توقيت القاهرة المحلي 15:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجربة في الفشل الانتخابي... الأحزاب اليسارية والقومية نموذجاً

  مصر اليوم -

تجربة في الفشل الانتخابي الأحزاب اليسارية والقومية نموذجاً

بقلم عريب الرنتاوي

وفقاً لرئيس الهيئة المستقلة للانتخابات، فقد بلغ عدد المترشحين الحزبيين في انتخابات البرلمان الثامن عشر، 216 مترشحاً، فاز منهم 27 نائباً، بنسبة تعادل 13 من إجمالي عدد المترشحين للانتخابات و20 بالمائة من إجمالي عدد أعضاء المجلس، والأرقام دائماً لخالد الكلالدة.

باستثناءات قليلة، خاضت الأحزاب السياسية حملاتها الانتخابات، من ضمن تحالفات ملتسبة، ضيّعت من خلالها هويتها السياسية والفكرية، وصار يتعين على الباحث “التنقيب” في ثنايا القوائم عن مرشح حزبي هنا وآخر هناك، وغالباً ما اعتمد المرشحون الحزبيون تكتيك إخفاء هويتهم الحزبية، معوّلين بذلك، على تحالفاتهم العائلية والعشائرية، وفي بعض الأحيان، مع رجال أعمال نافذين ... الأمر الذي يزيد من صعوبة التعرف على الأحجام والأوزان الحقيقية للأحزاب السياسية الخمسين، التي شارك 39 منها في الانتخابات، في حين عجزت الأحزاب الأخرى عن تشكيل قوائم خاصة بها، أو إيجاد موطئ قدم لكوادرها على متن اللوائح المتنافسة.
تناولنا في مقال سابق، حصاد الحملة الانتخابية لحزب جبهة العمل الإسلامي وحلفائه، وهو الحزب الوحيد الذي نافس تحت يافطة حزبية/ سياسية، وتمكن في الوقت ذاته، من الحصول على أزيد من نصف إجمالي عدد الحزبيين في البرلمان، اليوم سنعرض لأبرز ملامح وسمات الحملات الانتخابية للتيار اليساري – القومي، ونتائج تلك الحملات.

عجزت الأحزاب اليسارية والقومية عن خوض غمار المعترك الانتخابي بقوائم مشتركة، حتى أن أربعة أحزاب يسارية خاضت الانتخابات بمعزل عن بعضها البعض، وكذلك فعلت الأحزاب القومية الثلاثة، برغم تقاسم هذه الأحزاب خلفية فكرية مشتركة، واشتراكها إلى حد بعيد، بمواقف سياسية متقاربة، وتلكم حقيقة باتت معروفة، لا ينفع معها استمرار التلاوم الحزبي عن المسؤولية في تعثر جهود بناء الائتلافات والتحالفات الانتخابية.

وفقاً لقراءة كاتب هذه السطور، فقد خاضت الأحزاب اليسارية والقومية الانتخابات بستة عشر مرشحاً،من بينهم ثلاث مترشحات، وبنسبة تقل قليلاً عن العشرين بالمائة، نسبة المرشحات الإناث إلى إجمالي عدد المرشحين على المستوى الوطني العام، مع أنه كان من المتوقع أن تزيد نسبة المترشحات اليساريات والقوميات عن المعدل العام للترشيحات النسائية.

توزع المرشحون الـ 16 على سبعة أحزاب قومية ويسارية، بواقع 4 مرشحين من حزب البعث العربي الاشتراكي و3 مرشحين لكل من حزب الوحدة الشعبية والحزب الديمقراطي الاجتماعي والحزب الشيوعي، ومرشح واحد لكل من حزب البعث العربي التقدمي وحزب “حشد” وحزب الحركة القومية،توزع المرشحون على إحدى عشرة قائمة انتخابية، في دوائر إربد الأربعة ودائرة الزرقاء الأولى، ودائرة عمان الأولى والبلقاء والكرك وجرش، وغاب مرشحو اليسار والقوميين عن بقية الدوائر (9 دوائر من أصل 23 دائرة).

الأحزاب المذكورة، اعتمدت تكتيكات انتخابية غير مألوفة، إذ باستثناء ثلاث قوائم تمتعت بنكهة سياسية، سكر خفيف (الوطنية في الزرقاء الأولى وضمت أربعة مرشحين للحزب الشيوعي والوحدة بواقع اثنين لكل منهما، والزيتونة في الكرك وضمت مرشحين من الحزب الشيوعي ومرشح من الديمقراطي الاجتماعي وقائمة السنبلة من إربد الأولى وضمن مرشح واحد لكل من البعث العربي الاشتراكي والوحدة)، فقد توزع بقية المرشحين فرادى، واعتمدوا على ما يمكن أن تقدمه لهم عشائرهم وعائلاتهم ورجال الأعمال من دعم تصويتي، ومع ذلك، لم يتجاوز إجمالي عدد الأصوات التي حصل عليها مرشحو الأحزاب القومية واليسارية على اختلاف مصادرها ومنابعها الـ 35 ألف صوت، وهي نسبة بالكاد تصل إلى خُمس ما تحصلت عليها قوائم الإخوان المسلمين في الانتخابات الأخيرة.

النتيجة جاءت مخيبة للآمال تماماً، إذ باستثناء حزبي واحد، فاز بأصوات عشائرية، لم تتمكن الأحزاب السبعة من إيصال مرشحين لها إلى قبة البرلمان، ولا حتى بالاعتماد على نظام الكوتات التي تحتاج بالعادة لعدد أقل من الأصوات، لاجتياز حاجز الفوز ... بل ويمكن القول، أن تحالفات بعض هذه الأحزاب اتسمت بالاضطراب السياسي، إذ شاركت خصومها السياسيين بعض القوائم، وحجب أصحاب رساميل أصواتهم على مرشحات حزبيات على قوائمهم، فكانت الفجوة هائلة بين الفائز في القائمة والأصوات التي تحصل عليها بقية أعضائها،

وأخطر ما يمكن استشفافه من الأداء الانتخابي لهذه الأحزاب، انها ضيعت على نفسها فرصة ثمينة لخوض غمار حملة انتخابية بشعارات حزبية وبرامج حزبية، فكانت النتيجة أنها لم تنجح في الوصول إلى البرلمان برغم التنازلات الهائلة التي قدمتها لشركائها في القوائم (لمجرد التحالف معهم)، ولم تنتفع من الفرصة الذهبية التي توفرها الانتخابات للترويج للحزب وقياداته وبرامجه ورؤاه ... والأحزاب تخوض الانتخابات عادة للوصول إلى البرلمان، فإن عجزت عن ذلك، تكون قد نجحت في إيصال رسالتها لأوسع قاعدة جماهيرية ... الأحزاب اليسارية والقومية، فشلت في الأمرين معاً.

نتائج الانتخابات جاءت كارثية على هذه الأحزاب جميعها، رغم أنها لم تكن مفاجئة لأحد على الإطلاق ... وأحسب أنه يتعين على قياداتها، ان تشرع في أوسع عملية تقييم وتقويم لأدائها المتواضع للغاية، من دون استبعاد خيار تجديد القيادة المسؤولة عن هذا الفشل، أسوة بما يحصل عادة في الديمقراطيات القارّة والناشئة، علّها بذلك ترسي تقاليد جديدة في العمل السياسي والحزبي، وترتقي إلى مستوى الوصف الذي تطلقه على نفسها: الأحزاب الديمقراطية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة في الفشل الانتخابي الأحزاب اليسارية والقومية نموذجاً تجربة في الفشل الانتخابي الأحزاب اليسارية والقومية نموذجاً



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon