توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عباس في مجلس الأمن... جديده وقديمه

  مصر اليوم -

عباس في مجلس الأمن جديده وقديمه

بقلم - عريب الرنتاوي

وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى نيويورك، رغم محاولات العرقلة الأمريكية – الإسرائيلية، وتقدم بخطاب إلى العالم عبر أعضاء مجلس الأمن الدولي، عرض فيه لملامح خطته للخروج من مأزق انهيار عملية السلام، التي أصيبت بضربة قاضية بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها... قاطع كلمتي مندوبي إسرائيل والولايات المتحدة “إن جاز لنا أن نتحدث عن مندوبين اثنين بعد تماهي الموقف الأمريكي بالإسرائيلي”، حيث تعرضت الكلمتان بالنقد الشديد لخطاب عباس ودوره وموقعه وسلطته ومنظمته وكل من يمثل وما يمثل.

يتحول مجلس الأمن، كما هو في كثير من لحظاته، إلى ساحة اشتباك، هذه المرة بين الفلسطينيين وأصدقائهم من جهة، وإسرائيل وحليفتها المطواعة الوحيدة: الولايات المتحدة من جهة ثانية، وهذا أمرٌ يُحسب للفلسطينيين ولا يحسب عليهم، وهم الشعب المستضعف، الرازح تحت نير الاحتلال والاستيطان والحصار والعنصرية، في مواجهة مع أحدث مشروع لتصفية قضيتهم الوطنية، وتجريدهم من أبسط حقوقهم الوطنية، كشعب ضاربة جذوره في عمق الجغرافيا والتاريخ، لتحويله إلى مجرد “فائض سكاني”، يجري تقاسمه على موائد الدول المضيفة والراعية، بعيداً عن وطنه، وعن حقه في السيادة والاستقلال والحرية وتقرير المصير.

“أبو مازن” في خطته التي بسطها أمام المنتظم الدولي، عرض لمؤتمر دولي في أواسط السنة الجارية، تنبثق عنه آلية دولية جديدة لرعاية عملية السلام والتوسط بين فريقيها الرئيسين، أشار إلى مرجعيات وجداول زمنية ملزمة ... المرجعيات لا تخرج عن قرارات الشرعية السلام والاتفاقات المبرمة، وما أصبح قاراً في الضمير العالمي من تصورات وأفكار حول ملامح الحل النهائي للقضية الفلسطينية ... أما الجداول الزمنية، فيتعين أن تكون محددة ومختصرة و”مشروطة”، محددة ومختصرة لأن أحداً لا يمتلك ترف الدخول في مفاوضات عبثية، تمتد لربع قرن آخر من دون جدوى، تريدها إسرائيل وتسعى إليها، من أجل التغطية على سياسات فرض الوقائع والإملاءات على الأرض والشعب الفلسطينيين... ومشروطة، لأن الفلسطينيين لا يريدونها غطاء للتوسع الاستيطاني ومصادرة الأرض والحقوق والحريات معاً.

لا جديد في معالم الحل الذي اقترحه عباس على المجتمع الدولي: دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، مع تبادل محدود للأراضي، سبق التفاهم على “قواعده ومبادئه”، مع حل لقضية اللاجئين بموجب مبادرة السلام العربية ... هي عناوين الحد الأدنى للمشروع الوطني الفلسطيني، وقد باتت سقفاً للتفاوض، وليس مدخلاً له أو مقدمة للاتفاق النهائي بشأنها.
باستثناء واشنطن وتل أبيب، لا أحد لديه مشكلة في القبول بهذه الأفكار ... وحدها القوة المتغطرسة والغاشمة، قوة الأمر الواقع الاحتلالي الإسرائيلي المدعّم بالجبروت الأمريكي، هي من تعطل مسارات الحل، وتبدد الإجماع الدولي على أسسه وعناصره الأساسية ... وقد كان الأمين العام للأمم المتحدة مصيباً حين قال: إنه لا يرى في أفق المجتمع الدولي حلاً “واقعياً” غير هذا، مع أن غوتيريش كان سيجد جواباً آخر، لو أنه سأل أي فلسطيني في الوطن المحتل والشتات عن “واقعية” هذا الحل، ولكان أخبر بأنه بات وراء ظهرنا وليس أمامنا، أو كلف نفسه عناء استنطاق المواقف الفعلية لحكومة إسرائيل وائتلافها و”كنيستها” ... لكن هذه مسألة أخرى.

يقلل البعض من شأن الجهد الفلسطيني المنصب على مقارعة إسرائيل في المحافل الدولية، ويقترح استراتيجيات أخرى ... ونقول: من دون مناكفة أو سجال عقيم، المعترك الدولي سيظل أداة فلسطينية وساحة من ساحات الاشتباك مع إسرائيل ورعاتها، وإن كنّا نوافق تماماً على أن هذا وحده لا يكفي، فالقرارات الدولية تكتسب مضمونها، ويجري تفسيرها وإعادة تفسيرها، تبعاً لتوازنات القوى على الأرض، وليس أمام الفلسطينيين من خيار آخر، سوى العمل على تبديل هذه التوازنات، بدءاً برفع كلفة الاحتلال، وتصعيد العمل الشعبي المقاوم، وترتيب البيت الفلسطيني، وعدم رهن أي ساحة أو أداة من ساحات النضال الفلسطيني وأدواته، بأوهام أو رهانات خائبة، على ما يمكن أن “تجود” به واشنطن أو تسمح به إسرائيل ... هذه مسألة من المفترض أنها باتت من ماضي عملية السلام وخيار “المفاوضات حياة”.

عباس لوّح بخيارات، لا يرغب بها المجتمع الدولي ولا يرغب بها الفلسطينيون أنفسهم، لكنه سيكون مضطراً للأخذ بها، إن سدت السبل في وجوه الفلسطينيين ... أفترض أنه يقصد قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وهي قرارات ملزمة، أُخذت لكي تنفذ وتترجم، وليس للتلويح بها ... إن ظلت التهديدات الفلسطينية مقتصرة على الأقوال من دون الأفعال، كما هي عليه حتى الآن على الأقل، ستفقد قيمتها، وتصبح مثيرة للسخرة والتسلية، بدل أن تكون “مُسيّلة” للأدرنالين في عروق الآخر وشرايينه.

مركز الثقل في الحراك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني، ينصب على “الآلية الدولية الجديدة” للمفاوضات ... حتى الآن تبدو الصورة غير مشجعة ولا تثير تفاؤلاً ... لكن التمعن في المواقف الدولية من المسألة، يلحظ أن كسب هذه المعركة مع واشنطن وتل أبيب، يبدو أمراً ممكناً، وإن كان صعباً، بل وصعباً جداً ... أوروبا وروسيا لا تريدان أن تكونا “بديلاً” للولايات المتحدة، ولا أحد في الأصل، يريد منهما أن تكونا كذلك، وهما بكل تأكيد ترغبان في زيادة منسوب حضورها على موائد الرعاية والوساطة، والولايات المتحدة، وزارة خارجيتها على أقل تقدير، فتحت ثغرة في جدار التعنت الأمريكي – الإسرائيلي حيال هذه المسألة، عندما أعلنت الناطقة باسمها عن استعداد واشنطن لدراسة دعوة أطراف أخرى لعملية السلام، في مرحلة لاحقة، إن رأت ذلك مفيداً ... الباب هنا ترك “موارباً”، ولو أن هناك موقفاً عربياً أكثر صلابة بقليل، لأمكن فتحه بصورة أرحب أمام الخيار الفلسطيني الجديد.

المعركة طويلة، والباب مفتوحاً أمام تحولات وتبدلات ... أقلها حظاً وحظوة، هو “حل الدولتين”، وقد نطق صائب عريقات بالكلام المباح، عندما قال إن أفيغدور ليبرمان هو رئيس السلطة، وأن منسقه لـ “شؤون المناطق” هو رئيس حكومتها، قبل أن يكشف عن “نبوءته اليائسة” بأن السلطة مهددة بالاختفاء ... وقد تختفي السلطة، لكن نضال الشعب الفلسطيني من أجل حريته واستقلاله، سيتواصل، ولن يختفي أو يخبو، وستكون هناك مرحلة جديدة وشعارات جديدة، وقد يعود مطلب “الدولة الواحدة ثنائية القومية” على جدول الأعمال، بوصفه نهاية مطاف سياسات فرض الأمر الواقع الإسرائيلية، لكن الأهم من كل وذاك وتلك، أن تصعيد صمود الفلسطينيين ومقاومتهم للاحتلال، هو القابلة القانونية التي ستخرج الحل الأنسب والأكثر صحة وحيوية، وستسرع في نقله إلى دائرة النور.

نقلا عن جريدة الدستور القاهرية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عباس في مجلس الأمن جديده وقديمه عباس في مجلس الأمن جديده وقديمه



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 09:47 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

وفد أميركي يزور دمشق للقاء السلطات السورية الجديدة

GMT 09:42 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس بزشكيان يختم زيارته للقاهرة ويعود إلى طهران

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 11:30 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أفضل الأماكن لتجنب الإصابة بالإنفلونزا على متن الطائرة

GMT 18:59 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

أسهل طريقة لتنظيف المطبخ من الدهون بمنتجات طبيعية

GMT 22:16 2016 الأربعاء ,14 كانون الأول / ديسمبر

مواجهة أسوان لا تقبل القسمة على أثنين

GMT 18:47 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"

GMT 05:37 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

جوليا روتفيلد تكشف للفتيات دليل ارتداء ملابس الحفلات

GMT 17:06 2018 الإثنين ,05 شباط / فبراير

تعرفي على طرق مبتكرة لوضع المناكير الأحمر

GMT 20:57 2018 الثلاثاء ,30 كانون الثاني / يناير

فيليب لام يصف قضية مونديال 2006 بالكارثة الشخصية لبيكنباور
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon