توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات «المنطقة الآمنة»

  مصر اليوم -

أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات «المنطقة الآمنة»

بقلم : عريب الرنتاوي

ثمة جملة من المؤشرات التي “تتلبد” في أفق الجبهة الجنوبية وتدعو للاعتقاد بأنها ستنتقل من مرحلة المناوشات المتنقلة إلى مرحلة المواجهات الكبرى، وربما الحسم مع التنظيمات الإرهابية، بكل مسمياتها، داعش والنصرة وبينهما جيش خالد بن الوليد المبايع للخليفة البغدادي ... الأنباء من معبر “التنف” الحدودي بين سوريا والعراق، ليست سوى أول القطر الذي سرعان ما سينهمر.

إقليمياً، يحتل الأردن موقع اللاعب الرئيس على هذه الجبهة، أقله من درعا حتى الحدود العراقية، وعلى هذه البقعة، تنتشر فصائل مسلحة محسوبة على الأردن، وله على بعضها “دالّة” مكنته من إقناعها بالمشاركة في مساري استانا وجنيف ... لكن كلما اتجهنا غرباً، يزداد تأثير لاعب إقليمي آخر، إسرائيل، التي تحظى بدورها بعلاقات عمل وتشغيل مع فصائل مسلحة أخرى، ومن بينها جبهة النصرة، التي ترى فيها تل أبيب، عدواً لعدوها الألد: حزب الله، وتتعامل معها وفقاً لنظرية “الأعدقاء” لخيري منصور، و”الأعدقاء” منزلة بين منزلتي العداء والصداقة.

وغير بعيد عن هذه المنطقة، تحتفظ طهران بوحدات من الحرس الثوري وحزب الله، قدر الملك عبد الله الثاني في مقابلته مع الواشنطن بوست، أنها ترابط على مبعدة 70 كيلومتراً من الحدود، وقال إنها تثير قلق الأردن وإسرائيل، وأن تفاهمات مع الجانب الروسي قد تم التوصل بهدف احتواء الموقف ومنع الانزلاق إلى خيارات غير مرغوبة، فهل هذه التفاهمات ما زالت سارية في ظل احتدام لغة المواجهة بين موسكو وواشنطن، وانقلاب قواعد اللعبة في سوريا؟

أكثر ما يقلق الأردن، أن مرحلة ما بعد الموصل – تلعفر عراقياً، وما بعد الرقة – دير الزور سورياً، سوف تحمل داعش على الانزياح جنوباً، فتصبح البادية السورية – العراقية – الأردنية، وصولاً للبادية السعودية، مسرحاً لفلول داعش، تتجمع في وديانه وشعابه وكهوفه، وتتخذ منها منطلقاً لاستهداف الدول المذكورة ... وربما تكون لدى التنظيم الإرهابي، أفكار وأحلام، تتعلق باختراق الحدود الأردنية، سيما بعد موجة التهديدات الداعشية الأخيرة الموجهة للأردن، ومع تفاقم حالة اليأس التي تحيط بالتنظيم، بعد خسارته معظم الأرض التي كان يقف عليها.

ولا شك أن زيارة الملك لواشنطن، ولقاءاته مع دونالد ترامب، وبالأخص مع وزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس (الكلب المسعور)، ومن قبلها لقاءاته في عمان مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، قد بحثت في سيناريوهات “المسألة الجنوبية”، فالدولتان الحليفتان للأردن، تُعَدّانا إلى جانب موسكو، من أهم اللاعبين الدوليين على الجبهة الجنوبية، وربما يصح القول إن بريطانيا التي لا تحتفظ بأي دور مهم في ميدانيات الأزمة السورية، تحتفظ بدور أكثر أهمية على هذا المحور/الجبهة.
وبعد جريمة خان شيخون والضربة الصاروخية الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية، زاد الاهتمام بفكرة المناطق الآمنة، واشتد الميل لترجمة هذا المشروع بطرق جبرية إن اقتضى الأمر، بعد أن كدنا نقترب قبل الجريمة والضربة، من فكرة “المناطق الآمنة التوافقية” والوساطة الروسية في رعايتها وترجمتها، وما قد تحتمله من فكرة المصالحات الوطنية، وتنسيق عمل عسكري بين المعارضات المسلحة والجيش السوري في مواجهة داعش، وإن من خندقين مختلفين، وليس من الخندق ذاته بالضرورة... اليوم، في مناخات التصعيد الدولي، تعود المناطق الامنة لتكتسب بعداً صدامياً، وليس توافقياً بأي حال من الأحوال، أقله في المدى المرئي والمنظور، فكل شيء في سوريا أو حولها، يتغير ويتبدل بين عشية وضحاها.

قد تنجح عملية منسقة في إطار التحالف الدولي، في تحقيق اختراق على الجبهة الجنوبية، وقد يجري دفع داعش للوراء أو حتى انهاء وجودها من البادية الشرقية، وربما تتطور العمليات في حوض اليرموك بما يمكن من القضاء على جيش خالد بن الوليد وجبهة النصرة ... لكن ذلك لا يمنع فيضاً من الأسئلة والتساؤلات من التدفق، وهي من النوع الذي يتعين التفكير به ملياً، وتبدأ بسؤال: ماذا عن الدور الروسي واحتمالات الصدام مع موسكو وحلفائها؟ ... ومن يملأ فراغ داعش والجماعات الإرهابية في هذه المناطق؟ مروراً بأسئلة من نوع، من سيحمي هذه المناطق، وكيف وبأي قوات، وما حدود تدخل الأردن العسكرية، هل يقتصر الأمر على الإسناد المدفعي والجوي والعمليات الخاصة، أم أنه سيجد نفسه مرغماً على التورط في الرمال السورية؟ ... وماذا إن دخلت هذه المنطقة، والقوى المولجة حفظ الأمن فيها، في معارك استنزاف مع الجيش السوري وحلفائه، هل يمكن أن نتخيل سيناريو اشتباك بين الجيشين الأردني والسوري، ولو بحدود تكتيكية ضيقة؟ ... ماذا إن أطلقت الجماعات المحسوبة على النظام، ومن بينها حزب الله، معارك استنزاف على طريقة حرب العصابات، ضد القوى المسيطرة على هذه المنطقة؟
ثم، تتدحرج الأسئلة وتتناسل، وماذا عن الحدود الأردنية المغلقة مع سوريا، والتي كان الأردن يأمل بفتحها في غضون أشهر، وربما مع مقدم الصيف المقبل أو في مختتمه، هل هناك أمل في فتح هذه الحدود إن ذهبت التطورات في هذا الاتجاه؟ ... وهل يمكن الاكتفاء بفتح الحدود مع “المنطقة الآمنة” التي كانت اسمها قبل الجريمة والضربة “مناطق مستقرة مؤقتة”، وهل يتوقعن أحد أن يقبل النظام من جهته بفتح حدوده مع هذه المنطقة التي لا وجود له فيها على الإطلاق؟ ... وما القيمة الاقتصادية والتجارية لحدود مفتوحة مع شريط حدودي ضيق، بل وما قيمة هذا الشريط بالنسبة للأزمة اللاجئين التي تعد واحدة من الأولويات الضاغطة على الأردن، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً؟

ولا يتوقف طوفان الأسئلة عند هذا الحد، إذ يقفز إلى الأذهان سؤال عن صلة المنطقة الآمنة التي يتطلع لها الأردن بالمنطقة الآمنة التي تخطط لها إسرائيل، وقد بحثتها في مرات عديدة سابقة، ولم تأخذ بشأنها قراراً نهائياً بعد ... هل سنكون أمام منطقة واحدة أم أمام منطقتين منفصلتين، وكيف يمكن الفصل بينهما إن كانت القوى المحلية التي ستتولى إدارتها وحفظ أمنها هي ذاتها تقريباً، أو ربما من القماشة نفسها، وأيّ تداعيات قد تترتب على أمن الأردن واستقراره، إن جرى التفكير بمنطقة واحدة، أو فتحت المنطقتان إحداهما على الأخرى؟

الصورة تبدو شديدة التعقيد، حتى بفرض أن كل هذه الخيارات ستتحقق بأقل قدر من الخسائر الأردنية، ماذا إذا اتسع نطاق المواجهة ليصبح شمال الأردن، أو بعضه على الأقل، ساحة من ساحات القتال والمواجهة، تماماً مثلما هي الحال على جبهة الحدود اليمنية – السعودية؟

في ضوء هذه المعطيات جميعها، لا بد من العودة للتفكير بالخيارات السياسية، ومن ضمنها إدماج روسيا في أي مسعى على الجبهة الجنوبية، وعندما نقول روسيا، فإننا نقصد المحور بأكمله، عبر البوابة الروسية، تماماً مثلما كانت عليه الحال والتوجه قبل الجريمة والضربة، وبخلاف ذلك، لا يمكن التأكد من عواقب وتداعيات أي سيناريو من السيناريوهات، على الأردن على نحو خاص، الذي يقترب للمرة الأولى منذ ست سنوات إلى هذا الحد، من ساحة الاشتباك والمعارك، بالمعنى الحرفي للكلمة، وليس بالمعنى المجازي فحسب.

المصدر : صحيفة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات «المنطقة الآمنة» أسئلة الجبهة الجنوبية وتساؤلات «المنطقة الآمنة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon