توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ترويكا أميركية أسوأ من الترويكا الإسرائيلية

  مصر اليوم -

ترويكا أميركية أسوأ من الترويكا الإسرائيلية

بقلم : عريب الرنتاوي

تتخطى مهمة الموفد الأمريكي جيسون جرينبلات الإطار “الاستكشافي” الذي أدرجت فيه، الرجل يحمل في جعبته ما توافق عليه رئيسه ورئيس الحكومة الإسرائيلية في واشنطن: إقناع الفلسطينيين باستئناف المفاوضات دون وقف الاستيطان، والتخلي عن فكرة “الآلية الدولية الجديدة” للتفاوض، والعودة إلى مفاوضات ثنائية بـ “مواكبة أمريكية”، وفي إطار إقليمي للحل يهدف إلى استدراج دول عربية للاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها.

نتنياهو، كما تقول المصادر الإسرائيلية، سعى في واشنطن للتحلل من تفاهمات بوش – شارون التي حصرت التوسع الاستيطاني في “الإطار الحضري” للمستوطنات القائمة، فهو يريد توسيع هذه المستوطنات، و”تمديد” مجالها الحيوي، بصورة تأكل معها مساحات إضافة من الضفة الغربية ... فكرة “إبطاء الاستيطان” الذي يروج لها جرينبلات، تندرج في سياق ترجمة تفاهمات ترامب – نتنياهو الجديدة.

الفلسطينيون في المقابل، أقله في وسائل الإعلام، تحدثوا عن شروط أربعة لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل، بعد أن تراجعت السلطة عن “الآلية الدولية الجديدة”، وهي: وقف الاستيطان، اعتماد خط الرابع من حزيران أساساً لحل الدولتين، الإفراج عن أسرى، وجدول زمني واضح ... والحقيقة أن هذه ليست شروطاً مسبقة ليُطلب إلى الفلسطينيين التراجع عنها تفادياً لغضب ترامب أو إزعاجه، بل هي استحقاقات واجبة النفاذ عملاً بالاتفاقات السابقة، فضلاً عن كون المفاوضات، أي مفاوضات، لا يمكن أن تكون مظلة لشرعنة الاستيطان وتوسيعه.

في الحل الإقليمي المقترح، يبدو أن ترامب عاقد العزم، حتى الآن على الأقل، لترتيب لقاء عربي – إسرائيلي يحضره الرئيس عباس، في عمان أو القاهرة، يجري في خلاله الإعلان عن استئناف المفاوضات، وسط سيل مفرط من الأحاديث عن “القواسم والجوامع المشتركة” التي تربط إسرائيل بعرب الاعتدال، لمواجهة إيران والإرهاب ... إسرائيل في المقابل، تريد للحل الإقليمي أن يكون نقطة الانطلاق المطلوبة لتشكيل “ناتو” إقليمي في مواجهة إيران، وبعد ذلك، وبعده فقط، يمكن التفكير في أشكال من الحلول للقضية الفلسطينية، المؤكد أنها لا تشتمل على دولة فلسطينية مستقلة، وقابلة للحياة.

خيارات الرئيس عباس تبدو صعبة للغاية، فلا هو قادر على “تغيير جلده” وإعلان الانسحاب من هذا المسار المفرغ من كل مضمون، بما يعني الاصطدام مع ترامب وإدارته في لحظة يبدو أن العرب جميعاً يهرولون لخطب وده وكسب رضاه، ولا هو على يقين بأن الطريق الذي سيسحبه ترامب لسلوكه، سيفضي في نهايته إلى تلبية الحدود الدنيا من تطلعات الشعب الفلسطيني وأحلامه.

الترويكا الأمريكية التي تتولى الإمساك بملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، لا تقل تطرفاً ويمينية عن الترويكا الحاكمة في إسرائيل ... ثلاثة يهود متصهينين، من غلاة الداعمين للاستيطان والمطالبين بتوسيعه والمنخرطين في عمليات جمع التبرعات لمستوطناته وبؤره، هم الذي يقفون على رأس هذا الملف: جاريد كوشنر، جيسون جرينبلات وديفيد فريدمان، الأول صهر الرئيس، والثاني خريج معهد يشيفا التلمودي في القدس والثالث، كبير مساندي مستوطنة بيت إيل قرب رام الله، والأخيران لعبا دوراً مهماً لشطب كل ما يتعلق بدعم قيام دولة فلسطينية في برنامج الحزب الجمهوري، أو الإشارة إلى الضفة الغربية والقدس بوصفها مناطق محتلة، فضلاً عن كونهما لعبا دوراً رئيساً في “إنضاج” مواقف ترامب المتحمسة لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس وعدم ممارسة أي ضغط على إسرائيل لا لوقف الاستيطان ولا لتقسيم القدس، ولا للقبول بأي حل نهائي لا ترغب فيه.

“المكتوب يُقرأ من عنوانه”، وهؤلاء يشكلون مع الثلاثي نتنياهو – ليبرمان – بينيت، فريقاً متجانساً، تلمودياً وصهيونياً، سيتولى التفاوض مع الرئيس عباس وهو في أسوأ حالاته، فلا هو ممسك بزمام الوضع الداخلي الفلسطيني الذي ينذر بكل الانقسامات والانفجارات، ولا علاقاته مع العواصم العربية والإقليمية في أحسن حالاتها، بل ثمة سباق محتدم بين المحاور الإقليمية المتصارعة للإمساك بالورقة الفلسطينية وإعادة تشكيل المشهد الفلسطيني لمرحلة ما بعد عباس.

ومشاريع الحلول المعروضة عليه، تعيده إلى مربع بلير – دايتون الأول قبل عشر سنوات، فالسلطة يجب أن تفي بكل التزامات “التنسيق الأمني” وتواصل مسعاها لخلق “الانسان الفلسطيني الجديد” ... والسلام الاقتصادي الذي بشّر به بلير، ترجمة لنظرية نتنياهو بالأساس، هو العرض الوحيد القابل للقياس الذي يمكن أن يحصل عليه، ودائماً نظير تنازلات جوهرية، تبدأ بإطار فضفاض للمفاوضات، ولا تنتهي بطبيعة الحل المقترح.

المصدر : صحيفة الدستور

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترويكا أميركية أسوأ من الترويكا الإسرائيلية ترويكا أميركية أسوأ من الترويكا الإسرائيلية



GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 01:08 2019 الثلاثاء ,30 تموز / يوليو

الواقعية.. والوقوعية جرينبلات متصهينًا

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة

GMT 08:20 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

ترامب وبوتين يتفقان علي إعادة النظام إلى الجنوب

GMT 09:31 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج العقرب

GMT 09:56 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

أخطاء مكياج شائعة تجعلك تتقدمين في السن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon