بقلم عريب الرنتاوي
تفوقت النساء على الرجال من حيث نسبتهن إلى العدد الإجمالي لأصحاب وصاحبات الحق بالاقتراع (52% نساء، 48% رجال) لكن النسبة ستنعكس تماماً عند النظر في سجل المقترعين والمقترعات ... أقل من ثلث النساء (32.7%) شاركن في الاقتراع مقابل (40%) عند الرجال.
رصد قانون الانتخابات مقعداً واحداً لكل محافظة (فضلاً عن دوائر البادية الثلاث)، ما يعني أن ما يقرب من ثلاثة أرباع نساء الأردن، سيتمثلن بثلاثة مقاعد فقط، في حين تتمثل خمسة بالمائة منهن بنفس العدد من المقاعد، وقد لوحظ ان 66 مرشحة من المترشحات تنافسن على مقعد واحد في عمان، في حين تنافست ثماني نساء على مقعد واحد في دائرة بدو الجنوب، هذا التفاوت، يعد بكل المعايير، نقيصة في القانون، وضرباً لمبدأ عدالة التمثيل.
خاضت المنافسة في انتخابات البرلمان الثامن عشر، 252 سيدة في عموم دوائر المملكة، توزعن على 218 قائمة، ولم تخلُ سوى ثماني قوائم من تمثيل نسائي،في حين تشكلت قائمة واحدة من نساء فقط، وحظيت قائمة أخرى بخمس نساء، وقائمتان بثلاث نساء وعشرون قائمة بامرأتين، أما الغالبية العظمى من القوائم (194 قائمة) فقد اشتملت على مرشحة واحدة فقط.
حصلت جميع المترشحات على (266064) صوتاً، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الانتخابات الأردنية، لم يكن الوصول إليه ممكنا، لولا اعتماد نظام القائمة النسبية المفتوحة، وقد فازت من بين المترشحات، عشرون سيدة، خمس منهن فزن بالتنافس وحظين بقرابة الثلاثين ألف صوت (29283) والبقية وفقاً لنظام الكوتا وحساباته(83010 أصوات)، ليصبح مجموع الأصوات التي تحصّلت عليها الفائزات بعضوية المجلس النيابي 112293 صوتاً، وبنسبة 42 بالمائة من أجمالي الأصوات التي صبت في الصناديق لصالح المرأة الأردنية.
تفاوتت أعداد الأصوات التي تحصلت عليها النساء في هذه الانتخابات، بلغ أعلاها مع حياة المسيمي إلى 11104 اصوات وادناها 17 صوتا للمرشحة سهام بزبز، لكن المعدل الوسطي للأصوات التي تحصلت عليها كافة المرشحات، تجاوز الألف صوت، وهذه نسبة مرتفعة جداً قياساً بالانتخابات الفائتة ... وقد حصلت 25 مرشحة على أكثر من خمسة آلاف صوت لكل واحدة منهن، فيما حصلت 41 مرشحة على عدد من الأصوات يتراوح ما بين 2999 و4999 صوتاً، لتصبح لدينا أكثر من 66 مرشحة تحصلت كل واحدة منهن على ثلاثة آلاف صوت فما فوق.
نسبة النساء في البرلمان الثامن عشر 15.4 بالمائة، وهي الأعلى في تاريخ الحياة النيابية في الأردني، في البرلمان السابق بلغت 12 بالمائة، والسادس عشر 11 بالمائة ... النسبة جيدة بالمعنى النسبي، وإن كانت دون المعدلات والمتوسطات الدولية، وأقل مما تعهدت به الدولة وما التزمت به الحكومات بموجب “الاستراتيجية الوطنية” فضلاً عن المواثيق والمعاهدات الدولية.
خمس عشرة نائبة من أصل العشرين نائبة في المجلس القادم، هن نائبات سابقات، أما البقية فيلتحقن بالندوة البرلمانية لأول مرة، هنا يمكن القول إن مبدأ التجديد والاستمرارية في الحضور النسائي البرلماني، قد تحقق تلقائياً، فثمة دماء جديدة تدخل المجلس أول مرة، وثمة خبرات متراكمة عند برلمانيات مخضرمات، يمكن أن يساعدن في نقلها للبرلمانيات الجديدات.
مشاركة المرأة المسيحية في هذه الانتخابات تميزت بالضعف الشديد بسبب القيود التي فرضها القانون على ترشح النساء المسيحيات، فالمرأة المسيحية لا تستطيع الترشح خارج الدوائر المخصص لها كوتا مسيحية، وهي لا تستطيع أن المشاركة إلى جانب مسيحي آخر في القائمة ذاتها .... خمس نساء مسيحيات فقط ترشحن (2 بالمائة من إجمالي المرشحات) في دوائر عمان الثالثة والزرقاء الأولى والكرك ومأدبا والبلقاء، للتنافس على المقعد المخصص للكوتا المسيحية، وحصلن بمجموعهن على (5067 صوتاً)، ادناها لسلمى حواتمة من عمان الثالثة (163 صوتاً) وأعلاها لسماح مسنات في الكرك (2021 صوتاً)، أي ما نسبته 2 بالمائة من إجمالي عدد الأصوات التي تحصلت عليها كافة المرشحات في المملكة.
يبقى أن نشير إلى ملاحظتين اثنتين: الأولى، أن فوز خمس نساء بالتنافس كان مفاجأة سارة لأنصار الحركة النسائية والإصلاحية في الأردن، مع أن بعضهن جئن من خارج الأطر التقليدية للحركة النسائية والمجتمع المدني الأردني ... والثانية، أن برلمانيات المجلس الثامن سيجلسن على مقاعدهن ممتلئات بإحساس عالٍ بالثقة بالنفس، فقد حصلن على معدل أصوات، لا يقل عن المعدل العام للأصوات التي حصل عليها زملائهن النواب، ونأمل أن تنتهي إلى الأبد قصة “نائبة كوتا” المستخدمة في الغالب لوضع النساء في مرتبة ثانية من مراتب العضوية في المجلس النيابي.