توقيت القاهرة المحلي 15:04:25 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زحمة مبادرات المصالحة

  مصر اليوم -

زحمة مبادرات المصالحة

بقلم عريب الرنتاوي

في تطور بدا أنه نوع من “الهجوم المضاد”، تتحدث المصادر الفلسطينية عن مبادرة قطرية جديدة تستأنف جهود المصالحة بين حركتي فتح وحماس ... المصادر تربط بين هذه المبادرة من جهة، ومبادرة “الرباعية العربية” التي هدفت إلى إنجاز المصالحة الداخلية في فتح، بين الرئيس محمود عباس والعقيد المفصول محمد الدحلان من جهة ثانية.

الربط بين المبادرتين يبدو منطقياً تماماً، سيما إذا أدخلنا بنظر الاعتبار، مواقف الرباعية العربية المناهضة لجماعة الإخوان المسلمين عموماً، وفرعها الفلسطيني لا على وجه الخصوص ... ولقد قلنا في معرض التعليق على مبادرة الرباعية في حينه، أنها تتحوط لسيناريو انهيار السلطة وتستبق نجاح حماس في فرض هيمنتها على الضفة الغربية، عبر صناديق الاقتراع، مثلما حصل بنتيجة انتخابات 2006 التشريعية الفلسطينية.

ولأن قطر، ومن خلفها تركيا، هما الراعيان الأساسيان لحركات الإسلام السياسي “الطبعة الإخوانية بخاصة”، فإن من الطبيعي أن “تنتفض” الدولتان الحليفتان، في مسعى مشترك، لإدراك ما يمكن تداركه، وقطع الطريق على المسعى الرباعي الهادف تطويق حليفتهما الفلسطينية: حركة حماس.

ويمكن أن نضيف بعداً آخر إلى هذا المسعى المتجدد، والمتصل بالصراع الإقليمي (العربي أساساً) على ترتيب “مرحلة ما بعد عباس”، حيث تسعى أطراف عربية وإقليمية، لضمان أن تأتي الترتيبات القيادية الفلسطينية الجديدة، مواتية لمصالحها وسياساتها في عموم الإقليم، ومنسجمة مع خريطة تحالفاتها وأولوياتها التي لم تعد خافية على أحد.

ليس حباً بفتح وعباس، ولا حرصاً على وحدة شعب فلسطين الوطنية ... دوافع هذه المبادرات والتحركات تندرج في سياق حروب المحاور والمذاهب والمعسكرات المتقابلة، فيما المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا تكمن في مكان آخر ... ومن دون أن تتنبه قيادات الشعب الفلسطيني من مختلف فصائله إلى أهمية ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وتحصينه في مواجهة الاختراقات ومختلف أشكال التدخل الضارة في الشؤون الفلسطينية الداخلية، فإن من المرجح أن تتحول الساحة الفلسطينية بدورها، إلى ساحة تصفية حسابات بين هذه المحاور، وأن تضيع “قضية العرب المركزية الأولى” بين أرجل اللاعبين المتحاربين في هذه المنطقة.

مرحلياً، نجحت القيادة الفلسطينية في “صدّ” كرة الرباعية العربية، وأغلقت الباب في وجه اختراق “نوعي” كان يمكن أن يعيد تشكيل صورة المشهد الفلسطيني الداخلي، لصالح مشاريع ومخططات، لا صلة لشعب فلسطين بها، ولا مصلحة له في الترويج لها أو الانخراط فيها ...بيد أننا لا نعرف ما إذا كانت هذه القيادة ستقوى على صد المزيد من هذه الهجمات، سيما وأن المنخرطين فيها، هي أطراف فاعلة ومؤثرة للغاية على ساحة الإقليم، ولديها القدرة على التأثير في الداخل الفلسطيني بشكل لا يمكن إنكاره.

اليوم، سنختبر قدرة هذه القيادة، ومعها قيادة حماس، على فصل ملف المصالحة الوطنية عن ملفات الصراع الإقليمي المحتدم في المنطقة، و إن أمل أن تتمكن من فعل ذلك، وأن تسعى قدر جهدها للابتعاد عن الانخراط في أي من المحاور المصطرعة، أو إعطاء الانطباع بذلك، أقله، حتى تستكمل عجلة المصالحات الإقليمية دورتها، فنشهد تقارباً تركياً مصريا، واستتباعاً مصرياً قطرياً، ونرى بداية “حلحلة” في العلاقات شديدة التوتر بين الرياض وطهران، وثمة من المؤشرات، ما يدفع على الاعتقاد بأن مصالحات من هذا النوع، لم تعد مستحيلة، في إقليم منهك، وبين أطراف إقليمية أنهكتها الحروب والصراعات المتنقلة، التي لا غالب فيها ولا مغلوب.
وفي مطلق الأحوال، فإن الفلسطينيين ليسوا بحاجة لوساطات ولا وسطاء، من أجل استئناف الحوار أو إتمام المصالحة واستعادة الوحدة، لديهم قنوات تواصل مباشرة، ولديهم مبادرات “صنعت في فلسطين”، ومن داخل الخط الأخضر، وجل ما ينقصهم هو الإرادة السياسية للتصالح والتوحد، وهي إرادة لا يمكن تخليقها في القاهرة والرياض ولا في الدوحة أو إسطنبول، بل في رام الله وغزة، إن كانت فلسطين ما زالت “قضية مركزية أولى” لفصائل العمل الوطني والإسلامي الفلسطينية ذاتها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زحمة مبادرات المصالحة زحمة مبادرات المصالحة



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon