توقيت القاهرة المحلي 11:36:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن اللاجئين الفلسطينيين ... بلا مناسبة

  مصر اليوم -

عن اللاجئين الفلسطينيين  بلا مناسبة

بقلم - عريب الرنتاوي

تحرص دول عربية عديدة على عدم منح جنسيتها للاجئين الفلسطينيين المقيمين على أرضها، عملاً بقرار قديم للجامعة العربية، اتُّخذ تحت عنوان “حفظ الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني” .... مؤخراً، ومع ارتفاع موجة حقوق الانسان، والنساء بخاصة، حرصت بعض الدول العربية على تبني قوانين تمكن النساء المتزوجات من غير مواطنيها من منح جنسيتها لأبنائها وبناتها... الفلسطينيون هذه المرة كذلك، كانوا الاستثناء، ودائما من موقع الحرص على “حق العودة” و”تعزيز الصمود” و”حفظ الهوية الوطنية الفلسطينية” في مواجهة رياح الاقتلاع والتبديد الصهيونية.

مع أن حكومات معظم هذه الدول، إن لم نقل جميعها، تعرف تمام المعرفة، أن ممارسة “حق العودة” دونه خرط القتاد، بل أن معظم هذه الحكومات، إن لم نقل جميعها، ومنذ اللحظة التي قررت فيها دخول مسار مدريد لعملية سلام الشرق الأوسط، أو المصادقة عليه وتأييده، كانت قبولاً متواطئاً بحلول تنتقص من “حق العودة”، بل ولا تلحظه ابتداءً ... ومع ذلك، لم يترتب على هذه القناعات الدفينة، والمواقف المتساهلة مع التسويات المنقوصة، أي تغيير في سياساتها القائمة على “الاستثناء”حيال اللاجئين المقيمين بين ظهرانيها.

والمقلق أن المواقف الرسمية للحكومات بدأت تتسلل إلى الأفراد والتيارات الشعبية ... كثيرون يحبون فلسطين والفلسطينيين، ولكن من غير اللاجئين على أرضهم... تراهم يتعلقون بغزة وصمودها والقدس وانتفاضتها والسجون وإضراباتها، ولكن عندما يتعلق بالفلسطينيين في بلدانهم، تبدو الصورة مغايرة تماماً، لكأن هؤلاء من جنس آخر، غير جنس الفلسطينيين المقيمين على أرضهم التاريخية.

التضييق على اللاجئين الفلسطينيين في وثائقهم ومعاشهم وفرصهم في الحصول على العمل والتعليم والصحة وبقية الخدمات التي يتمتع بها سائر خلق الله، الصالحين منهم والطالحين، غالباً ما كان يجري تبريره بنظرية “إبقاء الفلسطينيين في حالة تحفّز للعودة” وحفظ مخيماتهم خشية التوطين، ولإبقاء ذاكرتهم حيّة بما يمنع اندماجهم الكامل في المجتمعات المضيفة ... النتيجة الوحيدة التي ترتبت على هذه السياسات، لم تكن التوطين والاندماج ولا العودة وتقرير المصير، بل التهجير إلى المنافي البعيدة والبعيدة جداً، فلا منافي قريبة باتت ترحب بمقدم هؤلاء منذ زمن طويل.

لبنان قدّم الصورة الأبشع لتطبيقات هذه النظرية، فالقلق من التوطين و”فوبيا الفلسطيني” في لبنان، لم تساعد الفلسطيني على عبور “جسر العودة”، بل شحنته بالسفن والطائرات إلى كندا وأستراليا واسكندنافيا، حتى أنه لم يبق منهم سوى أقل من ربع مليون لاجئ، مع أن التقدير الدقيق لتطور أعداد اللاجئين وفقاً للزيادات الطبيعية في السكان، يفضي للقول بأن أعدادهم في لبنان، ما كان ينبغي أن تقل عن مليون لاجئ، والتقدير هنا منسوب لصديقي الباحث الفلسطيني الذي أحترم قراءاته وتقديراته الدقيقة، وأمتنع عن عدم ذكر اسمه لعدم استئذانه لنسبة هذه المعلومة إليه.

الصورة في دول أخرى، لم تكن أحسن حالاً ... فعندما اندلعت حرب الخليج الثانية (1990- 1991)، جرى تهجير أكثر من نصف مليون فلسطيني مقيم في عدد من دول الخليج، وعملاً بقاعدة “رب ضارة نافعة” جرى التخلص من عبء الديموغرافيا الفلسطينية بحجج وذرائع واهية، تخفي جميعها هاجس القلق من “التجنيس” و”التوطين” ... وما أن سقطت بغداد على يد القوات الأمريكية في العام 2003، حتى جرى التنكيل بأكثر من ثلاثين ألف فلسطيني على أيدي المليشيات المذهبية السائبة، ودائماً بتهمة الانحياز لصدام حسين، وهم الآن في فنزويلا والبرازيل ودول لاتينية عديدة ... قبلها كان العقيد معمر القذافي يلقي بالفلسطينيين في الصحراء على الحدود مع مصر، تاركاً أسراً بأكملها ولفترات طويلة نهباً للجوع والعطش وعقارب الصحراء ... يومها كانت حجته السخيفة أنه يريد تحدي أوسلو، واختبار قدرة الراحل ياسر عرفات على إعادة هؤلاء إلى بلداتهم... ومن يقرأ كتاب عروب العابد عن اللاجئين الفلسطينيين في مصر، يعرف تمام المعرفة، أن أرض الكنانة على اتساعها وكثافة سكانها، لطالما ضاقت ذرعاً باللاجئين الفلسطينيين على أرضها، رغم تواضع أعدادهم... أما في سوريا، ومع اندلاع الأزمة، فقد وجد الفلسطينيون أنفسهم “لا مع النظام بخير ولا مع المعارضة بخير”، ومخيمهم الأكبر في اليرموك، تحوّل أثراً بعد عين قبل أن تنتهي خرائبه في أيدي عصابات داعش والنصرة، وليدخل لاجئو هذا البلد، في رحلة شتات جديدة، إلى المنافي البعيدة، وأكاد أجزم بأن معظم إن لم أقل جميع من عرفتهم منهم، لم يعد مقيماً في سوريا منذ عدة سنوات.

بخلاف هذه الصورة القاتمة، يبدو الأردن واحة الاستقرار الوحيدة المتبقية للاجئين الفلسطينيين، على الرغم من كل السجال الساخن الذي ينشأ بين حين وآخر على خلفية المنابت والأصول، وكل الأحاديث عن حقوق أبناء غزة وأبناء الأردنيات ... هنا يمكن الجدل حيال بعض الممارسات والسياسات، ولكنها لا تقارن بحال من الأحوال بما شهدته التجمعات الفلسطينية الأخرى، أقله لم تسجل عمليات تهجير أو تسفير جماعية كتلك التي لم تخل منها ساحة واحدة من ساحات الانتشار الفلسطيني.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن اللاجئين الفلسطينيين  بلا مناسبة عن اللاجئين الفلسطينيين  بلا مناسبة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد

GMT 16:48 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

المقاصة يسعى لاستعادة الانتصارات أمام الانتاج

GMT 14:39 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

"ثقافة أبوقرقاص" تنظم فعاليات في قرية الكرم وقصر الإبداع

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

العسيلي والليثي يطرحان أغنيتهما الجديدة "خاينة"

GMT 19:11 2015 الإثنين ,12 تشرين الأول / أكتوبر

مركز "محمود مختار" يستضيف معرض الفنان وليد ياسين

GMT 03:33 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

دار VIDA للمجوهرات تطرح مجموعة جديدة لامرأة الأحلام
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon