توقيت القاهرة المحلي 20:39:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أربعة سيناريوهات

  مصر اليوم -

أربعة سيناريوهات

بقلم : عريب الرنتاوي

لا يجادل أحدٌ في واقعة خان شيخون الإجرامية، ولم يبق طرفٌ من دون أن يدينها بأقوى العبارات وأشدها ... الخلاف يدور حول «حجم» الجريمة وهوية المتسبب بها ... ومع ازدحام الفضاء وصفحات الصحف والمواقع بطوفان الاتهامات المتبادلة، والروايات المتعددة، تشتد الحاجة للجنة تحقيق مهنية، موضوعية محايدة، تُلزم الأطراف بتقديم التسهيلات لها والانصياع لنتائج أعمالها وتوصياتها، وتقديم المتورطين إلى العدالة الجنائية الدولية ... هذا هو الطريق للخروج من حرب الروايات والاتهامات، وهذه هي الوسيلة لمنع الجاني/الجناة، من الإفلات من العقاب.

في غياب «المصدر الموضوعي المحايد» والمعلومة الصلبة، ثمة أربعة سيناريوهات تدور في الذهن، ومن باب التكهن بما جرى وكيف ولماذا ومن المسؤول:

الأول؛ أن يكون النظام قد فعلها، فقد فعلها من قبل، وقد يفعلها الآن، على الرغم من النفي المتكرر والقاطع للسلطات السورية، ووزير الخارجية وليد المعلم في مؤتمره الصحفي ... والنظام على أية حال، متهم من مروحة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، على الرغم من أنها جميعها، لم تقدم رواية صلبة، مدعمة بالشواهد والأدلة عن مسؤولية النظام عن ثاني أكبر جريمة مروّعة بالسلاح الكيماوي بعد جريمة الغوطة الشرقية عام 2013.

الثاني؛ أن يكون فريق من النظام قد فعلها من دون قرار من رأس النظام، وفي سياق ما يمكن أن يُحكى عن خلافات داخلية، مع أن حديث الخلافات والانقسامات في صفوف النظام، قد خبا مؤخراً، لكن هناك نظرية تقول إن بقاء الأسد والحلقة الضيقة المحيطة به في السلطة، أمرٌ لا يروق لبعض أركان النظام، الذين – ربما –هالهم هذا التغيير في مواقف واشنطن والغرب حيال مصير الأسد ومستقبل النظام، فقرروا توريطه في مجزرة، لن ينجو منها وفقاً لحساباتهم أو تمنياتهم.

الثالث؛ أن تكون المعارضات الإسلامية (الجهادية) التي تمسك بزمام محافظة إدلب، ورعاتها الإقليميون، بالتحديد أجهزة استخبارات عربية وتركية، هي من نصب كميناً للنظام في خان شيخون، ودائماً بهدف قطع الطريق على التحولات التي طرأت على المشهد الدولي بعد تصريحات تيلرسون– كيلي عن الأسد، وبهدف تأليب الرأي العام الدولي ضد النظام، واستدرار مواقف دولية أكثر تشدداً من النظام ورئيسه، واستتباع استدراج تدخلات عسكرية ضده، لطالما انتظرها هذا الفريق واستدعاها من دون كلل أو ملل، وإن من دون جدوى.

والرابع؛ أن يكون الأمر برمته قد جاء بمحض الصدفة، التي هي بالنسبة للمعارضة ورعاتها، خير من ألف ميعاد، كأن يكون النظام قد شنّ واحدة من غاراته اليومية على أهداف للجماعات المسلحة، وصادف أن الموقع المستهدف، يستخدم لتخزين أسلحة دمار شامل، كيماوية، وأن الفرصة قد توفرت لهذا المحور، لإطلاق أوسع حملات التوظيف والاستثمار السياسيين، فهاج وماج، وبقية القصة معروفة.

لا يخطر في بالي أي سيناريو آخر، مع أنني فكرت في تخصيص واحد خامس، للزج بإسرائيل في هذه المسألة، ولكن بعد تقليب المسألة على كثيرٍ من جوانبها، لم أعثر – آسفاً – على ما يكفي من مبررات لاتهام «الكيان» الذي يحلو لبعضنا تحميلة وزر كل شاردة وواردة، بما فيها الأحداث المرورية في بلداننا.

السيناريوهات الأربع المُشار تبدو محتملة، وإن ليس بنفس الوزن والاحتمالية ... فالحرب الطاحنة والضروس في سوريا، لم تترك طرفاً نظيفاً واحداً، وفي «حرب الجميع ضد الجميع»، تلوثت كافة الأيدي بدماء السوريين الأبرياء، وليس لدى أي فريق حصانة أخلاقية أو قيمية، تجعله منزهاّ عن مقارفة أفعال سوداء كتلك التي أدمت بلدة خان شيخون.

قلنا بالأمس، ميدانياً وسياسياً يحتاج النظام لقدر هائل من الحماقة والغباء للقيام بفعلة كهذه، بعد أن دارت الدوائر وعاد المجتمع الدولي لتقبله وإبداء الاستعداد لمد اليد له ... لكن من قال أن النظام يلجأ دائماً لقوة المنطق، ولا يفضل عليها منطق القوة ... ونظرية «التآمر» على النظام من داخله، ليست لدي ما يعززها أو يعلي من شأنها، وفي مطلق الأحوال، فإن اندرجت الجريمة النكراء في سياق هذين السيناريوهين، استحق النظام لقب «عدو نفسه».

وقلنا بالأمس أيضاً، أن المعارضات المسلحة، بالذات من الطراز الإسلاموي،» الجهادي» على وجه الخصوص، لديها سوابق في استخدام هذا السلاح وفي القتل والتهجير والسبي والتشريد ... ولدى مشغليها ورعاتها، سوابق أكبر في الفبركة والتزوير والتدليس، ولديهم أذرع استخبارية وإعلامية طويلة، ويفتقرون لأي وازع من ضمير أو أخلاق يردعهم عن مقارفة أبشع الجرائم، طالما أنها قد تهدف أهدافهم السياسية.

لا مخرج من هذا التراشق ولا حلول لهذه الأحجية إلا بالاحتكام للتحقيق الدولي الدقيق، الموضوعي والمهني والمحايد ... أما الذين أعمت بصائرهم حروب الأيديولوجيات والمذاهب والانحيازات العمياء التي لا ترى من على يمينها أو شمالها، فقد أراحوا عقولهم وضمائرهم، الميتة أصلاً، إن باتهام النظام وتبرئة المعارضة، أو بالعكس، «هؤلاء من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد».

المصدر : صحيفة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أربعة سيناريوهات أربعة سيناريوهات



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon