توقيت القاهرة المحلي 20:38:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة؟!

  مصر اليوم -

لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة

بقلم : عريب الرنتاوي

قفزت حماس إلى صدارة عناوين الجدل المحتدم بين دول خليجية وعربية، وصار القطع والقطيعة معها، شرطاً يتقدم لائحة المطالب والشروط الواجب على قطر الأخذ بها من دون قيد أو شرط، إن هي أرادت تفكيك أطواق العزلة المضروبة حولها، واستعادة علاقاتها الطبيعية مع جاراتها الخليجيات ... من بين عشرة شروط قيل إن الوسيط الكويتي تبلغها من الرياض، هناك شرطان يخصان حماس (طرد قادتها وتجميد أرصدتها)، تقدما على المطلب/ الشرط الأخير، الذي جاء بصياغة عامة وفضفاضة وينص على التزام قطر بالتوقف عن دعم التنظيمات الإرهابية.

حتى الآن، لم يصدر رسمياً عن الوسيط أو الأطراف المتورطة في الأزمة الخليجية الداهمة، ما يؤكد أو ينفي صحة "الشروط العشرة" التي تداولتها مصادر إعلامية مقربة من الرياض وأبو ظبي والقاهرة على حد سواء، لكن ما يجعلنا نميل لتصديقها، أن معظم هذه الشروط، إن لم نقل جميعها، سبق وأن وردت في التصريحات الرسمية لقادة سعوديين وإماراتيين، وفي وسائل إعلام البلدين، خصوصاً البنود المتصلة بضرورة طرد قادة حماس والتوقف عن دعمها.

والغريب أن من بين الدول الأربع التي أعلنت القطع والقطيعة مع قطر، ليست هناك دولة واحدة تُدرج حماس رسمياً في عداد قوائمها السوداء للمنظمات الإرهابية ... مصر استقبلت في اليوم ذاته، وفداً رفيعاً من حماس برئاسة يحيى السنوار، قائد حماس (الصقري) الجديد في قطاع غزة، والسعودية هي من استقبلت خالد مشعل في حوارات مكة، وقبلها وبعدها، وهي وإن كانت لا تخفي انزعاجها من الحركة، إلا أنها لا تعتبرها إرهابية، وكذا الحال بالنسبة للإمارات، التي يجاهر رجلها القوي في فلسطين محمد دحلان، بصلاته الحمساوية، وتنسيقه مع الحركة في بعض المجالات، في القطاع وخارجه.

من أين هبط هذا المطلب إلى لائحة الشروط المطلوب من قطر الوفاء بها، ولخدمة من على وجه التحديد؟ ... وما الذي يضير بعض العواصم العربية من وجود قادة لحماس في الدوحة، سيما وان هؤلاء يبدون حماسة لافتة في استئناف علاقاتهم مع هذه العواصم، خصوصاً الرياض، ولا يتركون مناسبة من دون أن يشيدوا فيها بدعم المملكة لفلسطين، حتى وهم يردون على تصريحات الوزير عادل الجبير المطالبة بطردهم من الدوحة، كانوا أشد حرصاً على الإشادة بالمملكة والتذكير بدورها المساند لفلسطين والفلسطينيين.

قد يقول قائل، أن هذا الموقف إنما يمثل انتصاراً للسلطة وفتح والمنظمة والرئيس عباس، باعتبارهم يمثلون معسكر الاعتدال الفلسطيني، في مقابل حماس التي تمثل معسكر التطرف والتشدد وفقاً للتصنيفات الرائجة في الخطاب السياسي والإعلامي العربي ... لكن ما يدحض هذا القول، أن ثلاثاً من الدول الأربع التي أطلقت حرب التطويق والعزل ضد قطر، سبق وأن خاضت معركة مع "الاعتدال الفلسطيني"، قبل المؤتمر السابع لحركة فتح، وبهدف فرض قيادة "أكثر اعتدالاً" على الشعب الفلسطيني، كما وسبق لها أن سعت إلى وضع المواقف في فم القيادة الفلسطينية عشية قمة البحر الميت العربية، زاعمة بأن الرئيس عباس سيتقدم بمبادرة جديدة، تعيد صياغة مبادرة السلام العربية، وتهبط بسقوفها، وهو أمرٌ نفته السلطة بكل قوة، وأظهرت وقائع القمة أنها كانت مناورة لإحراج القيادة الفلسطينية، واستخدامها لتمرير مواقف وتنازلات بدأت تتضح معالمها بعد القمة وقبل أن يجف حبر البيان الختامي الذي صدر عنها.

وقد يقول قائل آخر، بأن حماس تدفع ثمن علاقتها "العضوية" بجماعة الإخوان المسلمين ... حسناً، لا جديد في الأمر، ولكن على الدوام، ميّز العرب بين حماس والجماعة، وآثروا التعامل مع الحركة بوصفها جزءا من الحركة الوطنية الفلسطينية، وقد جاءت الوثيقة الأخيرة لحماس، لتؤكد على هذا المنحى، ولتشدد على كون الحركة جزءاً من حركة التحرر الوطني الفلسطينية، وتقبل بحل الدولتين إن تطلب الأمر، ولا تمانع في تهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل... وبدل تشجيع الحركة على الاعتدال، يجري توصيفها بالإرهاب ... بدل التقاط اللحظة لإبعاد الحركة عن إيران ومحورها، والبناء على وثيقتها الجديدة، تجري شيطنتها رسمياً، كما لم يحدث من قبل، حتى وهي تتبنى ميثاق 1988 المرعب في مفرداته ومرجعياته، وحتى وهي تطيح بعملية السلام بعملياتها الانتحارية في أواسط تسعينات القرن الفائت ... يجري العمل على دفع الحركة دفعاً للحضن الإيراني، حتى وهي تتردد في الاقتراب من هذا المحور والعودة لأحضانه بعد أزيد من خمس سنوات من القطيعة شبه الكاملة مع أركانه.

والحقيقة أنه لا يمكن تفسير الموقف المفاجئ والتصعيدي من الحركة الإسلامية الفلسطينية، بمعزل عن خطاب دونالد ترامب في القمة العربية – الأمريكية الذي أدرج فيه حماس إلى جانب داعش والنصرة وحزب الله في قائمة الإرهاب، وفي ظل صمت وتأييد واسعين من قبل أطراف عربية وإسلامية مشاركة، وإذا كان مفهوماً إن ترامب يسعى في خدمة الأجندة الإسرائيلية في هذا الصدد، فأية أجندة تخدمها بعض الحكومات العربية، عندما تتماهى مع الموقف الأمريكي من حركة حماس؟

وأخشى ما يخشاه المراقب لانعكاسات الأزمة الخليجية على المشهد الفلسطيني، أن يقابل هذا الموقف العدائي الشديد من حماس بترحيب وارتياح من قبل فتح أو رام الله، دون الأخذ بحكمة الثور الأبيض الذي أكل يوم أكل الثور الأسود، فـ "اليوم حماس وغداً عباس" ... عباس الذي كان بالأمس القريب، ولا يزال، هدفاً لسباق محموم بين المحاور الإقليمية المتنازعة على الورقة الفلسطينية، سيظل في دائرة الاستهداف، خصوصاً إن هو استمسك بحلم الدولة المستقلة على حدود 67، فالتسويات الكبرى التي يجري إعدادها في الأروقة، وبمشاركة نشطة من بعض العواصم العربية، هبطت بسقف المبادرة العربية للسلام، وهي سائرة في طريق التطبيع مع إسرائيل، بلا ثمن، وإن كان ثمة من أثمان يتعين دفعها لتنشيط الحضور الأمريكي في التحالف الشرق الأوسطي الجديد، أو حتى لجذب إسرائيل إليه، فغالباً ما سيدفع من "الكيس" الفلسطيني، وطالما أن إيران هي العدو الأول والأخير، ستصبح إسرائيل حليفاً محتملاً إن لم نقل مرجحاً.... في هذا السياق، وفي هذا السياق وحده، يمكن فهم هذا الزج المفاجئ بحماس في ملف الصراعات البينية العربية والخليجية المحتدمة حالياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة لماذا الزج بحماس في الأزمة الخليجية الراهنة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 09:31 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج العقرب

GMT 09:56 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon