الفلسطينيين، يلقون ذات المعاملة التي تتلقاها آخر موجة من اللاجئين إلى الأردن، الوافدين إليه من دول الأزمات القريبة والبعيدة، وفي ذلك، ظلم بحق هؤلاء، لا تنفع معه كافة المبررات.

ذات يوم، قبل عدة سنوات، سُحبت الكتب المدرسية من طفلة غزيّة، صبيحة اليوم التالي “لتجليدها”، والسبب أنها ليست أردنية، ولنا أن نتخيل إحساس طفلة بالكاد أتمت السنوات الست من عمرها، وهي ترى نفسها “”عنزة جرباء” بين زميلاتها في الصف … اليوم، يقال إن تعليم أبناء وبنات القطاع، سيخضع لذات المعايير التي يخضع لها تعليم أبناء وبنات اللاجئين السوريين (آخر موجات اللجوء).

خلال الساعات الثماني والأربعين الفائتة، تلقى كاتب هذه السطور، اتصالات عديدة، بخصوص القرار الحكومي الأخير، بسد أبواب التعليم الخاص في وجوه المدرسين والمدرسات من أبناء وبنات القطاع … مئات وربما ألوف منهم، سيلقى بهم إلى الشارع، مع أن غالبيتهم، مستخدمون بعقود ورواتب جائرة، تقل عن الحد الأدنى بكثير، بل وتقل عن المعدل الوسطي لرواتب أكثر من خمسين ألف عاملة منزل آسيوية يعملن في البلاد.

هي كارثة إنسانية بلا ريب، ومن يستمع لأصوات القلقين والمذعورين ممن سيشملهم القرار، يدرك حجم الكارثة الإنسانية التي ستحلق بألوف الأسر، وعشرات ألوف الأبناء والبنات والأحفاد … والأدهى من ذلك وأمر، أن عشرات ومئات الأسر، تنتظر لحظة تخرج أبنائها وبناتها، لتشرع في تسديد الديون المتراكمة والمؤسسة على مشوار تعليمهم المكلف … “تعلموا بالدين، ولن يجدوا فرصة عمل لتسديد ديونهم”.

لا يقف القلق عند هذا الحد، هو مسلسل متعدد الحلقات … قبل أقل من عام، مررنا بمسلسل “تصريح العمل”، الذي شمل أبناء غزة، أسوة بالعمالة الوافدة … يومها اجتاحت أبناء هذا القطاع، موجة من القلق، لم تتوقف تداعياتها وارتداداتها حتى اليوم، ولم يقلل من شأنها حديث الحكومة عن إعفاء من الرسوم … المسلسل سيستمر على ما يبدو، وهذا ما يتخوف منه الكثيرون، وقد لا يقف عن حد إغلاق أبواب المدارس الخاصة في وجه أبناء القطاع وبناته.

لماذا هذا التوتير الدائم والمستمر … ولماذا كل هذا العبث بأعصاب هؤلاء المنكوبين باللجوء والتشرد… من حق هؤلاء علينا أن نحفظ حقوقهم المدنية والاقتصادية والاجتماعية، وأن نعاملهم بالكرامة الإنسانية التي استحقوها، وأن نرفع عن أعناقهم، سيوف الابتزاز بلقمة العيش والمقعد الدراسي وسرير العلاج.

إن لم نفعل ذلك، كرامة لهؤلاء الذي قضوا بين ظهرانينا كل أو جل أعمارهم، فلا أقل من نأخذ بخاطر نصف السكان، المتحدرين من “الجلدة” ذاتها …. وإن لم نفعل ذلك كرمى لأحد، فأقله من باب حفظ الأمن والاستقرار، فما الذي ننتظره من ألوف الشباب والشابات الملقى بهم إلى قارعة البطالة والفقر والجوع والتهميش والإحساس بالذل والمهانة وعدم الاستقرار؟ … ما الذي ننتظره من مخيمات بلغت فيها نسبة البطالة بين الرجال 40 بالمائة وبين النساء 80 بالمائة، وهي إلى زيادة مستمرة في ضوء القرارات المرتجلة.

العاملون من أبناء القطاع وبناته، لا يحولون قرشاً واحداً خارج “السوق الأردنية”، بل أنهم يتلقون العون والمساعدة من أقارب لهم من الغزيين العاملين في الخارج، ومن مصلحة “الدورة الاقتصادية” أن يبقى هؤلاء على “قيد العمل”، حتى لا يتحولوا إلى قنابل موقوتة في صفوفنا، ولكيلا يصبحوا هدفاً رخواً للتطرف والجريمة المنظمة أو غير المنظمة… فهل من يستمع أو يصغي لأصوات هؤلاء؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة كفى عبثاً بأعصاب أبناء غزة



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon