توقيت القاهرة المحلي 15:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إجازة شرعية للتوسـع فـي «القتـل المتبـادل»

  مصر اليوم -

إجازة شرعية للتوسـع فـي «القتـل المتبـادل»

عريب الرنتاوي

يقترح إسماعيل ولد الشيخ أحمد، تعليق المحادثات اليمنية لمدة شهر على الأقل، يعود بعدها الفريقان المتفاوضان، للاجتماع مجدداً في بلد غير الكويت، التي ضاقت ذرعاً بخلافات اليمنيين اللامتناهية ... لا أحد يعرف على وجه الدقة متى ستُستأنف المفاوضات، ولا البلد الذي سيستضيفها ... لكن المؤكد أن الموفد الدولي قد منح اليمنيين إجازة شرعية/ أممية لممارسة هواية القتل المتبادل على مختلف الجبهات وبكل أنواع الأسلحة ... فالحل الذي لم تنضج مكوناته وشروطه في الكويت، بحاجة لمزيد من المعارك والنيران الحارقة، لكي يستوفي هذه الشروط وتتضح معالمه.
شيءٌ مماثل يحصل في سوريا، ستيفان ديمستورا، الذي استيقظ من سباته على وقع الانتقادات الروسية لدوره الضعيف والمتخاذل، يحدد نهاية آب/ أغسطس الجاري، موعداً لاستئناف المفاوضات السورية في جنيف ... لا أحد لديه ملء الثقة بأن هذا الموعد سيُحترم، والمؤكد أن أحداً لا تساوره الشكوك حول فرص التقدم على طريق السياسي في حال التأم شمل المتباحثين ... لكنها إجازة شرعية/ أممية للسوريين وحلفائهم، لمواصلة القتل وتصعيد المعارك وتسخين الجبهات، فتلكم هي الوسيلة الوحيدة لإنضاج “طبخة البحص” السورية.
في اليمن، نحن على هذا الحال من عام ونصف العام تقريباً ... مبادرات وجولات من التباحث، تتبعها وتتخللها وتمهد لها، جولات ميدانية من الحروب الدامية في اليمن وعليه .... أما في سوريا، فالقصة أشد تعقيداً والجرج أكثر غوراً، خصوصاً مع اندلاع معارك حلب الأخيرة، التي لم تشهد الحرب السورية مثيلاً لضراوتها ودمويتها منذ اندلاعها قبل أزيد من خمس سنوات ... الاستعصاء السياسي هنا وهناك، سيفرض على الأطراف، خوض المزيد من المعارك الطاحنة، قبل أن يصبح التوافق أمراً ممكناً.
لا مجال للمقارنة بين المشهدين اليمني والسوري لجهة درجة التشابك ومستويات التعقيد .... الفجوة بين الأطراف حول مستقبل النظام والأسد وحصة كل فريق في “الكعكة السورية” ما زالت واسعة للغاية... النظام لا يرى في الحل السياسي ما يتخطى “التعديل الوزاري”، ومعارضة إسطنبول – الرياض، لا تعترف بحلٍ لا يبدأ برحيل الأسد ... لكن الأهم من كل هذا وذاك، أن القوى التي تُقاتل على الأرض، وتحظى بالكلمة العليا والقول الفصل، ليست معنية بالحل السياسي ولا بالصفقات والتسويات، ولا تكترث بالمرحلة الانتقالية وصلاحيات الرئيس، وليس لأحدٍ في “ائتلاف المعارضة” و”وفد الرياض” دالّة عليها ... “جهادها المقدس” في سوريا مفتوحٌ إلى أن “يحكم المسلمون بالإسلام”، وهي وإن نجحت في إسقاط النظام السوري القائم اليوم، فسيكون لديها غداً، جدول أعمال مزدحم بالحروب والمعارك مع “حلفاء اليوم، خصوم الغد”، تلك هي “السيرة الذاتية” لهذه الحركات منذ أفغانستان وحتى يومنا هذا.
في اليمن القصة أقل تعقيداً، وتحتاج إلى “وسيط نزيه” قادر على مقاومة الضغوط والإغراءات، والثبات على موقف معين أو مبادرة محددة، وتحكيم العقل والمنطق قبل التقدم بمشاريع حلول يعرف القاصي والداني، أنها عصية على القبول والتحقيق، وأنها أقرب إلى “الإذعان” ورفع الرايات البيضاء، وإلا ما معنى أن يطلب من فريق الانسحاب من مناطق نفوذه، وتسليم سلاحه (لا أحد يعرف لمن)، قبل الاتفاق على تشكيل حكومة توافقية أو جهة مرجعية موثوقة من الأطراف جميعها ... كيف يمكن لحل سياسي أن يشق طريقه بلجنة تنسيق عسكرية من دون إطار سياسي ناظم لعمل اللجنة، ومَنْ “المجنون” الذي سيحرق ما بيديه من أوراق قوة، على أمل أن يُجريَ بعد 45 يوماً حوارا حول قواعد الحل السياسي وأسس النظام اليمني الجديد ... لكأن الوسيط بمبادرته تلك، أراد أن يحرج فريقاً لصالح فريق آخر، وربما بدفع منه.
وربما لهذا السبب بالذات انتقلت موسكو في موقفها اليمني من دعم القرار الدولي 2216 بكل عناصره، إلى تعطيل البيان الرئاسي الذي اقترحه ولد الشيخ، لتحميل فريق بعينه وزر فشل محادثات الكويت، وتبرئة فريق آخر، وبصورة تذكر بما فعلته المنظمة الدولية عندما برأت فريق من “تهمة” قتل الأطفال في اليمن، وأعادت صياغة التقرير الأممي بهذا الصدد، خشية انقطاع المساعدات عن المنظمة الدولية، كما اعترف بذلك بان كي مون شخصياً، واصفاً موقفه ذاك بأنه الأصعب في حياته؛ ما يثير علامات شكوك كبرى، حول نزاهة المنظمة الدولية و”استقلالية” وسيطها.
ما تبقى من صيف هذه المنطقة القائظ بفعل عوامل “التغير المناخي”، سيكون حارقاً ولاهباً على اليمنيين والسوريين، ومعارك حلب وتعز ونهم تشي بذلك، والآتي أعظم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إجازة شرعية للتوسـع فـي «القتـل المتبـادل» إجازة شرعية للتوسـع فـي «القتـل المتبـادل»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 21:45 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فجر السعيد تفتح النار على نهى نبيل بعد لقائها مع نوال

GMT 20:43 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

الأمير هاري يتحدث عن وراثة أبنائه جين الشعر الأحمر

GMT 20:11 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

تكريم توم كروز بأعلى وسام مدني من البحرية الأميركية

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

GMT 08:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مبابي يكشف سبب منعه من الاستمرار مع سان جيرمان

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

معوقات تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon