توقيت القاهرة المحلي 20:55:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مغناطيس الإرهاب ومطحنته

  مصر اليوم -

مغناطيس الإرهاب ومطحنته

عريب الرنتاوي

وصف الناطق باسم الخارجية الأمريكية الرئيس السوري بأنه “مغناطيس الإرهاب”، لا ندري إن كان وجود “مغناطيس” لجذب الإرهابيين ومركزيتهم، أمراً يزعج واشنطن أم يريحها ... ما لم يقله الناطق الرسمي، ورد في إحدى تغطيات صحف لبنان للأزمة السورية أمس: سوريا تحولت إلى “مطحنة” للإرهاب والإرهابيين. “مغناطيس” و”مطحنة” .... هل تريد واشنطن شيئاً أكثر من هذا؟ ... ألا تفسر نظرية “المغناطيس” و”المطحنة”، ميل واشنطن لإطالة أمد الأزمة السورية وتفادي الحسم سياسياً أو عسكرياً لهذا الصراع المرير؟ .... أليس “القاتل” و”القتيل” في سوريا، مندرجين في خانة “الأرباح الأمريكية/ الإسرائيلية” الصافية؟ “المطحنة” السورية، تقضي في يوم واحد، على أعداد من الإرهابيين تفوق ما تفعله طائرات واشنطن بطيار ومن دونه، في سنة أو أكثر ... هل هذا شيء يزعج واشنطن؟ ... هل كان بالإمكان فعل ذلك لولا نجاح “المغناطيس” في جذب هؤلاء بالمئات والألوف لملاقاة حتفهم في “المحرقة السورية”؟ ... ثم كيف أمكن لهؤلاء “المنجذبين” الوصول إلى سوريا؟ ... من موّل وخطط ونفذ؟ ... من فتح الحدود على جميع مصاريعها أمامهم، زرافات ووحدانا؟ .... من ضخ مليارات الدولارات في عروق هذه الجماعات، تمويلاً وتسليحاً وتدريباً، أليسوا جميعاً من دون استثناء، أصدقاء واشنطن وحلفاؤها؟ ... ألم يفعلوا ذلك بعلمها وتواطؤها وموافقتها في كثير من الأحيان؟ ... هل حركت واشنطن ساكناً لوقف انجذاب “الإرهابيين” وتجفيف مصادرهم وتقطيع طرق تنقلهم وإمدادهم، وتيبيس عروقهم؟ واشنطن فرحة بما يحصل، فثمة من يقوم بالمهمة نيابة عنها، وسيكون بمقدورها مع نهاية العام الحالي، إن ظل الحال على هذا المنوال، أن تمنح قطاعات واسعة من وحدات محاربة الإرهاب، إجازة مفتوحة، حتى إشعار آخر. لن نجادل كثيراً في حكاية “المغناطيس” وما إذا كان الإرهابيون بحاجة لمغناطيس من أي نوع لبدء موسم الحجيج إلى حلب وكسب ومعلولا ... هل جاؤوا ثأراً من جرائم النظام ضد الأغلبية السنيّة، ام جاؤوا بمشروع “الدولة” و”الخلافة” و”إقامة شرع الله وحدوده”؟ ... ألم يفعلوا ذلك في العراق، ومن قبله في أفغانستان، ومن قام بدور “المغناطيس” في تلك الساحات لجذب الإرهابيين ... أليس لدى واشنطن رواية أخرى للأزمة السورية، غير رواية “المجاهدين” ورعاتهم وفقهائهم؟ ... ألم يقارفوا من الجرائم ما يجعل جرائم “المغناطيس” تفصيلاً صغيراً إلى جانبها؟ أما عن الجيش السوري، الذي اكتوى ويكتوي بدوره بنيران “الإرهاب” ... فإن إضعافه وتجريده من أنيابه ومخالبه، ومختلف عناصر قوته واقتداره، كان على الدوام، هدفاً من أهداف السياسة الأمريكية ... لم تتوان عن “بلع” تهديداتها بضرب النظام وذراعه العسكرية، طالما أن الثمن هو تسليم الترسانة الكيماوية للأمم المتحدة، ودائماً لحفظ أمن إسرائيل، وليس رأفة بحال الشعب السوري، كما قيل وأشيع. أليست عمليات الاستنزاف المتواصلة للجيش السوري، هي واحدة من أهداف واشنطن الكامنة وراء إدامة الحرب وإطالة أمدها ... حتى الآن، سقط ما يزيد عن خمسين ألف جندي سوري، وجرى تدمير منشآت ومعدات ومصانع عسكرية ومطارات، كانت تشكل البنية التحتية لهذا الجيش، فهل تريد أمريكا، وبالأخص إسرائيل، سيناريو أفضل من هذا؟ (بالمناسبة عدد قتلى الجيش أكثر من عدد القتلى المدنيين وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهذه من أغرب النسب في العالم) في تموز عام 2006، قاتلت إسرائيل حزب الله بكامل عدتها وعدادها، فماذا كانت النتيجة؟ ... خرج الحزب من الحرب متوجاً بأكاليل النصر والغار، وبالتفاف شعبي منقطع النظير ... وما هي إلا سنوات قلائل، حتى ضاعف الحزب قدراته العسكرية بأكثر مما كانت عليه قبل الحرب واثنائها. الآن يقاتل الحزب في سوريا، بلا غطاء من خارج إطار حاضنته المذهبية، أو بعضها على الأقل، يفقد مئات المقاتلين الأشداء والمتمرسين الذين أعدهم لقتال إسرائيل على الأرض السورية، والأهم يفقد الالتفاف الشعبي العربي من حوله، بعد أن بات يُنظر إليه من قبل تيارات سياسية محلية وعربية، بوصفه ميليشيا مذهبية، لا حركة مقاومة شعبية مسلحة رائدة ... هل تريد واشنطن، وبالأخص إسرائيل، نتيجة أفضل من هذه؟ ... ما عجزت إسرائيل بآلتها الحربية العملاقة عن فعله، يتحقق لها الآن على الأرض السورية، ومن دون أن تخسر قطرة دم واحدة ... فهل من مصلحة الحليفتين الاستراتيجيتين إنهاء الحرب، أم أن مصلحتهما في إدامتها وإذكاء أوارها؟ ما كان لنظرية “المغناطيس” أن تفعل فعلها لولا المال العربي والتسهيلات التركية والدعم الأمريكي – الإسرائيلي ... أما الضحية الأبرز لهذه النظرية، فهو الشعب السوري، الذي لم يعد يتعرف على “الثورة” التي أطلقها قبل أكثر من ثلاث سنوات، وعبثاً يجهد في العثور على شعاراته الأولى من بين ركام الخرائب والرايات السوداء ومدن الحرب العالمية الثانية في سوريا: الكرامة والحرية "الدستور"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مغناطيس الإرهاب ومطحنته مغناطيس الإرهاب ومطحنته



GMT 15:22 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الفشل الأكبر هو الاستبداد

GMT 15:21 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

حافظ وليس بشار

GMT 15:17 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

سلامة وسوريا... ليت قومي يعلمون

GMT 15:06 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

التسويف المبغوض... والفعل الطيِّب

GMT 15:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

نُسخة مَزيدة ومُنَقّحة في دمشق

GMT 15:03 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

الشهية الكولونيالية

GMT 15:01 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

البحث عن الهوية!

GMT 13:05 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

عودة ديليسبس!

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

شام الذهبي تعبر عن فخرها بوالدتها ومواقفها الوطنية

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 15:39 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

"المركزي المصري" يتيح التحويل اللحظي للمصريين بالخارج

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 06:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مواعيد مباريات اليوم الاثنين 23 - 12 - 2024 والقنوات الناقلة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon