توقيت القاهرة المحلي 00:40:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تهافت الرواية الفرنسية

  مصر اليوم -

تهافت الرواية الفرنسية

عريب الرنتاوي

أرجأت باريس اجتماعاً دولياً حول “عملية سلام الشرق الأوسط”، كان من المفترض أن ينعقد في غضون الأيام القليلة القادمة، توطئة لمؤتمر دولي، أنيطت به مهمة إحياء هذه العملية التي تعاني موتاً سريرياً مديداً، واستنقاذ ما تبقى من فرص إنفاذ “حل الدولتين”. في الرواية الرسمية الفرنسية، أن التأجيل إنما يعود إلى ازدحام “أجندة” وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، بيد أن الأمل ما زال معقوداً على أن يجد اجتماع باريس “فسحة” من الزمن على رزنامة الوزير الأمريكي في الصيف القادم .... هكذا بكل بساطة، يجري ترحيل مبادرة جرى الحديث عنها منذ ازيد من عام، وأورثها الوزير المرتحل لوران فابيوس لخليفته جان جاك إيرو، لازدحام في أجندة وزير، فيها من المتسع للسفر إلى أربع أرجاء العالم والبحث في مختلف أزماته وقضاياه ولقاءات مع مئات الشخصيات، وليس فيها بضع سويعات لاجتماع حول الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. والحقيقة انه لا يمكن أخذ التبريرات الفرنسية المتهافتة على محمل الجد، فالأسباب الحقيقة للتأجيل تكمن أساساً في رفض إسرائيل، القاطع والصريح للمبادرة، وهذا الموقف الذي اتخذ طابعاً أكثر حدة، بعد القرار الصادر عن اليونيسكو حول القدس، وهو القرار الذي شجبته تل أبيب بقوة، واعتذرت فرنسا مراراً وتكراراً عن “خطأ” المصادقة عليه، وتعهدت العمل على تغيير النص في أول اجتماع قادم، بعد أن وجدت نفسها في موقف “دفاعي” “تبريري” مؤسف أمام ابتزاز نتنياهو وحكومته وجماعات الضغط اليهودية في فرنسا. واشنطن بدورها لم تُبد حماساً ظاهراً للمبادرة الفرنسية، وهي أحجمت من قبل عن إعطاء ضوء أخضر لباريس لمواصلة مسعاها، والمؤكد أنها لم تغير موقفها حتى اللحظة الراهنة، سيما في ضوء المعلومات التي تتردد من واشنطن، عن مسعى لإدارة أوباما لـ “إجمال” موقفها من “عملية السلام” في موقف يعلنه الرئيس الأمريكي، ويكون بمثابة “وديعة” للرئيس الذي سيخلفه في البيت الأبيض، من دون إفصاح عن الكيفية التي سيجري بها “إخراج” هذا الموقف أو تخريجه. السلطة الفلسطينية التي رفعت سقف الرهانات على المبادرة الفرنسية والتوقعات المترتبة عليها، وطاف قادتها في عواصم عدة، لشرحها وحشد التأييد لها، لا شك أسقط في يدها، وسواء أكانت تعرف مسبقاً بنية باريس تأجيل الاجتماع الدولي كما يقول أحد وزرائها، أو أنها أُخذت على حين غرة، كما يرجح كثيرون، فإن النتيجة المخيبة للآمال تبقى واحدة، وسيتعين عليها تمديد حبل الانتظار من جديد، علّ وعسى أن يطرأ ما ليس في الحسبان. كنا من قبل نصف الدور الأوروبي، الفرنسي/ البريطاني في المنطقة بـ “الدوبلير” الذي يحضر على خشبة المسرح في غياب الممثل الأصيل، وبالتنسيق معه، مستلهما صورته وحركاته وصوته إن أمكن ... كنا ننتقد “تبعية” الموقف الأوروبي لواشنطن حيال معظم قضايا المنطقة، وليس القضية الفلسطينية فحسب ... اليوم، تتعمق التبعية، وترتهن المبادرات الأوروبية (الفرنسية في حالتنا الراهنة) برزنامة الوزير الأمريكي وجدول مواعيده المزدحم. كاد الغريق الفلسطيني أن يمسك بـ “قشة” المبادرة الفرنسية، بيد أنها أفلتت منه هذه المرة، كما في حالات عديدة سابقة ... لكنه لن يفقد الرجاء على ما يبدو، بفرص حصوله على “قشة” أخرى ممدودة له من هذه العاصمة أو تلك ... هكذا هو حال فاقدي الخيارات والبدائل، المرتهنين دوماً لخيار “تجريب المجرب” ذاته الذي ثبت إفلاسه وعجزه ... أما الذين أخرجوا ألسنتهم من قطاع غزة شامتين وفرحين، فإن حالهم ليس أفضل من حال أشقائهم في الضفة الغربية، فسقف مشروعهم هبط من “زلزلة” الأرض تحت أقدام الغزاة، إلى تأمين الرواتب لأربعين ألف موظف ومنتفع، تم الزج بهم لأسباب فصائلية ضيقة، في جهاز السلطة المترهل. بمعزل عن حالة التهافت التي تعيشها الساحة الفلسطينية بشطريها، المحتل والمحاصر نقول: لم نر في المبادرة الفرنسية من قبل أية نافذة فرص لـ “حل الدولتين”، لأننا من ضمن قائلين كثر، أن هذا الحل بالأصل، بات وراء ظهورنا ولم يعد أمامنا. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تهافت الرواية الفرنسية تهافت الرواية الفرنسية



GMT 15:16 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

مَنْ ينبش كوابيس الفتنة ؟!!

GMT 06:13 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

تحوّل استراتيجي

GMT 08:20 2019 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

من هنري كيسنجر إلى آفي بيركوفيتش

GMT 07:53 2019 الجمعة ,03 أيار / مايو

رسائل البغدادي المفتوحة و«المشفّرة»

GMT 06:44 2019 الخميس ,02 أيار / مايو

واشنطن و «الاخوان»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon