توقيت القاهرة المحلي 20:47:38 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين تمتلئ الأسطح العربية بحبال الغسيل!

  مصر اليوم -

حين تمتلئ الأسطح العربية بحبال الغسيل

بقلم : عريب الرنتاوي

وفرت الأزمة الخليجية الراهنة فرصة نادرة للباحثين والمهتمين للتعرف على تكوينات الحكم واتجاهاته وآليات انتقاله في عدد من الدول المنخرطة بحماس في هذه الأزمة، مثلما وفرت أرشيفاً هاماً من المواقف التي ظلت حبيسة الأدراج و"الخزائن المقفلة" لسنوات طوال، وطاولت معظم أزمات المنطقة وأكثرها حساسية، وبصورة بتنا معها أكثر دراية بحقائق المواقف والسياسات التي تنتهجها دول عدة، بعيداً عن المزايدات والمناقصات الإعلامية والخطب الحماسية في أروقة القمة واجتماعات وزراء الخارجية العرب.

في الحرب الإعلامية المحتدمة اليوم بين مراكز وأطراف عربية وازنة، لعبت أدواراً متفاوتة في تشكيل وصياغة أزمات المنطقة، لا خطوط حمراء، وكل الأسلحة "بيضاء" و"مشروعة"، ولقد وجدنا من يتطوع – مشكوراً - للتنقيب في أراشيف "ويكيليكس"، لاستخراج ما احتوت عليه من بيانات (طلقات) يمكن تذخير حملات التراشق الإعلامي بها، ما أعفانا وغيرنا من تكبد مشقة البحث المضني في عشرات ألوف الوثائق والبرقيات... إنه موسم "نشر الغسيل" على الحبال "المنصوبة" فوق أسطح المنازل العربية.

 رأينا على سبيل المثال، وبالوثائق الدامغة، كيف تتنافس هذه الدول في "خطب ود السيد الأمريكي"، وتعرفنا على نظام "الأتاوات" التي تتبعه واشنطن في تعاملاتها مع الدول العربية الثرية، والأهم تابعنا كيف تسعى كل دولة لتخريب علاقات شقيقاتها الأخريات بالقوة الأعظم، والبرهنة لموفدي واشنطن ورسلها وسفرائها، أنها هي وحدها، دون سواها، الأجدر بالاعتماد كحليف موثوق، أولى بالرعاية.

ورأينا في السياق ذاته، ومن خلال إقدام كل فريق اتهام الفريق بالاستجداء والتخاذل أمام إسرائيل، كيف نجحت تل أبيب في تسجيل اختراقات كبرى في مواقف وسياسات بعض هذه الدول، وكيف سعت أنظمة وقيادات - الشابة منها بالأخص - لتقديم أوراق اعتمادها لواشنطن، عبر البوابة الإسرائيلية، فإذا كانت معدة الرجل هي طريق المرأة الأقصر للوصول إلى عقله، كما يقول المثل الشعبي الهابط، فإن الطريق الأقصر لواشنطن، يمر بالضرورة بقاعات الترانزيت بمطار بن غوريون، وتتطلب أحياناً الخروج من هذه القاعة لقضاء ردح من الوقت في الفضاء الإسرائيلي.

والأخطر أننا بتنا نعرف، بالملموس، وليس بالتقدير والتحليل، كيف تندمج مسألة تطوير العلاقة مع إسرائيل واسترضائها بآليات انتقال الحكم في عدد من الدول من العربية، ولماذا يتطلع المتهافتون على الحكم، لتقديم الأفكار والمبادرات - المتهافتة بالطبع - لحل القضية الفلسطينية والتدخل في شؤون الشعب الفلسطيني الداخلية، ودائماً في سياق السعي للاستظلال بـ "الشرعية الأمريكية" التي استدل كثيرون، بمن فيهم حكام جمهوريون وإسلامويون، بأن طريقها الأقصر يمر بإسرائيل.

ونعرف الآن الكثير من خبايا المواقف "المكارثية" حيال حركات المعارضة والربيع العربي و"الانتخابات" و"الانتقال الديمقراطي"، بما فيها المساعي المحمومة لشيطنة الإخوان المسلمين، أو أي حركة أخرى لها امتداد جماهيري، وكيف يتطوع البعض من قادة العرب، لمطاردة الحركات الشعبية وقيادة "الثورات المضادة" في العالم العربي... والمسألة باختصار، وكما تقرأ من على أسطح المنازل المغطاة بحبال الغسيل، مسألة الوصول إلى السلطة والبقاء فيها ... المعضلة تكمن في الثالوث غير المقدس، الذي حكم أداء الحكم العربي في السنوات الأربعين الفائتة: التمديد والتجديد والتوريث.

أما المواقف من قضايا التطرف والإرهاب، فقد حظيت بالمساحة الأكبر من الغسيل المنشور تحت أشعة صيفنا القائظ ... لا أحد بريء من دماء الضحايا، الكل متورط في هذا الوقت أو ذاك، في هذه المنطقة أو تلك ... من لم يدعم جماعات الإخوان، دعم السلفيين، ومن قصر في دعم داعش فقد دعم النصرة، ومن "لاذ بحبال الاعتدال" دعم أحرار الشام وجيش الإسلام وفيلق الرحمن وغيرها من الكتائب الجهادية التي لا يفصلها عن داعش والنصرة، سوى مسافة خطوات فقط.

وعلى هامش هذا المسلسل وفي كواليسه، بتنا على بينة من النتائج الكارثية لسياسة "شراء الصوت والصمت" المعتمدة من قبل كثير من الأطراف، والتي تخطت النخب المحلية، من سياسية وإعلامية وثقافية وفكرية، إلى النخب العربية، وطاولت مراكز بحث ومؤسسات إعلام وشخصيات وازنة في الغرب كذلك ... بتنا أكثر معرفة بالأدوار التي يقوم بها "المؤلفة جيوبهم" من إعلاميين وسياسيين وأمنيين ومفكرين عرب ورجال دين، خدمة للتطلعات والأطماع التي لا حدود لها، لسادة المال والسلطان، وبعضهم ارتضى لنفسه أن يكون موظفاً أو حتى "زاماراً" للحي الذي يقيم فيه، بعد أن لفظتهم أحياؤهم الأولى، أو بالأحرى بعد أن ضاقت بجشعهم وطموحاتهم الشخصية الصغيرة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين تمتلئ الأسطح العربية بحبال الغسيل حين تمتلئ الأسطح العربية بحبال الغسيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 09:31 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج العقرب

GMT 09:56 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon