توقيت القاهرة المحلي 23:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين تقترب لحظة تبديد "الالتباس" في العلاقة بين دمشق والأكراد

  مصر اليوم -

حين تقترب لحظة تبديد الالتباس في العلاقة بين دمشق والأكراد

بقلم : عريب الرنتاوي

ما أن أعلنت واشنطن وقوات "قسد" عن استعادة الرقة من قبضة داعش، حتى بادرت دمشق، إلى إعلانها مدينة "محتلة"، طالما أن الجيش والقوى الأمنية السورية لم تدخلها بعد ... وقد ردد علي أكبر ولايتي صدى هذا التصريح، وبصورة أكثر عزماً ووضوحاً، عندما قال بأن الجيش السوري وحلفائه، سيتوجهون إلى الرقة لتحريرها.

أمس، كان الرئيس السوري بشار الأسد، يجدد التزام بلاده بمحاربة "التقسيميين" بعد أن فرغت أو تكاد، من محاربة "التكفيريين" ... وهو الموقف الذي ردت عليها قوات "قسد" بتأكيد استعدادها لمحاربة الجيش السوري إن اقترب من مناطق سيطرتها في دير الزور... التصريحات السورية والكردية، تزامنت مع تقدم أحرزته قوات الطرفين على الأرض، على حساب "داعش". يبدو أن مرحلة "ما بعد داعش" في سوريا، محملة بالتحديات، شأنها في ذلك شأن مرحلة "ما بعد داعش" في العراق.

ووفقاً لمصادر متعددة وتقارير إخبارية متطابقة، يبدو أن الوضع في الجزيرة ووادي الفرات ومناطق شمال شرق سوريا، يقترب من لحظة تبديد "الالتباس" الذي خيّم على العلاقة بين الأكراد والنظام طيلة سنيّ الأزمة السبع العجاف ... فقد ظلت هذه العلاقات تتفاعل في المنطقة "الرمادية"، ويبدو أن كل تقدم يُسجل على طريق الخلاص من داعش، يقرّب لحظة الحسم و"تظهير" المواقف.

وكما هو معروف، فإن العلاقة بين دمشق والأكراد، وقعت دائماً في مربع الالتباس... المعارضة السورية، طالما اتهمت الأكراد بالتواطئ مع النظام والتنسيق معه، وأحياناً، العمالة له، عن قناعة بذلك أو مجاراة لموقف "الراعي" التركي شديد العداء للحركة الكردية ... أما النظام وإن نظر بقدر من "الريبة" لسلوك الحركة الكردية وتحالفاتها ونواياها، إلا أنه لم يصدّرها على رأس أولوياته ومقدمة حساباته، فقد كان معنياً بإحكام السيطرة على "سوريا المفيدة"، ومن ثم، مطاردة داعش في البوادي الشرقية، والآن يقترب من لحظة تحديد الموقف من هؤلاء.

الكرد في المقابل، مارسوا "لعبة مزدوجة"، ميدانياً سعوا في تثبيت مواطئ أقدام لهم، وحققوا نجاحاً مكّنهم من تخطي "مواطئ الأقدام" إلى الانتشار على أكثر من ثلث مساحة سوريا .... أما سياسياً، فقد مارسوا لعبة ابتزاز النظام والمعارضة، يحصلون على "عرضٍ" من هذا الفريق، فيفاوضون الفريق الآخر للحصول على عرض أفضل، إلى أن كانت لهم "روج آفاما" بوصفها إدارة مدنية شبه مستقلة، تعيد انتاج سيرة إقليم كردستان العراق بصورة أو بأخرى.

مثل هذا الوضع لن يدوم طويلاً، فالأكراد السوريين، أكثر من كرد العراق، يثيرون غضباً أكبر وقلقاً أعمق لدى تركيا، وإيران لن تكون في يوم من الأيام إلى جانبهم، خشية من أكراد بلادها أولاً، وتضامناً مع حليفها الدمشقي ثانياً ... أما سورياً، فقد رسم وليد المعلم، سقوف المفاوضات والتسويات مع أكراد بلاده: حكم ذاتي في إطار السيادة السورية، ومن ضمن سوريا واحدة موحدة، وهو أمرٌ لا يعجب الأكراد تماماً، وهو يمارسون اليوم استقلالاً فعلياً، مثلما مارسه أشقاؤهم العراقيون من قبل.

درس كرد العراق لا شك طازجاً وماثلاً في عقول وأمام أنظار أكراد سوريا، وهم باتوا اليوم على بينة أكبر من المآلات الصعبة التي يمكن أن تفضي إليها سياسة الاستعجال و"اختطاف الاستقلال" في لحظة ضعف المركز أو انشغاله ... وأكراد سوريا، يعرفون أن المناطق التي تمددوا عليها، ليست من النوع "المتنازع عليه" أبداً، فهي مناطق عربية، ولم يعرف التاريخ أنها كانت موطناً للأمة الكردية ... واكراد سوريا ليس ككرد العراق، فنسبتهم أقل من مجموع السكان، وتواصلهم الجغرافي والديموغرافي ليس قائماً، وجزء مهم منهم، ليسوا أصلاً من أكراد سوريا، بل لاجئين من تركيا والعراق، لذا عليهم أن يكونوا أكثر تواضعاً في مطالبهم، إن هم أرادوا الحصول على نوع من الحكم الذاتي، حتى لا يخسروا "الجمل بما حمل" كما حصل لأشقائهم العراقيين، بعد مغامرة مسعود البرزاني وكنتيجة لها.

ثم أن أكراد سوريا، أو قوتهم الضاربة، بخلاف أشقائهم العراقيين، تدين بالولاء لـ"سجين أميرلي" عبد الله أوجلان، والمصنف وحزبه "بي كا كه" تنظيماً إرهابياً، حتى في بعض العواصم الغربية ... وإن كانت بعض دول الغرب قادرة على تسويق وتسويغ تحالفها معهم اليوم، فهيهات أن تقدر على ذلك مستقبلاً، وثمة ما يشي بأن علاقة واشنطن بهم، لا تتخطى سقوف "زواج المتعة" المحددة شروطه بعقد قصير الأجل، ولخدمة غرض محدد.

لن تسمح سوريا وحلفاؤها للأكراد بالاستقرار على ثلث خريطة سوريا الجغرافية ... والأرجح أن دمشق، ستجد في هذا المنحى، دعماً قوياً من أكبر قوتين إقليميتين: تركيا وإيران، إن لم يكن بشكل مباشر كما في الحالة التركية، فبشكل غير مباشر ... ومن مصلحة سوريا والسوريين، عرباً وكرداً، أن يهرعوا إلى موائد المفاوضات في سوتشي ودمشق والقامشلي والرقة، بدل أن يذهبوا إلى الخنادق وصناديق السلاح.

موسكو تنبهت لهذا السيناريو مبكراً، وسعت في تحويل "حميميم" مكاناً للتلاقي بين دمشق والأكراد، وهي وجهت الدعوة لكل القوى الكردية للمشاركة في "سوتشي 1"، وعلى الأكراد أن يستجيبوا للدعوة، والأهم أن يذهبوا إلى هناك، بعقل بارد، وبقدر عالٍ من المرونة والاستعداد لتقبل عروض واقعية، بدل الانجراف وراء وعود زائفة من بعض عواصم الغرب والعرب، ثبت بالملوس، أنهم أول من يخرقها ويتخلى عن الموعودين بها.
 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تقترب لحظة تبديد الالتباس في العلاقة بين دمشق والأكراد حين تقترب لحظة تبديد الالتباس في العلاقة بين دمشق والأكراد



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon