توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجبير في بغداد ... المغزى والسياق

  مصر اليوم -

الجبير في بغداد  المغزى والسياق

بقلم : عريب الرنتاوي

حار المراقبون في تفسير مغزى أول زيارة لوزير خارجية سعودي لبغداد منذ أزيد من ربع قرن، وانقسموا فيما بينهم إلى فريقين اثنين: الأول، ويعتقد أن الزيارة تأتي في سياق التقارب مع إيران التي باتت تحظى بنفوذ “مقرر” في العراق ... والثاني، يرى خلاف ذلك، إذ يدرج الزيارة في سياق محاولة سعودية لعزل إيران وفك “تبعية” العراق له وتخليصه ما أمكن من نفوذها المهيمن.

القراءتان كلتاهما، تنطويان على قدر كبير من “الوجاهة” وتستندان إلى مؤشرات تتفاوت في درجة “صلابتها” مع أنهما شديدتا التعارض ... الأولى، تنطلق من فرضية أن طرفي الانقسام المذهبي ورأسيي المحورين الإقليميين المتصادمين، قد أعياهما التعب والإنهاك، بعد مسلسل “حروب الوكالة” الذي اجتاح المنطقة وتراجع مكانة النفط وعائداته ... والثانية، تنطلق من حالة العداء المستحكم التي ما زالت تباعد البلدين المشاطئين للخليج وتتحكم بسياساتهما الداخلية منها والخارجية.

القراءة الأولى، المتفائلة، ترصد جملة من الظواهر الأخيرة: من بينها رسائل الغزل والاستعداد المتبادل لولوج عتاب “حوار مشروط”، والوساطة الكويتية بين دول الخليج وإيران، والاتفاق بين المملكة والجمهورية على تخفيض انتاج النفط في إطار منظمة الدولة المصدرة أوبك، وحديث الرئيس روحاني عن محاولات قامت بها عشرة دول على الأقل، لجسر الفجوة بين البلدين واحتواء النزاع القائم بينها.

القراءة الثانية، المتشائمة، تستند إلى مؤشرات منها أن السياسة السعودية المناهضة لإيران استمدت زخماً إضافياً بعد مجيء دونالد ترامب وإدارته للحكم في الولايات المتحدة، وبخطاب شديد العداء لطهران، ومنها الحراك التركي صوب الخليج، والذي يستهدف من ضمن ما يستهدف، تقليم أظافر إيران والحد من نفوذها ... ومنها ما يتردد عن حلف إقليمي “ناتو إقليمي” يضم دولاً عربية معتدلة من بينها السعودية، إلى جانب الولايات المتحدة  بهدف مواجهة “أكبر دولة راعية للإرهاب” على حد تعبير المسؤولين الأمريكيين  والسعوديين على حد سواء.

من السابق لأوانه سبر أغوار الزيارة، ومعرف نوايا الزائر أو ردود أفعال المضيف ... فالمنطقة برمتها في “مرحلة انتقال وانتظار” صعبة للغاية ... الأنظار ما زالت شاخصة صوب واشنطن لاستجلاء مواقفها وسياساتها واستراتيجياتها الفعلية في المنطقة، بعيداً عن “طوفان الثرثرة” الذي يجتاح واشنطن، فالسعودية ليست لديها الفكرة الكافية عن الحدود الذي ستصلها سياسات ترامب في الانفتاح عليها، وإيران “القلقة” بلا شك، ليست لديها فكرة مماثلة عن الحدود التي يمكن أن يبلغها الرجل في “حروبه” عليها ... والأهم من كل هذا وذاك، فإن الطرفين، ما زالا ينتظران التعرف على ما يدور في خلد الرجل وأركان إدارته من مشاريع لكل من سوريا والعراق واليمن، وهي ساحات الاشتباك الرئيسة بين القطبين الإقليميين.

لكن في مطلق الأحوال، فإن الحرب متعددة المسارات والأشكال والساحات بين الدولتين، لم تضع أوزارها، ولن تضع أوزارها في المدى المنظور، ومن الصعب تصور “سيناريو ازدهار” في علاقاتهما الثنائية في المدى المرئي والمنظور ... بيد أن أشكالاً من “التهدئة” و”التسويات” تظل مع ذلك، ممكنة هنا أو هناك ... ما حصل على ساحة النفط وأوبك، يمكن أن يعطي دليلاً متواضعاً على “دور المصلحة” في تقريب المسافات المتباعدة ... وربما تتشكل مصالح أخرى بين الجارتين اللدودتين، في مطارح أخرى، من نوع “مواجهة الانقسام المذهبي” الذي هو سيف ذو حدين يتهدد وحدة المجتمعات والتراب الوطني للجميع من دون استثناء، و”التصدي لخطر الإرهاب الذي يتهدد الجميع أيضاً، ومن دون استثناء كذلك، بصرف النظر عن هويته الدينية والمذهبية أو شكل نظام حكمه أو موقعه وموقفه وتحالفاته.

 الأيام وحدها، ستضع زيارة عادل الجبير لبغداد، المفاجئة وغير المسبوقة منذ أجل بعيد، في سياقها الصحيح.

المصدر : صحيفة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجبير في بغداد  المغزى والسياق الجبير في بغداد  المغزى والسياق



GMT 10:53 2024 الأحد ,01 أيلول / سبتمبر

الذهنية الطائفية

GMT 11:14 2024 الأحد ,11 آب / أغسطس

فى انتظار الحرب الإقليمية!

GMT 03:09 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

وتُقَدِّرونَ فتضحك الأَقدارُ... إيران وإسرائيل

GMT 03:07 2024 الإثنين ,15 إبريل / نيسان

حتمية المواجهة الإيرانية ــ الإسرائيلية

GMT 03:43 2024 الثلاثاء ,06 شباط / فبراير

رد أميركي خدم الإيرانيين

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:31 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

التعادل السلبى يحسم مباراة تشيلسي وايفرتون

GMT 04:44 2018 الأربعاء ,19 أيلول / سبتمبر

رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يصل إلى السعودية

GMT 11:41 2018 الثلاثاء ,17 تموز / يوليو

شيرين رضا تكشف سعادتها بنجاح "لدينا أقوال أخرى"

GMT 09:36 2018 الأحد ,01 تموز / يوليو

دراسة تنفي وجود "مهبل طبيعي" لدى النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon